دول العالم تطلب التجربة السعودية في التعامل مع الإرهاب.. من السلاح إلى المناصحة

الأمير نايف طور قطاعات الأمن واستحدث عددا من الإدارات فحفظ الأمن ومنح المجرم حقوقه

TT

يعد الأمن العام من أهم مبادئ الأمن والسلامة داخل الأوطان، لذا ومنذ تقلد الأمير نايف بن عبد العزيز منصب وزير الداخلية عام 1979 وحتى اليوم فإنه قد أولاه الأهمية الكبرى حتى عُدت فترته عصرا ذهبيا لوزارة الداخلية، حيث شهدت الوزارة تطورات فيما يتعلق بأعمالها وأجهزتها المختلفة.

وشهد قطاع الأمن العام منذ تولي الأمير نايف وزارة الداخلية استحداث إدارات متخصصة، وبرز اهتمامه واضحا بتطوير كافة قطاعاته بإنشاء المعاهد العلمية ومراكز التدريب، فأنشأت قوات احتياطية للحالات التي تطلبها الطوارئ والمناسبات، فضلا عن استحداث عدد من القطاعات، منها قوة أمن المنشآت والقوات الخاصة لأمن الطرق، وتوسعت إدارات الأمن العام وفروعه حتى بلغت الآن قرابة ثلاثة آلاف وحدة إدارية تغطي جميع مناطق المملكة.

يقول علي السعدي مدير شرطة جدة: «عزاؤنا في فقيد الأمة الأمير سلطان بن عبد العزيز رجل الأعمال الإنسانية، أن تم اختيار الأمير نايف كولي للعهد، وهو أمر ليس بمستغرب، فكل العيون كانت تتجه لهذا الرجل الذي قدم للأمن ورجال الأمن بمختلف قطاعات وزارة الداخلية كافة الإمكانات التي جعلت منه ومن الأمن السعودي مضرب المثل في المنطقة، ولعل ما يحدث في الدول من مشاكل سياسيه لخير شاهد على ذلك».

وأضاف اللواء السعدي: «كل الموطنين ينظرون للأمير نايف نظرة اعتزاز ويدعون له بالتوفيق في مهامه الجديدة فهو رجل قائد وأعماله تشهد له فقد طور كافة القطاعات لقطاع الأمن حتى تطور القطاع بشكل مذهل وخلال فترات وجيزة ولم يبخل يوما بجلب أي تقنيات تسهم في خدمة المواطن وحفظ الأمن واستتبابه».

ويعد إنشاء هيئة التحقيق والادعاء العام قبل عقدين، تحولا كبيرا في مجال إقامة العدل، حيث تحددت مهمة الهيئة الرئيسية في التحقيق والادعاء العام في القضايا الجنائية، وتغطي أعمالها مناطق السعودية ومحافظاتها. كما تختص الهيئة بالجرائم الواقعة خارج البلاد والضارة بمصالحها الاقتصادية والأمنية. ونجحت الوزارة في هذه الفترة في التصدي لأكبر تحدٍّ واجهته الدولة والمتمثل في الإرهاب الذي اكتوت بناره بلدان العالم؛ ومنها الدول الكبرى، حيث تمكنت الوزارة من إحباط خطط الفئة الضالة ومواجهتهم بالحزم، بعد أن ذهب أبرياء ضحية لممارستهم الخاطئة التي لا يقرها دين أو عرف، واعتبرت السعودية نموذجا عالميا في مجال مكافحة الإرهاب، واستضافت عاصمتها الرياض مؤتمرا عالميا لبحث سبل مواجهة هذه الظاهرة العالمية.

وأقرت دول العالم تأسيس مركز عالمي لمكافحة الإرهاب أعلن من الرياض. وهنا يؤكد الدكتور أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات أن الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد وزير الداخلية ومنذ توليه منصب وزير الداخلية أعاد تنظيم الأمن العام من جديد، وأقامه على أسس علمية فوسع كليات قوى الأمن العام وجامعة الأمر نايف الأمنية وأدخل الحاسب الآلي للوزارة وأصبحت معنية بكافة جوانب الأمن داخليا.

أما من الجانب السياسي وبحسب عشقي فقد منع أي دولة خارجية أيا كانت من التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد في جوانب التحقيق وغيرها كما زود كافة القطاعات بأحدث الترتيبات والتقنيات وفرق بين الجوانب السياسية والعادية وثبت الحقوق الإنسانية للمجرم والسجين حتى أن السعودية تفوقت في هذا الجانب على دول متقدمة، فالسعودية الدولة الوحيدة في العالم التي لا يوضع المجرم في السجن إلا بعد ثبوت جرمه.

وأضاف الدكتور أنور عشقي: «كما حفظ الأمير نايف للمجرم حقوقه الكريمة وأعطاه حقوقه وواجباته كما استطاعت السعودية أن تسيطر على الأمن والإرهاب على الرغم من أن المملكة كانت الدولة الأولى في العالم المستهدفة في هذا الجانب». ومن خلال استراتيجية السعودية في التعامل مع هذا الجانب من الجوانب الأمنية والفكرية واستحداث الأمن الفكري من خلال برامج المناصحة التي نجحت بنحو85 في المائة وحولت بعض المغرر بهم إلى مواطنين صالحين مما دعا بعض الدول الأجنبية ومنها بريطانيا إلى إرسال وفد للأخذ بالتجربة السعودية في هذا الجانب.

وأشار عشقي إلى حنكة الأمير نايف في إدارة الوزارة وقطاعات الأمن العام من خلال التفريق بين القيادة الإدارية والقيادة الاستراتيجية ورسم الخطط، وهي السياسة التي أعطت المملكة بعدا أمنيا خاصا يحتذى به، كما استحدث عددا من الإدارات والقوات من أبرزها قوات الأمن الخاصة وقوات الحج والتحقيق والادعاء العام.

ويملك الأمير نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية، تجربة طويلة في العمل الأمني، فقبل توليه منصب وزارة الداخلية منذ 34 عاما، كان يشغل منصب وزير الدولة للشؤون الداخلية، وقبله كان نائبا لوزير الداخلية، ولمدة تقرب من 5 سنوات، وبذلك يُعد الأمير نايف رجل الأمن الأول.

وقسم النظام واجبات رجال الأمن العام إلى أقسام؛ عامة وقضائية وإدارية. فالواجبات العامة لرؤساء الوحدات في الأمن العام تشتمل على صلاحيات واختصاصات مدير الأمن العام ومديري الشرطة ورؤساء المناطق والمخافر وضباط الخفر وأقسام المرور والادعاء العام.

والواجبات القضائية تتضمن القواعد النظامية والإجراءات الإدارية التي يجب على رجال الأمن العام التقيد بها عند مباشرة التحقيق في الحوادث والقبض على مرتكبيها وتقديمهم للقضاء بعد جمع الأدلة ضدهم، وعن كيفية استقبال البلاغات، ومحاضر التحقيق، وتفتيش المنازل، وتوقيف المتهمين، وكل ما له علاقة بحقوق المجني عليه والجاني.

وبحسب الخبراء ظهرت حنكة الأمير نايف في تعامل المملكة مع قضايا الإرهاب برؤية كانت مثار استغراب العالم عندما طرحها للوهلة الأولى وهي الأمن الفكري أقوى الأسلحة لمواجهة الإرهاب كما بينت الاستراتيجية التي تبعتها وزارة الداخلية السعودية والنجاحات التي حققتها، استفاق العالم بعدها على تبني رؤية نايف الأمير من قبل دول كبرى كأميركا وبريطانيا ناهيك عن الدول العربية والإسلامية التي نقل فيها استراتيجية التعامل مع هذه الحركات بالسلاح إلى استراتيجية التعامل الفكري بتجفيف منابع التطرف، لذلك ظل الملف الأمني السعودي متماسكا ومتينا مقارنة بدول أخرى مشابهة.

ونايف الأمن والأمان قادر على إدارة الدولة بعيدا عن الأساليب البوليسية، إلا في ملف الإرهاب!! لتشكل المملكة بقعة من أكثر أماكن العالم أمنا وباعتراف هذه الحركات.

ولعل الأحداث الإرهابية التي ضربت السعودية في مايو (أيار) 2003، كانت أحد أبرز الأحداث الحاضرة في الذهن والتي تصدى لها النائب الثاني، كما عرف عنه من رباطة جأش وحزم في التعامل مع كل من يلامس الأمن الذي يعتبر خطا أحمر بالنسبة له، لا يقبل الاقتراب منه.

وتتلخص الواجبات الإدارية لرجال الأمن العام في حفظ النظام وصيانته، واتخاذ الأسباب التي تؤدي إلى منع الجريمة والتخفيف من آثارها على المجتمع، وحفظ الآداب العامة التي تمثل الوظيفة الاجتماعية للشرطة. وهناك واجبات ملكية تتمثل في الحث على الصدق والأمانة والنزاهة في العمل وحسن الخلق وطيبة التعامل مع الجمهور وتنفيذ الأوامر بإخلاص مع التضحية في سبيل الواجب وعدم المبالغة أو تهويل الأمور.

يذكر أن مديرية الأمن العام تشرف على جميع الخدمات الأمنية. علاوة على واجبات الشرطة الأساسية. فأعمال إدارات كل من الجوازات والجنسية والدفاع المدني (المطافئ سابقا) والمباحث العامة وكلية الشرطة كانت جميعها ضمن مسؤولية الأمن العام قبل أن تصبح هذه الإدارات قطاعات مستقلة تتبع وزارة الداخلية مباشرة بعد فصلها عن الأمن العام نتيجة لتوسع أعمال هذه الإدارات من جهة ولتعاظم مسؤوليات جهاز الأمن وكثرة واجبات الشرطة من جهة أخرى.

وكانت مديرية الأمن العام تمد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأفراد عسكريين وضباط لمساعدة الهيئة في أداء مهامها لأن الهيئة كانت وما زالت تؤدي خدمات تساعد الأمن العام من أهمها حفظ الآداب العامة.

ونتيجة لتوسع أعمال الأمن العام وتعاظم مسؤولياته ليس بمستغرب أن يحتاج مديره إلى من يساعده في تصريف الشؤون الإدارية، فأحدث عام 1952 منصب وكيل الأمن العام لشؤون المباحث والجوازات والجنسية. وأصدر مجلس الشورى تعليمات تحدد مسؤوليات وصلاحيات وكيل الأمن العام. ومع توسع تشكيلات الشرطة احتاجت إجراءات الضبط الجنائي والإداري فيها إلى دعمها بضباط شبان مؤهلين ومتخصصين في العلوم الجنائية. وتحقيقا لهذا الهدف أنشئت مدرسة الشرطة عام 1935 بمكة المكرمة لتغذية جهاز الشرطة بضباط ومحققين.

وكان مؤهل القبول فيها الشهادة الابتدائية ومدة الدراسة سنتان، يتخرج منها ضباط وضباط صف ويتم منح الرتب حسب المؤهل الدراسي ومدة الدراسة، ثم نقلت المدرسة بعد 31 عاما إلى الرياض وتحولت إلى كلية للشرطة بعد أن تخرج منها ما يقارب 900 ضابط، ثم فصلت عن الأمن العام وألحقت بوزارة الداخلية وسميت كلية قوى الأمن الداخلي وأصبحت مدة الدراسة فيها ثلاث سنوات مع رفع مستوى القبول إلى الثانوية العامة.

وترتبط بالأمن العام عدة قطاعات منها الدفاع المدني والتي كان يطلق عليها رئاسة عموم فرق «المطافي» وتحولت إلى المديرية العامة للمطافي عام 1380، وتم ربطها بوزارة الداخلية، ثم تحول اسم هذه الإدارة إلى «المديرية العامة للدفاع المدني» عام 1385.

وصدر عام 1406هـ نظام الدفاع المدني الذي عَرّف الدفاع المدني بأنه «مجموعة الإجراءات والأعمال لحماية السكان والممتلكات العامة والخاصة من أخطار الحرائق والكوارث والحروب المختلفة، وإعانة المنكوبين وتأمين سلامة المواصلات والاتصال وسير العمل في المرافق العامة، وحماية مصادر الثروة الوطنية وذلك في زمن السلم وفي حالات الحرب والطوارئ». ويتشكل جهاز الدفاع المدني من ثلاث هيئات، مجلس الدفاع المدني، والمديرية العامة للدفاع المدني، ولجان الدفاع المدني.

وتشرف المديرية العامة للدفاع المدني على معهد الدفاع المدني، وعلى عشرة مراكز تدريب. وللدفاع المدني السعودي علاقات وطيدة على الصعيد الخارجي مع أجهزة الدفاع المدني والهيئات الدولية للإفادة والاستفادة من الخبرات والتطورات العلمية. وقد انضمت المملكة عام 1382هـ إلى المنظمة الدولية للدفاع المدني.

كانت مدرسة الشرطة التي أنشئت في مكة المكرمة عام 1354هـ النواة الأولى في البناء العلمي لقطاعات الأمن.

وبموجب أمر ملكي صدر عام 1403هـ تأسست «المديرية العامة لكلية الملك فهد الأمنية والمعاهد» بوصفها تنظيما يضم معاهد التدريب وإعداد القوى العاملة التابعة لقطاعات الوزارة العسكرية. وافتتح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله كلية الملك فهد الأمنية ووضع حجر الأساس لمشروع المقر الدائم للكلية عام 1405هـ.

وتتميز مقررات الكلية الدراسية بالشمول. وتشمل الكلية بعض الأجنحة المتخصصة في العلوم الأمنية وتضم متحفا كبيرا يحمل اسم «التراث الأمني في المملكة العربية السعودية».

فيما يتضمن قطاع المديرية العامة للمباحث والذي نشأ في المملكة عام 1380 عندما تم إنشاء إدارة متخصصة في أعمال المباحث العامة، وتم ربطها بوكيل وزارة الداخلية. واستقلت المباحث العامة إداريا عن وكيل الوزارة عام 1387.

وأعيد تشكيل المباحث العامة عام 1392هـ بإجراء بعض التعديلات على إدارات المديرية وشعبها. وأعيد تنظيم المديرية عام 1406 استجابة للتقدم الحضاري والعمراني والثقافي والاقتصادي الذي تشهده المملكة، وتزايد أعداد العمالة الأجنبية في أرجائها.

وأوكلت أعمال الجوازات والأمن والإقامة إلى الشرطة في مكة المكرمة عند إنشائها عام 1344هـ وشهد هذا القطاع تطورات تنظيمية متعددة. في عام 1391هـ عين وكيل وزارة مساعد لشؤون الجوازات والجنسية وجرى تأهيل عسكريين متخصصين للقيام بأعمال الجوازات والجنسية ثم صدر عام 1393هـ قرار وزاري بتنظيم أعمال معهد الجوازات ليقوم بدوره في إعداد القوى البشرية وتأهيلها في هذا المجال، وكان ذلك من خطوات تحويل الجوازات إلى قطاع عسكري.

وفي عام 1402هـ تم إنشاء «المديرية العامة للجوازات»، وتم ربطها مباشرة بوزير الداخلية ونائبه. وتتلخص مهام المديرية في الإشراف على معهد الجوازات ومنح الجوازات للمواطنين وضبط عملية مغادرتهم وقدومهم إضافة إلى منح تأشيرات الخروج والعودة والخروج النهائي للمقيمين واتخاذ الإجراءات اللازمة لنقل كفالتهم ومراقبة أوضاعهم وتوقيع العقوبات على المتخلفين منهم. والحد من أضرار التستر وتلقي قوائم الممنوعين من دخول المملكة وتطبيق نظام السفريات السعودي ونظام الإقامة، وإعداد إحصاءات سنوية بالقادمين إلى المملكة بقصد الزيارة والعمرة والحج، والقادمين بقصد الإقامة للعمل.