طائرات أميركية دمرت الهليكوبتر التي سقطت في أفغانستان خشية وقوع أجهزتها الحساسة في «أيدي أعداء.. أو أصدقاء»

TT

اوضحت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ان طائرة الهليكوبتر التي تحطمت في أفغانستان مساء اول من امس، مما ادى الى اصابة 4 من افراد طاقمها بجراح، احدهم حالته خطرة، سقطت بسبب سوء الاحوال الجوية. واشار مسؤولون في البنتاغون ان طائرة هليكوبتر ثانية، كانت تصحب الطائرة الاولى التي سقطت، تولت انقاذ افراد الطاقم المصابين، وفرت من افغانستان بعد الحادث. وذكر بيان صدر اول من امس عن البنتاغون ان الحادث «يرجع الى سوء الاحوال الجوية وليس الى نيران العدو».

ووقع الحادث في الوقت الذي كلف فيه البنتاغون القوات الخاصة بمهمات خطرة داخل افغانستان، وتكثيف الحملة الجوية ضد طالبان مع اقتراب الشتاء وشهر رمضان.

وذكر بيان البنتاغون ان اربعة من افراد الطاقم اصيبوا في الحادث الذي اعطب الطائرة بنسبة كبيرة. الا ان مسؤولا كبيرا اوضح ان ايا من المصابين ليس في حالة تهدد حياته، وان احدهم يعاني من اصابة خطرة في ظهره.

وخرجت طائرات تابعة للبحرية الاميركية من طراز اف ـ 14 من حاملة الطائرات «ثيودور روزفلت» الراسية في بحر العرب، ودمرت الطائرة المعطوبة، كما دمرت معدات في غاية السرية كانت تحملها، كما اوضح بيان البنتاغون.

ووقع الحادث في حوالي الساعة 11مساء الجمعة. ولم يكشف البنتاغون الموقع بالضبط، مشيرا الى سرية عمليات القوات الخاصة بصفة عامة ومهمة يوم الجمعة على وجه اخص.

الا ان المسؤولين العسكريين قالوا ان طائرات الهليكوبتر من طراز ام اتش ـ 53 بيف لوز، التي تستخدمها القوات الخاصة التابعة لسلاح الطيران، تقوم بادخال وسحب الكوماندوز التابعين للقوات الجوية، من بينهم قوات تحديد الاهداف، الى ومن عمق ارض الاعداء بدون اكتشافهم. واشار المسؤولون الى ان هناك عمليات اخرى مستمرة ويحتمل ان يؤدي الكشف عنها الى تعريضها لبعض المخاطر.

ويشير القرار بتحطيم الهليكوبتر الى انها سقطت في اراض معادية او منطقة متنازع عليها. ولكن بعض طائرات الهليكوبتر التابعة للقوات الخاصة تحمل معدات اتصال سرية وغيرها من الاجهزة الحساسة، لا تود السلطات الأميركية وقوعها في يد الاعداء، او حتى الاصدقاء.

وذكر البنتاغون ان سوء الاحوال الجوية في شمال أفغانستان، بما في ذلك الامطار الثلجية قد عطلت الغارات الجوية الاميركية، وفي حالة واحدة على الاقل منعت طائرات الهليكوبتر الاخرى من نقل قوات خاصة اضافية الى المناطق التي تسيطر عليها قوات تحالف الشمال.

وكان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد قد ذكر في اوائل الاسبوع الماضي ان البنتاغون يريد ان يزيد عدد القوات الخاصة من حوالي 25 شخصا الى مائة، ولكن المهمة تعطلت بسبب العواصف الرملية ونيران قوات طالبان وضعف التنسيق مع قادة التحالف الشمالي.

وتجدر الاشارة الى ان مجموعة صغيرة من القوات الخاصة تعمل منذ عدة ايام في منطقة تسيطر عليها قوات التحالف الشمالي، وتساعد على اعادة تموين قوات التحالف وتحسين دقة الغارات الأميركية ضد قوات طالبان على خط الجبهة. وذكر مسؤولو البنتاغون ان القوات الخاصة على الارض هي المسؤولة عن تحسين فرص اصابة الطائرات الأميركية للأهداف ضد قوات طالبان في خط الجبهة، وخصوصا في المناطق الوعرة في شمال أفغانستان، بالرغم من ان قادة المعارضة قد اشاروا الى درجات مختلفة من التأثير على قوات طالبان.

وفي حادثة اخرى كشفت القيادة المركزية المتحدة الاميركية عن ان طائرة استطلاع بلا طيار من طراز آر. كيو ـ براداتور فقدت في افغانستان في الساعة الثانية والربع بعد الظهر بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة، يوم الجمعة الماضي، ويعتقد انها سقطت. وذكر المسؤولون العسكريون ان السبب ربما يرجع الى سوء الاحوال الجوية، وانه ليس في نيتهم استعادة الطائرة.

وبالرغم من سوء الاحوال الجوية فان المقاتلات والقاذفات الأميركية لا تزال مستمرة في قصف مواقع طالبان في الشمال، كما فعلت طوال عدة ايام، فيما يبدو انه حملة لدعم التحالف الشمالي. وشنت اربع طائرات على الاقل من طراز بي ـ 52 تحمل كل منها عشرات من القنابل زنة 500 رطل غارات عنيفة يوم الجمعة طبقا لما ذكره المسؤولون في البنتاغون، ووقعت العديد من الانفجارات بالقرب من مواقع طالبان على الطريق شمال كابل.

وفي البنتاغون اعلن الادميرال جون ستافلبيم نائب مدير العمليات في هيئة اركان الحرب المشتركة ان 65 طائرة، من بينها طائرات نفاثة تابعة للاسطول وقاذفات قصفت 9 مواقع مختلفة في 24 ساعة قبل منتصف ليلة الخميس الماضي. وقال المسؤولون ان الغارات استمرت يوم الجمعة بنفس المعدلات في مناطق مختلفة من أفغانستان وليس فقط على خط الجبهة.

وفي الوقت الذي استمرت فيه القاذفات الأميركية في قصف قوات طالبان في شمال أفغانستان، فإن كبار المسؤولين في البنتاغون قالوا ان التقارير الاستخبارية تشير الى مؤشرات مبكرة على التمرد في معقل طالبان في الجنوب، مما يثير الامل بظهور جبهة اخرى في الجنوب.

وافادت تقارير ان قوات القائد المناوئ لطالبان حميد كرزاي قد اشتبكت مع قوات حركة طالبان في محافظة اوروزجان هذا الاسبوع. واشار مسؤولو البنتاغون الى هذه التقارير، رغم استحالة تأكيدها، كمؤشرات على وجود مقاومة عسكرية ناشئة في هذه المنطقة ضد نظام طالبان بعد 27 يوما من الضربات الجوية.

وقال مسؤولون أميركيون ان عمليات المساندة والدعم في الجنوب تديرها وتنظمها «وكالة المخابرات العسكرية الأميركية» (سي آي إيه) في الوقت الذي بدأت تعمل فيه القوات الأميركية الخاصة مسبقا في الشمال.

وقال ستافيلبيم انه اطلع على تقارير تفيد بوجود قبائل مناوئة لطالبان في جنوب أفغانستان، كما اشتمل بعض هذه التقارير على وجود مؤشرات تدل على ان بعض هذه القبائل ربما يكون قد بدأ بالفعل مواجهة قوات طالبان عسكريا. واضاف ستافيلبيم انهم يعملون على تثبيت العلاقات بين هذه القبائل التي تعارض طالبان. كما اشار ستافيلبيم كذلك الى سبب آخر وراء النهج الحذر للبنتاغون ازاء وضع قوات خاصة في الشمال، لخصه في ان القادة العسكريين الأميركيين لا يعرفون الكثير من قادة تحالف الشمال المعارض الذين يتعاملون معهم، وما اذا كان يمكن الوثوق فيهم. ويعتقد ستافيلبيم انه من الضروري بناء ثقة بين الجانبين. واضاف: «ان الوقوف على الطريقة التي يعملون بها يمكن ان تحدد الشخص الذي يمكن ان يعتبر محل ثقة او العكس».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»