إيران تعلن احتفاظها بطائرة التجسس الأميركية

خبراء أمن وطيران لـ «الشرق الأوسط» : الأرجح سقوطها مصادفة

TT

استمرت تداعيات استحواذ إيران على طائرة التجسس الأميركية (من دون طيار) في شغل الرأي العام العالمي، وبينما أعلنت إيران أمس أنها ستحتفظ بالطائرة وأنها لن تعيدها، هدد وزير خارجيتها بتوجيه القضية نحو المحكمة الدولية.. وفي ظل ما تردد حول سعي طهران إلى عرض الطائرة على خبراء من روسيا والصين في مقابل حق الحصول على طائرات مستنسخة منها مستقبلا، يبقى الجدل دائرا حول أسباب الواقعة ما بين عطب مفاجئ بالطائرة أو امتلاك إيران تقنيات متقدمة لإعادة التوجيه. وقال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي أمس: «سنحتفظ بطائرة التجسس الأميركية وسنفحصها ونحللها، لنعرف إلى أي مدى يمكننا الاستفادة منها لتعزيز خبرتنا التقنية»، مشيرا إلى أنه «بإمكان الولايات المتحدة التعويض عن هذا الفعل العدواني باتخاذ بعض الإجراءات (السياسية) الصحيحة»، دون إعطاء مزيد من التفاصيل حول طبيعة تلك الإجراءات.

ووفقا لرؤية الحرس الثوري الإيراني، فإن الطائرة طراز (آر كيو 170) كانت في مهمة تجسس، وتمكنت إدارة الشؤون التقنية بالحرس من رصد الطائرة وإنزالها بالقرب من مدينة كشمر (نحو 200 كم من الحدود الأفغانية).

إلا أن الخبير العسكري المصري اللواء سامح سيف اليزل يرى أن الاحتمال الأرجح هو إصابة أجهزة تحكم الطائرة بعطب إلكتروني مفاجئ، مما أدى إلى خروجها عن نطاق السيطرة الملاحية.

وقال سيف اليزل لـ«الشرق الأوسط» إن هناك قاعدة للتحكم الجوي في طائرات التجسس دون طيار على إيران، موضحا أن تلك الطائرات تكون غالبا مبرمجة للهبوط الاضطراري في حال فقدانها إشارة التحكم.

وعن عدم تفعيل آلية التدمير الذاتي بالطائرة لدى هبوطها بالأراضي الإيرانية، حيث إنها تكون مبرمجة للعودة آليا أو تدمير نفسها في حال سقوطها في يد الجهة التي انطلقت للتجسس عليها، أشار سيف اليزل إلى أن «ذلك يدعم من فرضية وجود خلل باستقبال إشارات التحكم، حيث إن الطائرة (التي يتم التحكم فيها عن بعد من القاعدة الأفغانية) ظهرت سليمة إلى حد بعيد بالصور التي بثتها وسائل الإعلام الإيرانية، مما يعني عدم إسقاطها عن طريق السلاح الجوي، وكذلك عدم تمكن القاعدة الأم من تدميرها».

وعضد خبير بمجال الطيران، طلب عدم الكشف عن اسمه، نظرية استحواذ إيران على الطائرة عبر المصادفة لوجود خلل بأجهزة التحكم فيها، إلا أنه قال لـ«الشرق الأوسط»: «ينبغي عدم إهمال احتمالية أن تكون طهران امتلكت تكنولوجيا فائقة للشوشرة والسيطرة على أجهزة تحكم تلك الطائرة».

وأوضح الخبير أن «هناك طريقتين محتملتين لتنفيذ ذلك؛ أولاهما عبر معرفة ترددات التحكم الآلي لمركز القاعدة الجوية الرئيسي، والشوشرة عليها مع استبدال ترددات أخرى محلية النطاق بها من طهران.. والأخرى عبر بث موجات لديها المقدرة على إيهام أجهزة التحكم الملاحي بالطائرة أنها وصلت إلى نقطة الهبوط».

ورغم غموض كل من الرواية الإيرانية والأميركية حول حقيقة الأسباب وراء سقوط الطائرة، وإمكاناتها التقنية، فإن نائب القائد العام للحرس الثوري العميد حسين سلامي كشف أمس، في تصريحات تلفزيونية نقلتها وكالة أنباء «فارس»، عن بعض التفاصيل التقنية الخاصة بها.

وأشار سلامي إلى أن الطائرة تتمتع بأجهزة توجيه ورادارية متطورة ومختلفة، قائلا إنه «تبين أن كلا من هذه الأجهزة تعمل بشكل ثنائي؛ أي عندما تخرج الطائرة من خط المراقبة تتم مراقبتها عبر الأقمار الخاصة، علاوة على ثلاثة أجهزة توجيهية تسمي بـ(ديسمك) و(تركام) و(آي إن إس)».

وأوضح سلامي أن هذه الأجهزة تراقب الطائرة وفق معايير فائقة الدقة، مؤكدا أنه «عندما يحصل عطل ما في أحد الأجهزة، يتم تنشيط جهاز آخر بشكل تلقائي دعما للجهاز العاطل؛ حتى لا تخرج الطائرة عن المسير الذي عين لها»، وتابع أن «مصممي هذه الطائر أرادوا لها أن تنفجر عندما يحصل عطل أو خلل في جميع هذه الأجهزة؛ وهو ما يبدو أمرا محالا»، مشيرا إلى تعطش الدول المتطورة للحصول على تفاصيل ملف إنزال طائرة التجسس الأميركية «آر كيو 170»، وهو ما يتفق مع ما تردد بشأن وجود محادثات إيرانية مع كل من روسيا والصين لعرض طائرة التجسس. وأفاد اللواء سامح سيف اليزل أن طهران تسعى من وراء ذلك إلى صفقة تبادلية مفادها أن تتعرف أي من موسكو أو بكين على تلك التكنولوجيا الفائقة، مقابل حصول إيران مستقبلا على نسخ من تلك الطائرات عند إعادة إنتاجها من أيتهما.

إلى ذلك، احتجت إيران لدى الأمم المتحدة على ما وصفته بأنه انتهاك طائرة أميركية لمجالها الجوي، واستدعت سفيري أفغانستان وسويسرا؛ التي تتولى رعاية المصالح الأميركية في إيران. كما هدد أمس وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي بتحريك دعوى أمام المحكمة الدولية، وفقا لوكالة «إيرنا» الرسمية الإيرانية.