محتجون يرشقون الوفد السوري المعارض بالبيض ويمنعونه باستثناء واحد.. من لقاء العربي

ناشطون سوريون يعبرون عن استيائهم من الهجوم على المعارضين ويصفونه بـ«التشبيح الثوري»

عبد العزيز بن خير ملطخا بالبيض بعد أن رشقه به المحتجون أمام مبنى الجامعة العربية في القاهرة، أمس (أ.ب)
TT

منع عشرات المحتجين مجموعة من المعارضين السوريين المعروفين، ومن بينهم الكاتب ميشال كيلو والناشط هيثم المناع، أمس، من دخول مبنى الجامعة العربية ورشقوهم بالبيض. وكان من المقرر أن يلتقي هؤلاء المعارضون بالأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي قبل اجتماع سيعقد لمناقشة الأزمة السورية السبت.

وقال مؤمن كويفاتيه المعارض للنظام السوري والمقيم في القاهرة، إن منع الزوار من دخول مبنى الجامعة العربية ورشقهم بالبيض مبرر لأنهم «خونة اشتراهم النظام». ويعارض المحتجون ومجموعة المعارضين نظام الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنهم يختلفون في الآراء.

واتهم كويفاتيه أعضاء الوفد الزائر بعدم دعم مطالب المجلس الوطني السوري بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وفرض منطقة حظر جوي عليها. ولا ينتمي أي من أعضاء الوفد الزائر إلى المجلس الوطني السوري الذي يضم معظم التيارات المعارضة للأسد.

وقال شهود عيان إن المتظاهرين السوريين رشقوا أعضاء الوفد السوري المعارض بالبيض والطماطم، وطالبوا الجامعة بتجميد عضوية سوريا وإحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن لفرض حظر جوي وحماية المدنيين.

وقال أسعد الشامي ممثل هيئة تنسيقيات الثورة السورية في مصر: «إن هذا الوفد لا يمثل الثورة السورية، فقد مروا على دمشق قبل أن يأتوا ليحصلوا على التعليمات من النظام»، مؤكدا أن «هدفهم تمييع الثورة السورية».

وقال طه خلو ناشط كردي سوري إن الشعب السوري في الداخل متبرئ من هذا الوفد وهم من صنع النظام، وأضاف أنه تم منعهم من الدخول لأنهم لا يمثلون الشعب السوري المعارض وإنما الممثل الوحيد للشعب السوري الآن هو المجلس الوطني السوري.

لكن المتحدث باسم الجالية السورية في القاهرة الناشط محمد مأمون الحمصي، اعتبر قيام المتظاهرين السوريين بمنع وفد هيئة تنسيقية الثورة السورية من الدخول لمقر الجامعة العربية تصرفا عفويا من الشباب الذين يرون إخوانهم يقتلون يوميا على أيدي النظام السوري في الداخل.

وميشال كيلو (71 عاما) هو أحد أشهر نشطاء حقوق الإنسان في سوريا، ويعيش في ذلك البلد وقبع في سجونها عدة سنوات. وسجن كيلو، الكاتب الذي عارض حزب البعث الحاكم منذ وصوله إلى السلطة عام 1963، من 1980 وحتى 1983 ومن 2006 وحتى 2009. وهو عضو في اللجنة الوطنية للتغيير الديمقراطي التي تأسست في 17 سبتمبر (أيلول) وتضم عددا من القوميين العرب والاشتراكيين والماركسيين وعددا من أبناء الأقلية الكردية ومستقلين مثل كيلو. وهيثم المناع هو معتقل سياسي سابق ويعيش في المنفى في فرنسا.

وسمح في النهاية بدخول شخص واحد من الوفد إلى مبنى الجامعة العربية. وقال معارضون وناشطون سياسيون سوريون في القاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن إلقاءهم البيض كان يستهدف بالأساس منع الوفد من لقاء العربي «على اعتبار أن هذا الوفد لا يمثل المعارضة الحقيقية للشعب السوري وإنما مجرد أراجوزات ودمى صنعها نظام الأسد».

وروى تيسير توفيق أحد النشطاء الذين شاركوا ضمن مئات آخرين من أعضاء الجالية السورية المقيمة في مصر، في رشق الوفد بالبيض ومنعه من دخول المبنى، تفاصيل ما حدث لـ«الشرق الأوسط». وقال: «إن الوفد كان يريد توجيه رسالة إلى الجامعة العربية يناشده فيها عدم تجميد عضوية سوريا بالجامعة العربية وعدم التطرق إلى مسألة حماية المدنيين السوريين الذين يعانون بطش النظام وقمعه في مختلف المدن السورية». وأضاف: «كنا قد جهزنا بيانا بهدف محاججة أعضاء الوفد الذي نرى أنه لا يمثل إلا نفسه ولا يصح أن يكون وفدا ينظر إليه على أنه من المعارضة السورية، انتظرنا أن نفند حجج هؤلاء أمام مختلف وسائل الإعلام، لكن مع الأسف الحماس أخذ بعض الشباب وبدأوا في إلقاء البيض على أعضاء الوفد ومنعوهم من الدخول، باستثناء حسن عبد العظيم رئيس الاتحاد الاشتراكي الذي تمكن وحده من الدخول ولقاء الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية».

وأوضح تيسير أنه حدثت حالة من الهرج والمرج تمكن خلالها عبد العظيم من مقابلة العربي ليعرض عليه ما وصفه «بطلبه البائس الذي لا يخدم سوى مصلحة النظام السوري ولا يعبر مطلقا عن رغبة الشعب السوري». وأضاف: «كنا نود أن تكون المواجهة بالحوار، لكن لا تنسى أن بعض الشباب لديهم أعزاء وأقارب فقدوهم بسبب ممارسات نظام الأسد القمعية خلال المواجهات اليومية التي تشهدها مختلف شوارع ومدن سوريا ويسقط فيها عشرات القتلى والجرحى».

وأكد تيسير على أن مطالب المعارضة السورية واضحة وعلى رأسها تجميد عضوية سوريا لدى الجامعة العربية وسحب كل السفراء العرب من العاصمة السورية دمشق وطرد سفراء بشار الأسد لدى جميع العواصم العربية والدولية بالإضافة إلى إحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن للنظر في مسألة حماية المدنيين وإحالة ملف الرئيس السوري بشار الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين العزل.

وكان من المقرر أن يلتقي وفد هيئة التنسيق الوطني السورية المكون من أربعة أشخاص مع الأمين العام لجامعة الدول العربية في الوقت الذي تستعد فيه الجامعة لاجتماع طارئ يوم السبت المقبل لبحث حملة القمع العسكرية التي تستهدف المحتجين في سوريا.

وقال أمين وهو محتج سوري رفض ذكر اسمه كاملا «هذه المعارضة كاذبة مائة في المائة. إنها تريد حوارا من أجل النظام وبقائه». وأضاف: «ألقينا بالبيض على هؤلاء الخونة وابتعدوا. نحن لا نريد مفاوضات مع النظام السوري. نحن نطالب بإسقاط النظام».

ويقول مسؤولون معنيون بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إن أنباء وردت عن قتل قوات الجيش والأمن في سوريا أكثر من 60 شخصا منذ أن وقعت حكومة الأسد خطة سلام توسطت فيها الجامعة العربية في الأسبوع الماضي. وتدعو الخطة العربية إلى وقف كامل للعنف والإفراج عن السجناء وسحب القوات من شوارع المدن السورية لإتاحة الفرصة لحوار وطني. ويعتصم محتجون منذ أسابيع أمام مقر الجامعة في القاهرة للمطالبة باتخاذ زعماء المنطقة إجراء أكثر صرامة مع الأسد.

ونشر أحد الناشطين في تنسيقية الثورة السورية في مصر، خبرا على «فيس بوك»، استهله بصيغة زف بشرى لـ«ثوار سوريا ستثلج صدورهم وهي أن اعتصام الناشطين السوريين أمام مقر الجامعة العربية في القاهرة ما زال مستمرا، وأن وفد المعارضة السورية الكاذبة تم استقبالهم «الاستقبال الذي يليق بالخونة»، وقال إنه تم رميهم «بالبيض والبندورة وجرى ضربهم ثم أدخلوهم خيمة الاعتصام واستمر ضربهم نحو نصف ساعة ليكون ذلك درسا لهم وللنظام الذي أرسلهم وأن المعارضين هيثم مناع وحسن عبد العظيم وغيرهما غرقوا بدمائهم».

وأثار هذا الكلام رد فعل سلبيا في أوساط الناشطين في سوريا لا سيما المثقفين الداعمين للثورة، ووصفوه بـ«التشبيح الثوري» و«تشبيح المعارضة»، ومنهم من كتب: «إن الخبر لو كان صحيحا وتعرض هؤلاء المعارضين للضرب فهذا أمر مخز ويسيء للثورة». كما كتب آخر مدافعا عن المعارضين الذين ذهبوا إلى القاهرة: «إن هؤلاء حين كانوا يعانون من الاعتقال ومرارة ظلم النظام كان من يعتبرون أنفسهم اليوم ثوارا يصفقون للنظام».

أما هيئة التنسيق الوطنية في المهجر، فخطت رسالة وجهت إلى السوريين عموما قالت فيها: «وصلنا خبر مؤسف، حيث تم الاعتداء بالضرب على أعضاء هيئة التنسيق الوطنية لدى ذهابهم للاجتماع وحتى الآن لم نتمكن من معرفة الحالة الصحية للأعضاء حيث تناثرت أقوال هنا وهناك مبتهجة بأنهم أغرقوا الأعضاء بدمائهم». وأكدت هيئة التنسيق في المهجر «لن نصمت على هذا التشبيح من قبل مناصري المجلس الوطني الذي بهذه الممارسات المأجورة أثبتوا فشلهم وتواطؤهم».