حمص «مدينة الثورة» تنتفض.. و200 ألف من سكانها يهتفون من بين الركام والدماء لإعدام الأسد

مقتل 10 مدنيين على الأقل في مظاهرات جمعة «الجامعة العربية تقتلنا» والتظاهرات في 250 نقطة

مظاهرات جمعة الجامعة العربية تقتلنا في حي الصفصافة بحمص ومشاركة كبيرة في مظاهرات أمس في عندان بريف حلب، في صورة مأخوذة من موقع «أوغاريت»
TT

انتفضت مدينة حمص الرازحة تحت قمع النظام السوري منذ أسابيع، وخرج أكثر من 200 ألف شخص في مظاهرات في أنحاء المدينة أمس، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقتل في مظاهرات أمس في يوم جمعة «الجامعة العربية تقتلنا»، نحو 10 مدنيين برصاص الأمن، 7 منهم في حمص وقتيل في ريف حماه وقتيل في سقبا بريف دمشق، وآخر في مدينة جاسم بمحافظة درعا، بحسب المرصد. وقال ناشطون إن عدد نقاط التظاهر أمس بلغت 250 نقطة في أنحاء سوريا، مع دخول الثورة السورية شهرها العاشر، وسقوط أكثر من 5 آلاف قتيل بحسب حصيلة الأمم المتحدة الأخيرة.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن أكثر من 200 ألف شخص تظاهروا «في عدة أحياء من مدينة حمص بعد صلاة الجمعة» أمس مطالبين بسقوط نظام بشار الأسد. وأطلق على مدينة حمص التي يحاصرها الجيش منذ أسابيع «عاصمة الثورة» السورية.

وأضاف المرصد «خرج الآلاف في حي الخالدية في مظاهرة حاشدة نادت بإعدام الرئيس. كما خرجت مظاهرة أخرى كبيرة في حي دير بعلبة وكان الحي قد شهد سقوط شهيد متأثرا بجراح أصيب بها برصاص الأمن» صباح أمس. وتابع المرصد: «شهد حي جورة الشياح أكبر مظاهرة منذ بدء الثورة السورية حيث خرج أكثر من 10 آلاف متظاهر من معظم مساجد الحي. وحي الإنشاءات شهد مظاهرة كبيرة كما شهد حي باب عمرو المجاور مظاهرة حاشدة رغم محاصرته بأعداد كبيرة من الشبيحة» الموالية للنظام. كما اقتحمت مدرعتان حي الغوطة لتفريق مظاهرة خرجت هناك.

وأضاف المرصد «أما في حي باب السباع فقد هاجم الأمن المظاهرة مما أوقع 4 إصابات. كما جرح 5 أشخاص أحدهم جراحه بالغة في الرأس نتيجة إصابته من قبل القناصة عند الحاجز الأمني قرب القصور». وأفاد بأن «حي الحمرا شهد مظاهرة كبيرة وكان قد شهد اعتقال عدد من الشبان قبل الصلاة». وذكر المرصد أيضا أن «مظاهرات حاشدة نظمت في كل من الفرقلس وتلكلخ وتلبيسة والقريتين والحولة التي شهدت منطقة تلدو فيها قصفا مركزا مما تسبب في سقوط عدد كبير من الجرحى». وتحدث عن «انتشار أمني كثيف في محيط المساجد» في دوما وكفر بطنا قرب دمشق وحمص وحماه (شمال) ودير الزور وبانياس واللاذقية (شمال غربي). كما أفاد بتعرض منطقة اللجاة في محافظة درعا أمس، لقصف عنيف بالرشاشات الثقيلة والمدفعية من قبل الجيش النظامي السوري.

وأكد ناشطون سوريون في حمص لـ«الشرق الأوسط»، أن «المدينة التي تسبح بالدماء وأحياؤها تغص بالجثث، ما زالت تغلي ومظاهراتها لا تستكين، وستبقى عصية على الترويض إلى حين تحقيق أهداف الثورة بإسقاط النظام وإعدام رموزه».

وإذا كانت حمص تستفيق كل يوم «على هول مأساة جديدة، فإن الأيام الثلاثة الماضية كانت الأكثر دموية من خلال سقوط أعداد كبيرة من الضحايا الذين ألقيت جثثهم في الشوارع وفي حاويات النفايات»، كما يقول عضو لجان التنسيق في حمص أبو ياسين الذي وصف وضع المدينة أمس بـ«المأساوي»، مشيرا إلى أن «أحياء المدينة تتعرض منذ غروب أول من أمس لقصف مدفعي عنيف ومركز». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن عناصر الجيش النظامي والأمن والشبيحة، منعوا إقامة الصلاة في مسجدي مصعب بن عمير ومحمد الأمين في حي دير بعلبة خوفا من انطلاق مظاهرات كبرى منهما بعد صلاة الجمعة، وإقدام الدبابات والمدفعية المتمركزة في حي العباسية على قصف الحي الجنوبي لدير بعلبة مما أدى إلى سقوط قتيل وأكثر من خمسة جرحى، لكن رغم صعوبة الوضع على الأرض خرج آلاف المتظاهرين من باقي المساجد والأحياء الأخرى متحدين القمع، لكن قوات الأمن فتحت عليهم النار وأوقعت عددا كبيرا من الجرحى»، مؤكدا أن «الجثث التي عرضت أمس (أول من أمس) على شاشات التلفزة تعود لشباب الثورة الذين اعتقلتهم عناصر المخابرات وأقدموا على تصفيتهم وإلقاء جثثهم في شارع الستين». وشدد على أن النظام وأجهزته يعملون ليلا ونهارا على إشعال الفتنة بين الطائفة السنية من جهة والعلوية والشيعية من جهة ثانية، لافتا إلى أن «الشبيحة خطفوا أمس (أول من أمس) شابين من الطائفة المسيحية من داخل حي بستان الديوان، وقتلوهما وألقوا جثتيهما في الأحياء السنية».

وأعلن أبو ياسين، أن «النظام يعاقب الأحياء المعارضة له لا سيما أحياء كرم الزيتون، والسلطانية، وباب الدريب، وباب عمرو، وباب السباع، بقطع المياه والاتصالات عنها، كما أن هذه الأحياء لم تنعم بالكهرباء منذ شهر ونصف الشهر، وبعض هذه الأحياء كما مناطق ريف حمص تعاني من نقص حاد في المواد الطبية مما يسبب موت أعداد كبيرة من الجرحى والمرضى لفقدان الإسعافات التي يحتاجون إليها، فضلا عن نقص المواد الغذائية فيها»، لافتا إلى أن «الأحياء المعارضة للنظام تلتزم التزاما كاملا بالإضراب الذي يشمل المحال التجارية والمصانع والموظفين في القطاعين العام والخاص، الأمر الذي يزيد من نقمة النظام عليها»، موضحا في الوقت نفسه أن «عناصر الجيش السوري الحر يلعبون دورا أساسيا في حماية المتظاهرين، ودائما ما يصدون هجمات كتائب الأسد والشبيحة وينصبون لهم الكمائن ردا على قتل المدنيين، ثم ينسحبون تكتيكيا إلى خارج حمص».

إلى ذلك، كشف عضو «الهيئة العامة للثورة السورية» في حمص هادي العبدالله، عن أن «الجيش السوري الحر يقوم بحماية بعض الأحياء في المدينة ولكن هؤلاء يفتقرون إلى العتاد من أجل حماية جميع الأحياء من المجرمين والقتلة»، مطالبا المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية، بـ«دعم هذا الجيش الحر بالعتاد من أجل حماية المدنيين». في حين أعلن عضو تنسيقية تلكلخ (إحدى مدن ريف حمص) أبو علي، أن «هناك انشقاقات داخل الثكنات العسكرية». وقال «لا بديل لدينا سوى الحظر الجوي أو إقامة منطقة عازلة، وضرورة تدخل قوات أجنبية لحماية المدنيين الذين يقتل منهم العشرات كل يوم».