اللهجة الجدية لمكالمات مرصودة بين عناصر «القاعدة» دفعت واشنطن للإعلان عن تهديد إرهابي وشيك

TT

قال مسؤولون اميركيون كبار ان مسؤولين رسميين اعترضوا سبيل محادثات هاتفية في الايام الاخيرة، تحدث فيها اعضاء في «شبكة القاعدة» التي يتزعمها اسامة بن لادن، وبصورة ملحة، عن هجمات وشيكة ضد اهداف اميركية، اكبر من تلك التي وقعت يوم 11 سبتمبر (ايلول) الماضي ضد مركز التجارة العالمي والبنتاغون. وأضافوا «ان التقارير المخابراتية المستندة الى اتصالات اطلعت على تلك المحادثات الهاتفية، ارعبت المسؤولين الذين قرأوها، ولعبت دوراً حاسماً في اصدار ادارة الرئيس جورج بوش تحذيرها الاخير يوم الاثنين الماضي من هجوم ارهابي وشيك».

وجرى تفسير محادثات افراد القاعدة الهاتفية باعتبارها دلائل واضحة بشكل استثنائي على خطر محتمل، جزئياً بسبب اللهجة الملحة والجدية للمحادثات. وقال المسؤولون: «انه جرى التنصت على الارهابيين وهم يتحدثون عن عملية يمكن ان تكون اكبر من عمليات 11 سبتمبر»، وأضافوا انهم اعترضوا سبل عدد من هذه المحادثات الهاتفية بين اعضاء القاعدة في عدد من البلدان.

وقدر محللو «الارهاب المضاد» في وكالة المخابرات المركزية الاميركية ومكتب المباحث الفيدرالي، الذين درسوا هذه المعلومات، ان مصداقيتها عالية، ايضاً، لانهم اعتقدوا ان المشاركين يعتقدون انه ما من احد كان يسترق السمع على محادثاتهم.

وقدمت التقارير، معززة بمعلومات مخابراتية اخرى، بشكل عاجل الى الرئيس ومستشاريه للامن القومي صباح الاثنين الماضي. وسرعان ما اقتنع كبار المسؤولين في الامن القومي بان التهديد خطير. غير ان الجدل في البيت الابيض حول اصدار تحذير استمر ساعات عدة. واعرب بعض المسؤولين عن «الارهاب المضاد» عن معارضتهم الشديدة لاصدار تحذير غير محدد مثل ذلك الذي اصدر يوم العاشر من اكتوبر (تشرين الاول) الماضي.

وعندما اصدرت الادارة الاميركية تحذيرها من هجوم آخر يوم الاثنين الماضي انتقد اعضاء بارزون في الكونغرس القرار، قائلين انه يزيد المخاوف بين الاميركيين بدون تقديم معلومات محددة تزيد من قابلية الاستعداد. ولكن الادارة قالت ان المحادثات الهاتفية كانت مقلقة جداً بحيث لم يكن امامها الكثير من الخيارات.

وقال المسؤولون الذين اطلعوا على التقارير الامنية انها تثير «قلقاً اكبر من ذلك الذي اثارته المعلومات المخابراتية التي كانت وراء اصدار تحذير العاشر من اكتوبر». وأشار الاطلاع على المحادثات الارهابية الاخيرة الى ان اعضاء القاعدة كانوا يتحدثون عن حدث كبير، ويناقشون اطاراً زمنياً محدداً لتنفيذه، مما دفع الحكومة لاصدار التحذير من احتمال وقوع هجوم إرهابي خلال اسبوع.

ولم تقدم الاتصالات التي جرت مراقبتها اية معلومات عن مكان وقوع الهجمات، ولم تشر المعلومات المخابراتية الى ما اذا كان الارهابيون يعتزمون القيام بهجماتهم داخل الولايات المتحدة او ضد مصالح اميركية في الخارج.

وجرى ابلاغ كل من توم ريدج، مدير الامن الداخلي، وجورج تينيت، مدير المخابرات المركزية، وروبرت مولر، مدير مكتب المباحث الفيدرالي، والمدعي العام جون اشكروفت، بالتهديد مباشرة بعد الحصول على المعلومات المخابراتية. وجرى توصيف المعلومات في «خلاصات سرية» لعدد قليل من كبار المشرعين (اعضاء الكونغرس).

وخلال يوم الاثنين الماضي كانت الحكومة منشغلة بتقييم المخاطر، والسعي الى التوصل الى اجماع بشأن اصدار تحذير جديد، وهي تعرف ان تحذير العاشر من اكتوبر تعرض الى انتقاد عدد من المشرعين وسلطات الولايات والسلطات المحلية، لانه ينشر الخوف بدون تقديم اية معلومات عن المكان أو الكيفية التي سينفذ بها الارهابيون هجومهم.

ونتيجة لذلك اعترض بعض كبار المسؤولين في مكتب المباحث الفيدرالي على التوصية باصدار تحذير ثان. غير ان اشكروفت ومسؤولين كباراً آخرين في الادارة كانوا مقتنعين بأن التهديد على درجة من الخطورة بحيث لا يمكن تجاهله.

وفي نهاية المطاف قال البيت الابيض ان بوش هو الذي اتخذ قرار اصدار التحذير.

واعرب المسؤولون ايضاً عن املهم في ان يقنع التحذير سلطات الولايات والسلطات المحلية بزيادة اليقظة والحذر. وأضافوا انهم كانوا يعتقدون ان هجوما على وشك ان يقع عندما اصدروا تحذير العاشر من اكتوبر، ولكنه تأخر او اعيق، ربما نتيجة لعمليات الاعتقال والاحتجاز لمشتبه في انضمامهم الى القاعدة في الولايات المتحدة وخارجها.

وقد يساعد الشعور بالاحباط لدى مسؤولين في الولايات والمسؤولين المحليين حول الطبيعة المبهمة لتحذيرات العاشر من اكتوبر والاثنين الماضي في تفسير قرار مكتب المباحث الفيدرالي لاصدار تحذير اكثر تحديدا من ان الارهابيين يعتزمون القيام بهجمات، خلال ساعات الازدحام، على اربعة جسور في كاليفورنيا، ربما في وقت لا يتجاوز يوم الجمعة.

غير ان كبار المسؤولين اضافوا انهم يجدون المعلومات المخابراتية وراء ذلك التهديد أقل مصداقية من المعلومات التي ادت الى اصدار تحذير الاثنين الماضي.

وقال حاكم ولاية كاليفورنيا جراي ديفيز، الذي اعلن التحذير «ان مسؤولين في هيئة مراقبة تنفيذ القوانين حذروا من ان جسر جولدن جيت، وجسر باي، وكلاهما في سان فرانسيسكو، وجسر فينسنت توماس في ميناء لوس انجليس، أو جسر كورونادو في سان دييغو، كلها اهداف محتملة». وبينما كانت المعلومات التي حفزت على اصدار تحذير الاثنين معلومات عامة، اندفع المسؤولون في تحديد رد الفعل تجاه احتمالات التعرض الى مخاطر. فقد منعت سلطات الملاحة الجوية الرحلات فوق مؤسسات الطاقة النووية، وحظرت الطيران في المناطق القريبة من بنايات يعتقد انها اهداف محتملة، مثل برج سيرز في شيكاغو.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»