الحسكة تشارك في الثورة السورية بعد تراخي القبضة الأمنية

ناشط لـ«الشرق الأوسط»: العرب يذهبون إلى مناطق الأكراد للتظاهر ضد النظام

TT

اتسعت دائرة الاحتجاجات المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد وإسقاط نظامه السياسي في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، بعد أن اقتصرت في الأسابيع والأشهر الماضية على المناطق ذات الكثافة في عامودة ورأس العين والدرباسية.

فقد نشر ناشطون معارضون على موقع «فيس بوك» فيديو يبين خروج المظاهرات من أحياء مختلفة من المدينة التي يقطنها كرد وعرب، وتجمع المشاركون فيها في حي غويران حيث هتفوا خلال مشاركتهم في جمعة «الجامعة العربية تقتلنا» بشعارات تطالب الدول العربية بعدم إعطاء نظام الأسد مزيدا من المهل لقتل الشعب السوري الأعزل والتدخل الفوري لحماية المدنيين.

وكانت مدينة الحسكة التي تمتد على مساحة 23 ألف كيلومتر مربع، وهي ثالثة المحافظات السورية من حيث المساحة، قد شهدت في أواسط شهر أبريل (نيسان) احتجاجا صغيرا مطالبا بالديمقراطية، حيث تظاهر عشرات المواطنين أمام جامعة الحسكة مرددين شعارات تنادي بالحرية والديمقراطية وتعبر عن التضامن مع المدن السورية الأخرى التي تشهد احتجاجات حاشدة على حكم الرئيس بشار الأسد، مما دفع عناصر الأمن والشبيحة آنذاك إلى إغلاق أبواب الجامعة لمنع الطلاب من الانضمام للمحتجين. ويقول أحد الناشطين المنظمين للمظاهرات في المدينة لـ«الشرق الأوسط»: «منذ حادثة الجامعة والأمن السوري مدعوما من الشبيحة يحكم قبضته على المحافظة، موزعا المخبرين في كل مكان ومحاصرا أي ساحة يشعر بأنها قد تصلح لحشد مظاهرة معارضة لنظام الحكم». ويضيف الناشط الذي ترك جامعته مؤقتا وتفرغ للمظاهرات: «الحسكة من أوائل المدن التي يجب أن تخرج في مظاهرات ضد نظام الأسد. فالمدينة تعاني أزمة مياه شردت مئات الآلاف من السكان خلال السنوات الست الماضية، إضافة إلى انتشار البطالة بين الشباب ومغادرة الكثير منهم للعمل في لبنان تحت شروط إنسانية مهينة». ويشير الناشط المعارض إلى أن «سكان المدينة يشعرون بالغبن والتهميش، والنسبة الكبيرة منهم ضاقت ذرعا من تدخل الأجهزة الأمنية في شؤونها، خاصة أمور الزراعة التي تعد العمود الفقري لاقتصاد المحافظة». وعن اقتصار المشاركة في الاحتجاجات المعارضة للنظام الحاكم على المناطق الكردية، قال الناشط إن الأمر «كان مرتبطا بتعامل الأجهزة الأمنية. في مناطق العرب أحكم الأمن قبضته فخفت وتيرة المظاهرات، بينما غضت الأجهزة الأمنية النظر عن بعض المناطق الكردية خوفا من استفزاز الأكراد، فصارت هذه المناطق تتظاهر بشكل دائم. لكن هذه السياسة لم تستمر طويلا لا سيما بعد مناخ الوحدة الوطنية بين العرب والكرد والذي أسهمت المظاهرات في تشكيله، حيث صار العرب يذهبون إلى مناطق الأكراد للتظاهر ضد النظام والمطالبة برحيله». ويؤكد الناشط أن القمع في الأشهر الأخير طال الجميع «حين فشل النظام في إشعال الفتنة بين العرب والكرد لجأ إلى قمع الطرفين، الأمر الذي كرّس الثورة في المدينة وجعل العدد الأكبر من سكانها على استعداد للتظاهر متى سنحت الفرصة وخف الضغط الأمني».

وكانت مدينة الحسكة التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.3 مليون نسمة، بكثافة سكانية يبلغ معدلها 60 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد، وهي سادس المحافظات من حيث عدد السكان، قد «شهدت خلال الانتفاضة السورية إحراق صورة عملاقة للرئيس بشار الأسد في حرم الجامعة الحكومية، كما انتشرت الكثير من الشعارات المعارضة لنظام الحكم على جدران الشوارع والساحات العامة»، كما يشير الناشط المعارض، قبل أن يختم كلامه قائلا «المدينة ستشهد مشاركة أكبر في الثورة السورية وستفاجئ النظام، وهذا ما يمكن استنتاجه من مزاج السكان الذين ما عادوا يحتملون القمع والفقر والاستبداد».