اليمن: 15 جريحا دهسا بسيارة والجامعة العربية تدين

شخصية قانونية: الدولة تقوم بخلاف ما تمليه عليها مسؤوليتها القانونية تجاه مواطنيها

يمني يحمل خروف العيد بالقرب من سوق الماشية في العاصمة صنعاء استعدادا لعيد الأضحى الذي يحتفل به المسلمون في العاشر من ذي الحجة كل عام
TT

ندد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس الخميس، بأعمال العنف والقتل المستمرة في اليمن ضد المتظاهرين والمحتجين السلميين، وسط تصاعد لأعمال العنف في البلاد، وترقب لخطاب ذكرت وسائل إعلام رسمية أن الرئيس علي عبد الله صالح سوف يلقيه دون أن تحدد موعده. وقد ندد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أمس بأعمال العنف والقتل المستمرة في اليمن، وطالب بالوقف الفوري لجميع أعمال العنف وحقن الدماء وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين السياسيين بسبب الأحداث الأخيرة. وجدد العربي دعوته لتنفيذ مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لحل الأزمة اليمنية مناشدا الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الإسراع في التوقيع عليها «وفي أقرب الآجال.. استجابة لتطلعات الشعب اليمني في الحرية والتغيير والإصلاح السياسي السلمي ونزع فتيل الأزمة وما تحمله من تداعيات خطيرة على مستقبل اليمن وأمن المنطقة واستقرارها». وقد شهدت عدة مدن يمنية أمس مظاهرات حاشدة لمعارضي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذين طالبوا بمحاكمة صالح وأركان نظامه، في حين سقط عدد من الجرحى دهسا بسيارة أحد مؤيدي النظام، فيما اتهم قيادي في الحزب الحاكم المعارضة بالسعي لتفجير الموقف عسكريا بصورة أكبر مما هي عليه الحال الآن، واندلعت ثورة في فبراير (شباط) الماضي ضد نظام صالح للمطالبة بإسقاطه.

وتظاهر عشرات الآلاف من المحتجين على نظام صالح الذي يحكم اليمن منذ 33 سنة، حيث تركزت المسيرات الاحتجاجية في كل من صنعاء والبيضاء والحديدة وتعز، مطالبين المجتمع الدولي برفع الغطاء عن النظام وتحويل ملفه للجنايات الدولية، وندد المشاركون في المسيرات بالقصف الذي تعرضت له مدينة تعز جنوب العاصمة صنعاء، أول من أمس، حيث قتل أكثر من 11 شخصا وأصيب 52 آخرون. وفيما لم تسجل أي حوادث اعتداء على المسيرات، فيما عدا العاصمة صنعاء التي دهس أحد المؤيدين لصالح أكثر من 15 متظاهرا، 4 منهم في حالة خطيرة بعد اقتحامه بسيارته وسط المسيرة التي مرت من شارع القاع حيث شهد أكبر عمليات قتل للمعارضين للنظام في الأسابيع الماضية، وقال مصدر طبي في المستشفى الميداني في ساحة التغيير بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»: «إن اللجان الأمنية التي صاحبت المسيرة اعتقلت الشخص المتهم بدهس المعتصمين وقامت بتطبيبه بعد أن أمسك به المتظاهرون».

وأعلنت وزارة الدفاع اليمنية، عبر موقعها على شبكة الإنترنت أن الرئيس علي عبد الله صالح، سيوجه خطابا وصفته بالخطاب الوطني المهم، لليمنيين في الداخل والخارج، بمناسبة عيد الأضحى المبارك. وفيما لم تحدد وزارة الدفاع اليمنية موعد الخطاب، قالت بأن صالح سيستعرض المستجدات على الساحة الوطنية والتطورات السياسية للأزمة الراهنة، التي قالت بأن عناصر خارجة عن الدستور والقانون الشرعية الدستورية قد افتعلتها. وقالت الوزارة بأن صالح سيستعرض جهود الحكومة في التعامل مع قرار مجلس الأمن بشأن اليمن، بالإضافة إلى الدروس والعبر التي يجب أن يستفيد منها المسلمون من عيد الأضحى المبارك، وخاصة قيم التضحية والوفاء.

إلى ذلك، عاد التوتر إلى مدينة تعز، جنوب العاصمة صنعاء، بعد وصول تعزيزات للقوات الموالية للنظام وإغلاق بعض مداخل المدينة التي تربطها بالمحافظات، بحسب شهود عيان، وشهدت بعض أحياء المدينة اشتباكات متقطعة فجر وظهر أمس بعد يوم دام، قتل فيها أكثر من 11 شخصا وأصيب 52 آخرون، بعد قصف عنيف تعرضت له المدينة من المواقع التي سيطر عليها قوات من الحرس الجمهوري والأمن المركزي الموالي للنظام. فيما نفى قيادي قبلي مساند للثورة وجود أي هدنة أو اتفاق مع قيادة المحافظة.

وقال المحامي عبد السلام فرحان الحميري «إن سبب الهجوم على مكتب التربية في المحافظة كان بعد أن خزنت القوات التابعة للنظام كما كبيرا من الأسلحة لاستهداف المدينة، فلم يكن من الشباب إلا أن هجموا على المكتب واستولوا على الأسلحة المخزنة». وأشار الحميري إلى «حجم الدمار الكبير الذي لحق بالمدينة جراء اعتداءات الحرس الجمهوري والأمن المركزي على المدنيين». وذكر «أن الدولة تقوم بخلاف ما تمليه عليها مسؤوليتها القانونية تجاه مواطنيها».

وقال سمير المخلافي القيادي القبلي المؤيد للثورة لـ«الشرق الأوسط»: «إن الهدنة التي أعلنتها وسائل الإعلام الرسمية لا وجود لها، ولا نعلم عنها شيئا، فالقوات التابعة للنظام تقوم بقصف الأحياء المدنية بشكل عشوائي، ثم تقوم بعد ذلك بالإعلان من جانبها بهدنة وسحب قواتها من الشوارع». وأضاف: «نحن لم نعتد على أي مصلحة حكومية أو معسكرات، ما نقوم به هو للدفاع عن أنفسنا بعد أن حول النظام المدارس والمكاتب الحكومية إلى ثكنات عسكرية للاعتداء على أبناء تعز».

وأشار المخلافي إلى أن «القوات الموالية للنظام قامت أمس بإغلاق مداخل تعز من الجهة الشمالية في منطقة القاعدة، واندلعت هناك اشتباكات عنيفة مع مسلحين موالين للثورة، وشوهدت سحب من الدخان تتصاعد من النقطة العسكرية». فيما اتهمت أحزاب اللقاء المشترك المعارض في تعز من سمتهم «الحكام العسكريين بالوقوف وراء أعمال عمليات القتل في المدينة». واستنكرت الأحزاب في بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، ما حدث في المدينة من قصف عشوائي من قبل القوات الموالية للنظام، وقال البيان: «إن النظام أبى إلا أن يستبق عيد الأضحى المبارك بمذبحة في تعز»، بحسب البيان.

في سياق آخر، أكد قيادي في الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام «أن حل الأزمة التي يمر بها اليمن لا يمكن إلا بوسيلة واحدة هي الحل السياسي القائم على المبادرة الخليجية».

وقال رئيس الدائرة السياسية للمؤتمر عبد الله غانم في تصريح نقله موقع وزارة الدفاع اليمنية (سبتمبر نت) إن «هناك مساعي حثيثة يبذلها الرئيس علي عبد الله صالح في إطار إنجاز الآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية تصب في الأول والأخير لمصلحة الشعب وكذلك في مجرى التنفيذ العملي لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014». واتهم غانم المعارضة بـ«السعي إلى تفجير الموقف عسكريا بصورة أكبر مما هي عليه الحال الآن، بدليل مواقفها السلبية الراهنة تجاه كل ما يؤدي إلى حلول سلمية للأزمة وتمترسها خلف أعمالها التصعيدية التي لن يجني الوطن منها سوى الخراب والدمار. ودعا «الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على قيادات المشترك من أجل الجلوس على مائدة حوار أخوية مع قيادة المؤتمر الشعبي العام، تمهيدا للتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في نفس الوقت».

على صعيد آخر، أعربت منظمة حقوقية يمنية عن مخاوفها من مصير «17 شخصا، ممن تم اعتقالهم من شباب الثورة في مسيرات احتجاجية بصنعاء في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وتم نقلهم قبل يومين من معتقلهم إلى السجن الحربي».

وقالت منظمة «هود» الحقوقية في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «لدينا معلومات مؤكدة عن قيام الأجهزة الأمنية بنقل الأشخاص المعتقلين برفقة مسلحين مدنيين ممن يطلق عليهم (اللجان الشعبية لحماية الشرعية الدستورية) إلى السجن الحربي، ورفض السماح لذويهم بزيارتهم». واعتبرت المنظمة نقلهم إلى السجن الحربي مخالفا لنصوص الدستور اليمني، التي حظرت سجن أي مواطن في غير الأماكن التي تخضع لقانون السجون.

في موضوع آخر، عادت الحياة إلى العاصمة اليمنية صنعاء المقسمة بسبب التطورات الأمنية والعسكرية والتي تسيطر القوات الموالية للرئيس صالح على جزء منها والجزء الآخر تسيطر عليه قوات الجيش المنشقة على النظام، أما الجزء الآخر فيسيطر عليه المسلحون القبليون الموالون لزعيم قبيلة حاشد، الشيخ صادق الأحمر.

ومنذ يوم أمس، وصنعاء تشهد ازدحاما شديدا في حركة السير، بسبب توجه المواطنين لشراء احتياجات العيد، سواء الأضاحي أو الملابس والمأكولات، ورغم الوضع الأمني المتداعي، فإن المواطنين اليمنيين يسعون بكل الطرق إلى التكيف مع الأوضاع القائمة وممارسة حياتهم بصورة طبيعية في أوضاع غير طبيعية.