ميدان التحرير في قبضة شباب الثورة

اتهامات لهم بافتعال أزمة لتأجيل الانتخابات

TT

في مشهد يعيد للذاكرة الشرارة الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني)، سيطر شباب الثورة على ميدان التحرير، وهم الذين ينتمون لائتلافات تشكلت في الميدان خلال الأيام الأولى للثورة، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، وأبرزهم ائتلاف شباب الثورة، وحركة شباب 6 أبريل، وشباب الحرية والعدالة، وغيرهم من الائتلافات الشبابية، في غياب واضح للقوى السياسية والحزبية التقليدية، ومنها جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب النمطية كالوفد والتجمع، والتي أعلنت في البداية رفضها الاعتصام في ميدان التحرير تضامنا مع مصابي الثورة، قبل أن تتراجع عنه مؤخرا، وتقدم اعتذارا للشباب على غيابها.

وجدد آلاف الشباب المصري المعتصمون في الميدان، والذين انضم إليهم مجموعات الألتراس من مشجعي فريقي الأهلي والزمالك، مطالبهم الداعية لإسقاط المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير البلاد، وتسليم السلطة للمدنيين، ورددوا هتاف «الشعب يريد إسقاط النظام، ارحل ارحل يا مشير.. مش عايزينك في التحرير». ورغم محاولات القوى الرئيسية كـ«الإخوان» الاعتذار للمتظاهرين بالميدان عن تأخرهم في مساندتهم طالبين الانضمام إليهم بالميدان فإن شباب الثورة المتواجدين رفضوا طلبهم وقاموا بطردهم من الميدان، مستندين للعدد الكبير الذي يتوافد على الميدان من شباب الجامعات المصرية الذين أضفوا على الميدان روحا شبهها الكثيرون بأجواء ثورة يناير، حين أعلنت كافة القوى السياسية الكبرى وقتها عدم المشاركة في مظاهرات 25 يناير إلا أنهم عادوا وحاولوا الانضمام للمتظاهرين بعد ذلك وهو ما رفض شباب الثورة تكراره مجددا.

ويطالب الموجودون بإقالة شرف وزير الداخلية وإعادة هيكلة الوزارة بأكملها بالإضافة لتسليم المجلس العسكري السلطة لمدنيين في أقرب وقت خوفا من قفز العسكر على السلطة، وتسليم السلطة كاملة نهاية أبريل (نيسان) 2012، لرئيس منتخب، بعد انتخابات البرلمان التي من المتوقع أن يتم تأجيلها، وهو ما يرفضه «الإخوان المسلمون» والتيارات الإسلامية، حيث يأملون في الحصول على الأغلبية في البرلمان، بينما يلقى تأجيلها صدى إيجابيا في أوساط القوي الليبرالية واليسارية.

إلى ذلك، تفاوتت ردود الفعل في الشارع المصري الشعبي حول ما يجري بميدان التحرير، وفي جولة لـ«الشرق الأوسط» بالشوارع المصرية أكد كثير من البسطاء خطورة الخروج على المجلس العسكري، وأن الموجودين بالتحرير مجموعة من الشباب المندفع ضد الهيئة الوحيدة التي تحمي الثورة المصرية.

فعلى بعد أمتار من ميدان التحرير يقف المعلم شعبان (47) عاما، بعربة الفول التي يمتلكها في أحد الشوارع الجانبية، وقال بغضب «دي قلة أدب وفوضى». ثم رفع يديه متابعا «بص يا أستاذ أنا مستفيد من وجود الناس في التحرير بكسب كل يوم من وراهم، بس أنا يهمني المصلحة العامة للبلاد، وبلاش فوضى».

وبروح ابن البلد عقد المعلم شعبان مقارنة بين ما يحدث بالتحرير وموقف الرئيس الراحل أنور السادات حينما تحدث إليه أحد الطلاب في الجامعة بطريقة لم تعجبه، وقتها قال له السادات «تقدر تكلم أبوك باللهجة دي»، مشيرا إلى أنه كل حين وآخر يكرر هذه الجملة خلال مناقشته مع الشباب الذين يأتون كل صباح من التحرير لتناول أطباق الفول الطازجة.

ووصف المعلم شعبان المتظاهرين بأنهم تم إجراء عملية غسيل مخ لهم، ولا أحد يعرف من في الميدان الآن، لافتا إلى أن الجيش المصري باستطاعته أن يستولي ويسيطر على البلد في 10 دقائق، إلا أنه حتى الآن يحمي الثورة.

ونظرة علاء جمعة صاحب أحد محلات البويات لم تختلف كثيرا عن نظرة المعلم شعبان، علاء يرى أن ما يحدث في التحرير «هرجلة» ووقف حال منذ بداية التظاهر مساء الخميس الماضي، مشيرا إلى أنه لم يربح جنيها واحدا منذ المظاهرة وقام بتسريح 3 عاملين، بسبب كثرة وجود الكر والفر بين المتظاهرين والشرطة، موضحا أن حالة الانفلات الأمني في المناطق المجاورة للميدان أصبحت كبيرة، وكثرت البلطجة والسرقة وتكسير المحلات، وهو ما يدفع الناس إلى عدم الإقبال على الشراء، متسائلا عن سبب الاعتصام الحالي، مشيرا إلى أن الثورة في بادئ أمرها كان لها هدف، أما الآن فلا نعرف البلاد ذاهبة إلى أين؟ وأي قوة أو تيار تمثل التحرير، حيث قال «كل يغني لليلاه».