ممثلة سورية من الطائفة العلوية.. صوت تحد بين الفنانين ينضم للمظاهرات المناهضة للأسد

فدوى سليمان: لم أسمع في حياتي عن نظام آخر سمح لنفسه باعتقال أطفال وتعذيبهم بتلك الوحشية

TT

يتردد الفنانون السوريون بشكل عام، إلا قلة منهم، بإعلان موقف داعم للثورة السورية. وقد برزت فنانة تنتمي للطائفية العلوية، تتحدى النظام السوري وتشارك في المظاهرات بشكل علني من دون خوف، رغم كل المخاطر التي تتهددها وعائلتها. فدوى سليمان، وهي ممثلة مسرحية وتلفزيونية وسينمائية سورية، قررت الانخراط في هموم الشارع والإنسان في بلادها، فتراها تشارك في المظاهرات في الشارع وفي مواكب التشييع ومجالس العزاء، بداية من دمشق ومدن أخرى وصولا إلى حمص أخيرا. وقالت سليمان لوكالة الصحافة الفرنسية، ردا على سؤال حول متى قررت التحرك والانضمام للمظاهرات: «منذ اعتقال الأطفال في درعا وتعذيبهم أصبحت في الشارع أبحث عن الناس علني أجد من يعترض، بل ويصرخ في وجه ذلك النظام الذي لم أسمع في حياتي عن نظام آخر سمح لنفسه باعتقال أطفال وتعذيبهم بتلك الوحشية، حتى التقيت الناس المنتفضة وبدأت مسيرة المظاهرات المدنية والسلمية في قلب العاصمة دمشق».

مشاركة الفنانة في المظاهرات ظهرت في الكثير من أشرطة الفيديو المنشورة على موقع «يوتيوب»، وقد عرضتها الفضائيات مرارا وسرعان ما لفتت إليها الأنظار بقوة. والفنانة خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق وساهمت في الكثير من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية وأعمال الأطفال. وحول ما تعرضت له من مضايقات إثر ذلك تقول «تحركت في أحياء دمشق كثيرا، وفي درعا، وبالتأكيد تعرضت للملاحقة الأمنية ولكن كان الهروب سيد المواقف».

وتؤكد الفنانة التي تنتمي إلى الطائفة العلوية «ما جعلني أظهر على الملأ هو إيماني بأنه لا بد أن يكون هناك مثقفون وأناس من كل الطوائف لكشف ادعاء النظام بأن الثورة سلفية أو إسلامية»، مضيفة «وللكشف عن أنها ثورة لكل السوريين الحالمين بزوال الديكتاتورية وحكم الحزب الواحد واسترجاع الحريات والحقوق وبناء الدولة المدنية الديمقراطية».

وتضيف الفنانة، التي تتحدر من مدينة على الساحل السوري، والتي راحت تظهر أخيرا في مظاهرات متنقلة في مدينة حمص، أنها قررت المشاركة «لدرء الفتنة الطائفية التي كان يؤسس لها النظام في حمص ليبدأ الناس بالاقتتال الطائفي ليبرر النظام بقاءه على أساس حماية السلم الأهلي». وتؤكد سليمان «لم أنضم لأي حزب سياسي أو تجمع أو تيار. هكذا يمكنك القول إن عملي بالسياسة مستجد». لكنها تستدرك «يمكنك القول أيضا إن عملي ليس مستجدا لأن مواقفي من خلال عملي بالمسرح لها علاقة مباشرة بالسياسة والفكر والفن والحياة والإنسان».

وتضيف الممثلة «مواقفي من المؤسسات الفنية التابعة للدولة، أو الخاصة منها، لها علاقة بالسياسة، إذ كنت دائما أنتقد سياسة المؤسسات القائمة على الفساد والسرقة والمحسوبية وخضوعها للعقلية والمؤسسة الأمنية سرا وعلنا». وتؤكد «موقفي كان دائما موقف المعارض لكل ذلك، ومن أجل ذلك تعلمون جميعا أنني كنت مغيبة عن العمل بشكل أو بآخر».

وكانت آخر وقفة مسرحية للممثلة السورية فدوى سليمان في دمشق عام 2008، من خلال مونودراما للكاتبة البوسنية ليديا شيرمان هوداك تحمل اسم «صوت ماريا» عن الحرب والاغتصاب والحمل من الأعداء، ومصير ذلك المولود الذي ما هو إلا جزء من جسدها، وهو في الوقت ذاته «رجس» من الأعداء.

براعة سليمان في أداء ذلك الدور كانت لافتة، وفسرت حينها تقول «استخدمت ذاكرتي في استعادة مشاهد مؤلمة، وما أكثرها في هذا الشرق». وأضافت «حاولت أرشفة كثير من المشاهد بصريا، من مشهد محمد الدرة استعرت كيف كان الأب يلوح بيديه ويحرك أصابعه، وكيف حرك رأسه حين مات الولد. استعرت من مشاهد مجزرة قانا الأولى صورة رجل حمل ثلاثة أطفال وكيف راح يتنقل بين الجثث». ولدى سؤالها عن الأثر الذي يتركه وجودها بالمظاهرات على الناس تقول «هناك تأثير متبادل بيني وبين الناس لأنهم لمسوا الحب في روحي ورفض العنف ورفض كل أشكال السياسات القائمة على المصالح».

وتضيف «التفوا حولي والتففت حولهم وصرنا واحدا، يستجيبون لي وأستجيب لألمهم وحاجتهم للسلام ولشخص ينقل صوتهم إلى العالم».

وتختم قائلة «عندما أظهر في المظاهرات يلتفون حولي بكل حب، وأمانيهم لي بالسلامة والحماية تسبق قلوبهم الخائفة على حياتي وسلامتي لأنني أصبحت رمزا لقلوبهم ويهتفون باسمي ويصلون لله ليحميني ويرددون ما أهتف به».