ناشط من بابا عمرو لـ «الشرق الأوسط»: اعتقال جرحى من المستشفيات.. وقصف البيوت عشوائيا

وصف الوضع في الحي المحاصر منذ 11 يوما بمدينة حمص بالـ«مأساوي»

TT

تحاصر دبابات الجيش السوري حي بابا عمرو في حمص، منذ 11 يوما، ويعيش السكان «حالة رعب» جراء القصف العشوائي للبيوت والمحال، بحسب ناشطين يؤكدون أنه «ليس هناك زاروب في بابا عمرو لا يوجد فيه حاجز أمني».

يؤكد أحد الناشطين الميدانيين من بابا عمرو في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن الوضع في المنطقة «مأساوي». ويرجح أن «حصار الحي يعود لأسباب كثيرة؛ أهمها: تصرف النظام كالعصابات دفعه إلى بث الذعر في قلوب الناس ونهرهم عما بدأوه من حراك، حيث يتعامل النظام مع السكان المدنيين بطرق ترهيب من خلال حصار البيوت وقصفها عشوائيا وإحداث أضرار مادية ومعنوية لديهم، وهو مقتنع أنه يستطيع من خلال ذلك دفعهم عن المطالبة بإسقاطه». ويضيف أن «بابا عمرو يعتبر من الأحياء الأكثر انتفاضة منذ بداية الحراك السوري، والنظام يستهدفه لأن المظاهرات الحاشدة في حمص تخرج منه».

ويشير إلى أن «السبب الأساسي لحصار الحي يعود إلى انشقاق 90 جنديا وضابطا من الجيش السوري من منطقة باب السباع القريبة من بابا عمرو، حيث إن النظام مقتنع أن هؤلاء لجأوا إليه، لأنها منطقة مفتوحة وكبيرة وموصولة بقرى تؤدي إلى لبنان مما يعني بالنسبة للنظام أن هؤلاء يستطيعون الفرار والهرب إلى الداخل اللبناني عبر لجوئهم لبابا عمرو». ويؤكد الناشط أن «النظام صار يتبع سياسة جديدة في الاستهداف والقصف، لاعبا على الوتر الطائفي؛ حيث يقصف المساجد ليؤكد أن هناك طرفا يستهدف السكان من خلال «شبيحته»، ومن خلال إشاعة أخبار أن هناك طائفة ما مستهدفة، ومشيرا إلى أن «عدد القتلى في بابا عمرو منذ بدء الانتفاضة يصل إلى 120 شخصا».

ويقول الناشط إن الحي الممتد عبر شوارع فرعية إلى حي الإنشاءات، لا يزال مزنرا بـ«النار وآلة القتل الهمجية»، موضحا أن «الحي مغلق تحت الحصار الكامل، فالمياه مقطوعة والكهرباء أيضا، ولا توجد خطوط اتصالات أرضية كانت أم خليوية». ويضيف أن «أجهزة الأمن السورية تزرع الحواجز بين الشوارع الصغيرة، وتمر الدبابات فيها وهي تقصف بشكل عشوائي البيوت وتدمرها». ويؤكد أن «هناك انتشارا كثيفا للعساكر والمدرعات لمنع الناشطين في الانتفاضة من الوصول إلى داخل حمص».

ويروي الناشط أن «بابا عمرو شهدت مرحلتين: المرحلة الأولى وهي الأطول منذ بداية الانتفاضة، حيث توزعت الحواجز الأمنية في كل شارع مثلها مثل باقي الأحياء والشوارع في حمص، والتفتيش صار يضيق على الناس ويعوق حياتهم اليومية. أما المرحلة الثانية، فهي نقطة التحول في بابا عمرو، ومنذ يوم جمعة الحظر الجوي أصبح التفتيش يشمل النساء والأطفال والرجال المسنين، ومن بعدها تم إغلاق الحي بالكامل، وهناك حالة (تكثيف) أمني في الحي مرعبة». ويضيف: «بدأ القصف الهمجي منذ سبعة أيام تحديدا. طال القصف بيوتا ومحالا وسيارات للسكان المدنيين. وقد قتل خلال هذه الأيام 40 شخصا؛ من بينهم طفلان و3 نساء و3 رجال مسنين». ويشير إلى أن «عائلات كاملة طالها القصف داخل بيوتها الآمنة».

ويقول الناشط إنه يوم أمس «تم اعتقال الجرحى من المستشفيات وتمت مصادرة معدات الإسعاف وضربت البيوت، حيث بلغ عدد البيوت المستهدفة حتى اليوم 100 منزل». ويضيف: «النظام يعتقل السكان بشكل عشوائي.. لا يعتقلون أحدا معينا.. كل من يجدونه أمامهم يعتقلونه من عمر 14 إلى السبعين، حيث إن هناك رجلا مسنا يبلغ الخامسة والسبعين هو معتقل لدى الأجهزة الأمنية». وأكد فارس أنه من المستحيل الخروج من البيت إلى الشارع في هذه الأيام حيث الحي مكبل بالحصار، معتبرا الخروج من البيت أشبه بـ«المغامرة».

ويروي الشاب العشريني حكاية امرأة التقى بها في حي الإنشاءات استطاعت ترك بابا عمرو منذ يومين. ويقول: «خرجت المرأة مع طفلين لها بعد أن فقد زوجها منذ 5 أيام، استطاعت الهرب من بابا عمرو بعد أن قدمت مصاغها الذي يقدر بـ500 ألف ليرة سورية لأحد المسؤولين الأمنيين في المنطقة رشوة لإخراجها»، مضيفا: «عانت المرأة من قصف عنيف لبيتها. ابنها الصغير شج رأسه وكان رأسه ملتهبا حين رأيته معها وحالته سيئة حيث لم يتلق العلاج الكافي ولا يأخذ مضادات أو أدوية للعلاج. كان مصدوما ولم نستطع أن نكلمه أو يكلمنا. وقد روت لي السيدة أن جيرانها يعيشون حالة خطرة حيث إن كثيرين منهم قتلوا جراء القصف العشوائي للبيوت».