وزير خارجية فرنسا: النظام السوري سيسقط لا محالة

جوبيه يحدد محاور التحرك الفرنسي الـ4 إزاء دمشق

آلان جوبيه (أ.ف.ب)
TT

خطت باريس خطوة إضافية في حملة الضغوط السياسية والاقتصادية التي تقوم بها ضد النظام السوري والتي يقودها وزير الخارجية آلان جوبيه بينما الرئيس ساركوزي منهمك في معالجة أزمة اليورو والديون في أوروبا، وذلك قبل أيام من قمة كان لدول مجموعة العشرين الاقتصادية التي ستلتئم يومي الخميس والجمعة المقبلين.

وبعد أن اتهم جوبيه، في الكلمة التي ألقاها في نيودلهي، بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها للهند في 21 الحالي، النظام السوري بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية»، ذهب أمس في تصريحات إذاعية صباحية أبعد من ذلك إذ اعتبر أنه «زائل لا محالة»، مؤكدا، في الوقت عينه، أن باريس ماضية في تحركها في مجلس الأمن الدولي، رغم الفشل الذي منيت به المجموعة الغربية في استصدار قرار يدين سوريا.

ووصف الوزير الفرنسي الذي تدفع بلاده باتجاه عقوبات إضافية أوروبية ضد الشركات والأشخاص الذين تعتبرهم من الداعين للنظام، الممارسات القمعية بأنها «همجية» و«لا يمكن قبولها» حيث إن قوات الأمن «تمارس العنف بحق الأطفال وتعذب وتقتل العشرات يوميا من بين المتظاهرين المسالمين». وخلاصة الوزير الفرنسي أن هذا الوضع «سينتهي بسقوط النظام وهو أمر لا مفر منه».

غير أن جوبيه لا يتوقع انهيارا سريعا للنظام بل يرى أن ذلك «سيأخذ للأسف بعض الوقت لأن الوضع معقد ولأن هناك تهديدا باندلاع حرب أهلية بين الطوائف السورية ولأن الدول العربية المحيطة لا تريد لنا أن نتدخل».

وشرح الوزير جوبيه استراتيجية التحرك الفرنسية التي تدور على أربعة محاور: استمرار العمل في مجلس الأمن الدولي، وعقوبات أوروبية متصاعدة ضد النظام السوري ومصالحه وأعمدته، والتشاور والتنسيق مع الدول العربية والمجاورة لسوريا وعلى رأسها تركيا وأخيرا توفير الدعم للمعارضة السورية وخصوصا المجلس الوطني. وختم الوزير الفرنسي كلامه متوجها للسوريين مباشرة بقوله إن فرنسا «لن تتخلى عن السوريين الذين هم ضحايا قمع لا يمكن قبوله».

وفي المحور الأول، ترى باريس أن الموقف الذي التزم به مجلس الأمن الدولي إزاء سوريا «معيب» بل يشكل «لطخة» على وجه المنظمة الدولية العاجزة عن اتخاذ موقف يكون بمستوى خطورة الوضع في سوريا. وفي هذا السياق، تقول المصادر الفرنسية إنه رغم الصعوبات الناتجة عن موقف روسيا والصين، فإن الأمور «يمكن أن تتحرك» في الأيام والأسابيع المقبلة. وتقدر باريس أن موقف موسكو يعود بالدرجة الأولى لاعتبارها أنها «غرر بها» في الملف الليبي وأن الغربيين تذرعوا بحجة «حماية المدنيين» من بطش القذافي ليتدخلوا بشكل سافر وبغرض إسقاط نظامه. ولذا، فإن الجانب الروسي «متردد» رغم التطمينات والتنازلات التي قبل الغربيون (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، والبرتغال وبدعم أميركي) بتقديمها لإرضاء بكين وموسكو ودفعهما ليس إلى تأييد مشروع القرار بل الامتناع عن التصويت كما فعلت أربع من الدول غير دائمة العضوية (البرازيل، والهند، وجنوب أفريقيا ولبنان».

وأفادت مصادر دبلوماسية في باريس بأنه بدأ البحث في أروقة مجلس الأمن بين ممثلي الدول الغربية الأربعة لتقديم نص قرار جديد سيطرح قريبا على الدول الأعضاء في المجلس حتى تتوفر الفرصة للمجلس أخيرا ليتحمل مسؤولياته إزاء سوريا.

وفي موضوع العقوبات الأوروبية، ترى المصادر الدبلوماسية أنها «بدأت تفعل فعلها لكنها تحتاج لمزيد من الوقت لكي تصبح قادرة على التأثير على دعائم النظام» من البورجوازية التجارية والخدماتية والصناعية الذين وقفوا حتى الآن إلى جانبه. وتقدر هذه المصادر أن المنتفعين من النظام بدأوا يلمسون أن استمراره «غير مؤكد»، وبالتالي فإن ضمان مصالحهم «لا يمر حتما به».

ويسعى الاتحاد الأوروبي بعد أن منع التعامل بالخامات النفطية السورية والاستثمار في هذا القطاع إلى استهداف القطاع المصرفي على نطاق واسع بعد أن فرض عقوبات المصرف التجاري السوري والغرض من ذلك الضغط ماليا على النظام وإعاقة معاملاته الخارجية. لكن لم يذهب الاتحاد الأوروبي بعد إلى حظر التعاملات التجارية مع سوريا لأنه لا يريد كما يقولون الدبلوماسيون المشار إليهم إصابة عامة الناس بل التصويب على رأس النظام والشركات التي توفر له عناصر القوة والديمومة.

وتنظر باريس ببعض الإيجابية إلى بدء التحرك العربي الفعلي باتجاه سوريا الأمر الذي تمثل في اجتماع مجلس الجامعة العربية مؤخرا في القاهرة وبإرسال وفد يمثلها إلى دمشق. غير أن فرنسا ليست بالضرورة على «نفس الموجة» مع الجامعة العربية إذ إنها ترى أن النظام فقد شرعيته وعليه بالتالي أن يرحل وأن سقوطه «قادم لا محالة» كما قال جوبيه، وهو ما لا يتوافق تماما مع معنى الوساطة العربية. لكن بين الجانبين بعض نقاط التلاقي وأولها إصرارهما على وضع حد للعنف والقتل والانتقال إلى نظام ديمقراطي. لكن باريس ترى أن تحرك العرب ولو بهذا الشكل البطيء والخجول يبقى أفضل من غيابهم وصمتهم التامين.

يبقى موضوع الاعتراف بالمعارضة السورية وتحديدا بالمجلس الوطني. واللافت أن جوبيه تحاشى الحديث عن هذا الموضوع مكتفيا بالقول إن باريس «تحاور» المعارضة «مستخدما صيغة الجمع» وتدعمها في «نضالها السلمي» ما يفهم منه أن الوضع «لم ينضج بعد»، من أجل الاعتراف الرسمي الذي تقول باريس إن المعارضة السورية «لم تطلبه بعد».