الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: عشنا ربيعنا من خلال مشروع إصلاحي لم يتم الترويج له

وزيرة الثقافة البحرينية لـ «الشرق الأوسط»: لسنا في دولة بوليسية ولا قمعية.. ولنا مساحات شاسعة من الحرية

TT

قالت وزيرة الثقافة البحرينية، الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: إن ربيع البحرين سبق الربيع العربي بـ10 سنوات. وأوضحت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ربيعنا جاء قبلهم بـ10 سنوات.. شهدت البحرين طفرة خيالية من الإصلاحات. وقد عشنا ربيعنا من خلال مشروع إصلاحي لم يتم الترويج له». وأكدت الوزيرة أن البحرين بلد منفتح يوفر مجالا كبيرا من الحريات وانتقدت التقصير في التعريف بهذا الأمر، وقالت: «نحن في بلد منفتح.. لسنا في دولة بوليسية ولا قمعية، ولنا مساحات شاسعة من الحرية؛ لذا نستنكر عدم التعريف بهذا».

وتحدثت الشيخة مي عن الحدثين المهمين اللذين ستشهدهما البحرين لسنتين متتاليتين، وهما: أن المنامة ستكون عاصمة للثقافة العربية السنة المقبلة، ثم للسياحة سنة 2013. وأكدت الشيخة أن بلادها قد استعدت للمناسبتين وحرصت على التميز، خاصة في برمجتها من خلال «تأسيس بنية تحتية للثقافة وقسمنا العام لأشهر، وسيطغى على كل شهر من أشهر السنة طابع متميز»، وعن رسالتها من موقعها للمرأة البحرينية، قالت الوزيرة إنها لا ترى فرقا بين المرأة والرجل، وإن هذه القضية غير مطروحة في البحرين؛ حيث «جاء تدرج المرأة طبيعيا». واعتبرت وزيرة الثقافة أن «المشكلة بالنسبة لبلادها أن الصورة الإيجابية لا تظهر بالشكل المطلوب». وأضافت: «أرى أننا مقصرون في نقل الصورة الصحيحة، وخطيئة الإعلام أنه لم يعرف بالبحرين كما يجب». وأكدت أنهم يقومون بعدة جهود لتجاوز هذا «التقصير» وقالت: «نحاول أن نصحح، لكن ما زالت أدواتنا قاصرة».

وقد التقت «الشرق الأوسط» وزيرة الثقافة البحرينية، الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، بلندن على هامش زيارتها للمعرض العالمي للسياحة الذي تشارك المملكة البحرينية فيه سنويا.. وكان لنا معها حوار هذا نصه:

* في أي إطار تندرج هذه الزيارة للندن؟

- زيارتي هذه تندرج في سياق مشاركة البحرين في معرض السياحة، التي نرى أنها ضرورية للترويج للبحرين وتقديم الصورة الحقيقية لها، خاصة أننا نحتفل السنة المقبلة بالمنامة عاصمة للثقافة العربية، ومن الواجب أن نروج لكل جميل بهذا البلد الذي استقطب الكثير من الأنشطة.

وفي سنة 2013 ستكون المنامة عاصمة للسياحة، وهي المرة الأولى التي تشهد البحرين حدثين بهذه الأهمية بشكل متتالٍ: عاصمة للثقافة ثم للسياحة على التوالي ونقدر للإخوة في اجتماع وزراء السياحة العرب اختيارهم لنا، وقد حصلت البحرين على هذه الفرصة بفضل الملف الذي قدمته واستوفت من خلاله الشروط كلها.

* المنامة عاصمة للثقافة العربية السنة المقبلة.. ماذا أعددتم لهذه المناسبة؟

- بالنسبة للسنة المقبلة؛ حيث ستكون البحرين عاصمة للثقافة، ركزنا على تأسيس بنية تحتية للثقافة وقسمنا العام لأشهر، وسيطغى على كل شهر من أشهر السنة طابع متميز؛ حيث خصصنا لكل شهر محورا خاصا؛ فشهر للمسرح وشهر للموسيقى وشهر للآثار وآخر للشعر وللبيئة التي لم ينظر لها من قبل كمكون للثقافة. وكل شهر سيعبر عن قطاع من قطاعات الثقافة وسنقدمه بشكل مميز مع ندوات ومظاهرات بالتوازي مع العروض.

* هل تتميز البحرين بالسياحة الثقافية؟

- بالتأكيد، فالبحرين تستقطب السياح المهتمين بالسياحة الثقافية، ومن أهم المواقع في البحرين: قلعة البحرين، وهي تستقطب الكثير من الزوار، ولدينا أكثر من 10 مواقع كبيرة مميزة.

* تتقلدين منصب وزيرة الثقافة، وشغلتِ منصب وزيرة الإعلام من قبل، كيف تقيمين هذه التجربة كامرأة؟ وهل توجهين رسالة للمرأة البحرينية والعربية؟

- بالنسبة لي، يمكن أن أوجه رسالة للمواطنة البحرينية، وليس المرأة تحديدا؛ لأني لا أعتقد أن هناك فرقا بين المرأة والرجل؛ فتعليم المرأة بدأ مبكرا في البحرين، وكذلك حضورها في المناصب الرسمية، وبالنسبة لمسألة المرأة لا أحب التفرقة، ولدينا في البحرين جاء تدرج المرأة طبيعيا. وتزامن هذا مع انفتاح تجلى من خلال تأسيس الأندية، الذي بدأ منذ فترة مبكرة من عشرينات القرن الماضي؛ حيث كانت هناك نوادٍ للثقافة، وكانت المدارس النظامية موجودة، وأيضا شهدت البلاد نهضة في مجال المسرح الذي بدأ العمل منذ الثلاثينات. ولا أرى فرقا بين المرأة والرجل في كل مكان وليس في البحرين فقط.

* ثقافة البحرين، ما الذي يميزها عن غيرها من الدول العربية؟

- واقع البحرين تعكسه أعمال مثقفيها وفنانيها، خاصة في مجال الفن التشكيلي الذي حمل اسم البحرين إلى مستوى يليق بها، وأعتبر الفنانين خير سفراء للبحرين، وأنا أكثر من فخورة بهذا، إلى جانب الموسيقى.

* ما أهم التحديات التي تواجهكم في نقل الثقافة البحرينية للعالم حاليا؟

- في هذه الفترة بالتحديد، التي تعاني فيها البحرين أزمات، نواجه معضلة عدم التعريف بما هو واقع ونقل الحقائق في البحرين خلال هذه الفترة، والمشكلة أن الصورة الإيجابية لا تظهر بالشكل المطلوب، والذين ينقلون ما يحدث يهملون في الإنجاز والتمييز، وأرى أننا مقصرون في نقل الصورة الصحيحة، وخطيئة الإعلام أنه لم يعرف بالبحرين كما يجب.

* ما الذي تقومون به من أجل تدارك التقصير الذي تحدثتم عنه؟

- نحاول أن نصحح، ولكن ما زالت أدواتنا قاصرة؛ فالإعلام الغربي خاصة لا بد أن يكرس قوى معينة، لديه توجهات، لكننا مؤمنون أن الصورة الحقيقية يجب أن تظهر، يجب أن تستعيد البحرين رونقها مهما قصرت وسائل الإعلام في إبرازها.

* الثورات العربية.. كيف تقيمونها؟ وهل سيكون لها تأثير على الثقافة في الدول العربية؟

- من عاش هذه المرحلة لا يستطيع الحكم عليها، لكن من خلال التوثيق لما يدور، وأنا من موقعي ككاتبة في التاريخ أرى أنه بعد فترة يمكن أن يأتي المرء بصورة أقرب، والآن فقط يمكن الحديث بصورة مطلقة وغير واضحة. ونحن نعيش أحداثا مصيرية وتاريخية ولا يمكننا الحكم على نتائجها الآن، نحتاج إلى فترة للإجابة عن كثير من الأسئلة.

* وما موقع البحرين فيما يحدث؟

- ظلم للبحرين أن تشرك في مجموعة من الأحداث التي هي بعيدة عنها. وكذلك عدم الالتفات إلى الحركة الإصلاحية التي قام بها جلالة الملك قبل 10 سنوات حينما قدم مشروعه الإصلاحي، فربيعنا جاء قبلهم بـ10 سنوات، ونشهد ثمراته الآن، وقد جاء بإرادة حاكم يحب شعبه، وأعطى المرأة كثيرا من المناصب كسفيرة ووزيرة، منذ بداية العمل في برنامجه الإصلاحي، كما شمل الإصلاح قوانين الأحكام المدنية، فقد شهدت البحرين طفرة خيالية من الإصلاحات. وقد عشنا ربيعنا من خلال مشروع إصلاحي لم يتم الترويج له، وعلى المستوى الشخصي لو عملت ليل نهار من أجل البحرين لن أستطيع أن أوفيها حقها. وهناك الكثير من الجمال في بلدنا ولم نوظف ما عشناه التوظيف الصحيح.

* كيف عشتِ مرحلة الإصلاحات التي عرفتها البحرين؟

- على المستوى الشخصي، لو نسيت منصبي الرسمي، أسست مشروعا ثقافيا تألق عربيا، كان فضاء حرا مفتوحا لكل المفكرين العرب ولم نقيدهم بموضوع ما، كل الاتجاهات على اختلافاتها كانت مقبولة، وتزامن مع المشروع الإصلاحي الذي انطلق عام 2002، وكان مركزا ثقافيا تألق واستضاف مفكرين ومثقفين من كامل أنحاء العالم العربي، وأعتبر ما شهده هذا المركز من إقبال ثمرة من ثمار الإصلاحات، فقد استضاف حتى الأسماء التي عادة لم تكن تقبل دعوات من جهات معينة، ومن الأسماء التي حضرت وقتها: فاطمة المرنيسي، صادق العظم، محمد أركون، وهم من الشخصيات الذين لهم نظرتهم ومفاهيمهم الخاصة وقبل أن يأتوا تلبية لدعواتنا سألوا عن الفضاء الثقافي، ولما عرفوا أنه فضاء حر جاءوا بأفكارهم وأطروحاتهم.

* تطورت الثقافة بنسق سريع في السنوات الأخيرة وتأثرت بالتكنولوجيا التي اقتحمت هذا المجال، كيف تأثرت البحرين بهذا التطور؟ وكيف ينعكس انفتاحها وسيرها في هذا الاتجاه؟

- نحن في بلد منفتح، ويؤلمني ما يذكر من بعض الأشياء عن البحرين، وتأتي عن حركة بإيعاز من عناصر أجنبية لتشوه جمالها، نحن لسنا في دولة بوليسية ولا قمعية ولنا مساحات شاسعة من الحرية؛ لذا نستنكر عدم التعريف بهذا.

وفي عز الأزمة التي تمر بها البلاد، وفي فترة كان يسعى فيها البعض لتشويه صورة البحرين، كنا نسعى من جهتنا لجعلها مركزا إقليميا للتراث العربي، كما أن البحرين هي البلد العربي الوحيد الذي تبنى إصدار كتاب طباعة وتصويرا وهو كتاب «مواقع التراث العالمي في البلدان العربية»، الذي جاء من أجل تعزيز الهوية وإظهار الوجه اللائق بالدول العربية، واحتفالا بهذا الكتاب نظمت «اليونيسكو» عرضا فنيا شاركت فيه فنانة السلام اليابانية الحاصلة على جائزة السلام، وكان أداؤها رائعا فيه.

كما أننا نعمل على تأسيس المركز الإقليمي العربي من الفئة 2 في مملكة البحرين قريبا، الذي سيكون معنيا بتعزيز حماية مواقع التراث العالمي وتدريب الإطارات والخبراء في مختلف المجالات.

* الإعلام والثقافة في البحرين حاليا، كيف يمكن أن يسهما في تقديم الصورة التي تريدونها؟

- الحقيقة أن الثقافة هي خير أداة، كالفن والموسيقى اللذين لا يحتاجان إلى ترجمان، نحن نعمل بما نستطيع لنكرس حضورا عالميا.

* يبدو أن لكم موقفا من الإعلام والطريقة التي يتناول بها موضوع البحرين، ما دوافع هذا الموقف؟

- للأسف الإعلام سواء أكان عربيا أم غربيا مقصر تجاه البحرين، أطلب من الإعلام تحري الحقيقة قبل النشر والعمل بأكثر حرفية، أنا أعني أن الصحافي الآن لا يلتفت إلى المضمون، مثل أنهم لم يحللوا الفكرة التي عرضناها حول السنة الثقافية في البحرين، وبالنسبة لهم كأن كل الأمور تحمل عنوانا واحدا، وهم لا يبحثون عن إظهار الخصوصية في حين أن القارئ أو المتلقي لا يهمل هذا الجانب.