النظام يرتكب مجزرة في جمعة «الحظر الجوي» في حمص وحماه.. ويعتقل المئات

مقتل 35 شخصا.. واشتباكات بين منشقين وقوات الأسد.. والنظام يقطع الاتصالات والإنترنت عن المناطق الساخنة * باريس: مساع لاستصدار قرار جديد ضد سوريا

متظاهر في حلب يرفع لافتة أمس يتساءل فيها عن جدوى المهلة العربية التي منحت للأسد لوقف القمع (أ.ف.ب)
TT

وقعت مجزرة أمس في مدينتي حمص وحماه في «جمعة الحظر الجوي» التي تظاهر فيها عشرات الآلاف من السوريين المناهضين لنظام الرئيس بشار الأسد في مدن سورية عدة للمطالبة بفرض حظر جوي للبلاد لحمايتهم من القوات الموالية للنظام أسوة بليبيا. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 35 شخصا قتلوا أمس برصاص القوات السورية بينما قضي اثنان متأثرين بإصابات لحقت بهما أول من أمس ليبلغ مجموع قتلى أمس 37 قتيلا أغلبهم في حمص.

وأورد المرصد الذي مقره في لندن أن «12 شخصا قتلوا في مدينة حماه بينما قتل 20 في حمص، وقتل اثنان في مدينة تسيل بمحافظة درعا وقتل شخص في مدينة القصير في ريف حمص»، وتابع أن «شخصا من قرية كرناز بريف حماه توفي، وتوفي آخر من قرية كفرنبودة، متأثرين بجروح أصيبا بها الخميس».

وأضاف المرصد أنه سجل الجمعة «إصابة أكثر من مائة شخص واعتقال أكثر من 500 شخص» في أنحاء مختلفة من سوريا.

وبث ناشطون يوم أمس فيديو يظهر فيه قصف حي بابا عمرو في حمص حيث انتشر دخان كثيف في الشوارع، التي خلت من الناس عدا قلة قليلة جدا من الشباب كانوا يخرجوا إلى الشارع يصورون القصف ويكبرون ليعودوا ويختفوا وراء أبواب المنازل، كما سمع صوت أحد السكان يتساءل عن ماهية رائحة تنتشر في الأجواء مع تكاثف الدخان الناجم عن القصف.

ومنذ أشهر، تشهد حماه وحمص ومدن سورية أخرى احتجاجات مناهضة للنظام السوري تواجه بقمع دام من جانب النظام.

وقال النشطاء إن الجيش السوري «ينفذ عمليات عسكرية وأمنية في القصير بريف حمص منذ أسابيع عدة وسط قتال بين قوات الجيش ومن يشتبه بأنهم منشقون عنه»، وأضاف أنه «رغم الحصار وانتشار نقاط التفتيش وحصار المساجد فقد نظم المتظاهرون مظاهرة حاشدة في كفرنبل البلدة القريبة من إدلب قرب الحدود التركية مطالبين بفرض منطقة حظر جوي».

وتكرر المطلب في حمص التي شهدت عمليات دهم نفذتها قوات الجيش خلال الأسابيع الأخيرة، وقال المرصد إن المتظاهرين خرجوا الجمعة «في أغلب مناطق المدينة».

وخرج المحتجون من المساجد للتظاهر أمس، وأكد المرصد أن «نحو 20 ألفا ساروا في منطقة حي دير بعلبة في حمص» مطالبين بسقوط نظام الأسد.

وتحدث النشطاء عن «إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات في القصير» البلدة المضطربة قرب الحدود مع لبنان، حيث سعت قوات الأمن لفض مظاهرات خرجت من مساجد عدة. كما وقعت اشتباكات في حماه بين من يشتبه في أنهم من المنشقين عن الجيش السوري وقوات الجيش النظامي وقوات الأمن السورية، وفق ناشطين.

وقال ناشط ميداني لـ«الشرق الأوسط» إن حمص شهدت مواجهات عنيفة، كما أكد أحد أعضاء المكتب الإعلامي في مجلس الثورة في حمص، رفض ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن: «عدد القتلى وصل في حمص إلى 15 قتيلا». مشيرا إلى «مجزرة في باب عمرو قامت بها عناصر أمنية». وقد علمت «الشرق الأوسط» بأسماء القتلى الذين سقطوا برصاص الأمن السوري وهم: محمود عطية، طاهر البني، والدكتور علي الحزوري، عبد الرحمن الصوفي، محمود جانصيص، هيفاء الكردي، محمد علي ازميرلي، أسعد محمد دياب، إياد الدين الخطيب، علي الرحموني، جاسم محمد خليف الزعنوطة، والسيدة أم بدوي، ومعظم من قتل هم من مناطق حي البياضة وباب عمرو والعشيرة ودير بعلبة والمريجة.

وأوضح عضو المكتب لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الأمن السورية تلاحق في حمص الجرحى وتقتحم البيوت حيث يتم معالجتهم بعد تحول المستشفيات إلى مراكز أمنية تابعة لـ«شبيحة» النظام، وتقوم هذه القوات بقتل الجرحى واعتقالهم.

كما دهمت القوات السورية بلدة كفروما في محافظة إدلب (شمال غرب) حيث اعتقلت 13 شخصا بينهم امرأة وابنها البالغ الثانية عشرة من عمره، بحسب المصدر نفسه.

وفي معرة النعمان بإدلب تحول تشييع جندي من المنشقين قتل برصاص قوات الأمن أول من أمس، إلى مسيرة حاشدة تطالب بإسقاط النظام، وفي دير الزور (شرق) تعرض متظاهرون لإطلاق نار مع خروجهم من المساجد، وفق ناشطين.

كما أشار ناشطون إلى «قطع الاتصالات والإنترنت عن درعا وحمص وريف إدلب بشكل كامل»، وأفادت وكالة الأسوشييتدبرس أن النظام قطع الاتصالات الهاتفية والإنترنت عن ريف دمشق. كما تحدث ناشطون عن تحليق للطيران الحربي السوري فوق حوران ومناطق حمص. وأفاد أن 50 مجندا في الجيش وضابطا برتبة عميد في حمص انشقوا عن الجيش.

وفي دمشق أظهرت لقطات مصورة على موقع «يوتيوب» مشاركة مئات الأشخاص في احتجاج وهم يؤدون رقصة الدبكة وينشدون اقتباسا من قصيدة غنائية قديمة. ورددوا هتافات قالوا فيها إن الدموع تنساب من عيون الأمهات على الشباب السوري.

كما خرجت عدة مظاهرات في حي القابون والحجر الأسود ونهر عيشة وبرزة والعسالي والمعضمية والكسوة وداريا وغيرها؛ ففي القابون خرجت المظاهرة يوم أمس قبل صلاة الجمعة وهتفت للمدن المحاصرة وغنى الشباب «ارحل يا بشار» ورفعوا علم الاستقلال الليبي مهنئين الليبيين بانتصارهم، وقال ناشطون إن المظاهرة انفضت قبل وصول قوات الأمن التي قامت بإطلاق الرصاص على الشباب الذين وجدوا في مكان المظاهرة وجرت حملة اعتقالات. إلى ذلك، أعلن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، جيرار إرنو، في وقت متأخر من مساء أول من أمس، أن أعضاء مجلس الأمن الـ15 يمكن أن يلتقوا مرة جديدة للتشاور في استصدار قرار جديد ضد سوريا، بعد فشل المحاولة الأخيرة مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بسبب الفيتو المزدوج الروسي - الصيني.

وقال إرنو في تصريح صحافي: «نحن جميعنا نستفظع ما يجري في سوريا، وكل الوعود بالإصلاح لا توصل إلى أي مكان».

وتابع السفير الفرنسي: «ربما وفي وقت محدد قد نعود إلى مجلس الأمن» لاتخاذ خطوة مشتركة تستهدف سوريا.