السوريون يشيعون قتلى الجمعة والأمن يفتح عليهم النار.. ومقتل 22 مدنيا بينهم 4 أطفال

ناشط من حمص: قصف يومي.. والشبيحة يقتلون الأبرياء ويضعون جرائمهم في رقبة العلويين الشرفاء

مراسم تشييع في الجامع الأموي بدمشق أمس لـ44 شخصا قتلوا في التفجيرين الانتحاريين أول من أمس (رويترز)
TT

قتل أمس 22 مدنيا في العمليات العسكرية في أنحاء سوريا، حسبما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي دعا أمس بعثة المراقبين العربية للتوجه إلى حمص، التي تعيش في هاجس اقتحامها، وتشهد أعمال عنف متصاعدة.

وقال المرصد إن بين القتلى الـ22 الذي سقطوا أمس، أربعة أطفال، وأضاف: «في مدينة حمص استشهد ستة مواطنين في حيي بابا عمرو والبياضة بينهم طفل وطفلة، كما استشهد أربعة شبان من مدينة حولة اعتقلوا بعد منتصف ليل الجمعة السبت في حي البستان بكفرلاه (الحولة)، وعثر على جثامينهم في شوارع مدينة الحولة، وفي بلدة تلبيسة استشهد مواطن متأثرا بجراحه، وفي مدينة القصير عثر على جثماني مواطنين اثنين اختطفتهما قوات الأمن صباح اليوم (أمس) بعد إصابتهما بجراح». وتابع: «في محافظة درعا استشهد بعد منتصف ليل الجمعة السبت ثلاثة مواطنين، بينهم طفل، متأثرين بجراح أصيبوا بها الجمعة، واستشهد آخران بإطلاق الرصاص على مشيعي الشهداء».

وأشار إلى أنه عثر في بلدة خربة غزالة بمحافظة درعا، «على مواطن مقتولا بعد اعتقاله فجرا من قبل قوات الأمن السوري». وقال المرصد إن مدينة تل رفعت شمال مدينة حلب، شيعت أمس «جثمان فتاة استشهدت بإطلاق رصاص عشوائي شمال مدينة سراقب بمحافظة إدلب، التي استشهد فيها طفل يبلغ من العمر 10 أعوام متأثرا بجراح أصيب بها يوم أول من أمس خلال إطلاق رصاص». وأضاف: «في مدينة معرة النعمان وفي حي السيدة زينب بريف دمشق، استشهد مواطن وأصيب 15 مواطنا بجراح إثر إطلاق الرصاص على مشيعي مواطن».

وذكر المرصد من جهة أخرى أن قوات عسكرية كبيرة ترافقها دبابات وناقلات جند مدرعة «اقتحمت» بلدة بصر الحرير ومنطقة اللجاة في محافظة درعا. وأضاف المرصد أن هذه القوات «تبحث عن عشرات الجنود المنشقين المتوارين في تلك المنطقة»، معربا عن خشيته من أن «يكون مصيرهم مصير عشرات الجنود المنشقين الذين قتلوا يوم الاثنين الماضي في جبل الزاوية بعد محاصرتهم قرب بلدة كنصفرة».

وحمص وريفها، بدا الوضع الميداني على الأرض أكثر تصعيدا، في ظل المعلومات الواردة من حمص عن تطويق الدبابات والمدرعات لعدد من أحيائها وقصفها، وعزم القوات السورية على اقتحام حي بابا عمرو، مما ينذر بوقوع مجزرة كبيرة.

وبحسب مسؤولي لجان الثورة، فإن الوضع في حمص صعب للغاية، وهو ما أعلنه المسؤول في لجان الثوار أيمن الحمصي، الذي قال: «إن منطقة بابا عمرو مطوقة بالكامل منذ ثلاثة أيام، وقد شدد الجيش السوري الطوق عليها (أمس) بالدبابات، في حين لجأ إلى مداهمة المنازل الواقعة على أطراف هذه المنطقة واعتقل معظم سكانها». وأكد الحمصي لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوات السورية النظامية قصفت ليل أمس (أول من أمس) أحد لعائلة من آل الزعبي بصاروخين، ما أدى إلى استشهاد عائلتين، واحدة مكونة من أب وأطفاله الثلاثة، والثانية رجل وزوجته وولدهما». وسأل «أين بعثة جامعة الدول العربية مما يجري في حمص وما يحضر لها؟ وكيف لنا أن نتصل بها ونبلغها حقيقة ما يجري؟»، مشيرا إلى أن «النظام السوري لن يسمح للبعثة بالدخول إلى المناطق المنكوبة في حمص وغيرها، ولن يعطيها حرية التنقل حتى لا تشاهد جرائمه بالعين المجردة».

وقال: «تعيش حمص، وتحديدا مناطق بابا عمرو وباب السباع ودير بعلبة، وضعا مأسويا، إذ يستهدفها القصف بشكل يومي، ولا ينفك النظام وشبيحته في العمل على إثارة الفتن الطائفية بين السنة والعلويين، وقد اكتشفنا مؤخرا أن الشبيحة يقتلون الأبرياء ويضعون جرائمهم برقبة العلويين الشرفاء، كما أن الشبيحة يلبسون ثياب البدو ويقتلون أشخاصا علويين على الهوية ليقال إن السنة يقتلونهم، والهدف من ذلك إشعال الفتنة والاقتتال بين أبناء المنطقة الواحدة». وتحدث عن معلومات وردت إلى الثوار تفيد بأن «الأمن السوري اعتقل في اليومين الماضيين العشرات من الضباط والعناصر الذين رفضوا تنفيذ الأوامر وإطلاق النار على المتظاهرين، وأن هناك نية لتصفيتهم، ومن ثم إطلاع البعثة العربية على جثثهم والزعم بأن المجموعات الإرهابية قتلتهم».

ولفت إلى أن حمص «تتعرض لعقاب بربري، إذ إن الكهرباء مقطوعة منذ أربعة أيام، بعدما أقدم عناصر أمن النظام على ضرب محولات الكهرباء وتقطيع الكابلات وقطع المياه والهاتف عن المدينة وأحيائها كعقاب جماعي». ورأى أن «الجرائم التي تصور وتبث على الإعلام لا تحتاج إلى لجان عربية ودولية لإثبات وحشية هذا النظام». وأبدى خشيته من أن «يقدم أمن النظام وشبيحته على قتل أعضاء البعثة العربية أو البعض منهم وإلصاق هذه الجريمة بالثوار أو من يسمونهم إرهابيين».

إلى ذلك فإن الصورة في مدينة القصير (محافظة حمص) القريبة من الحدود اللبنانية، تبدو سوداوية أيضا وفق ما أعلن ناشطون هناك، بحيث أفاد المسؤول في تنسيقية القصير أبو فادي، بأن المدينة «تتعرض للقصف بالقذائف الصاروخية والرشاشات». وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «بعض الشهداء ما تزال جثثهم على الأرض ويمنع على الناس سحبها لدفنها». وقال: «هناك ستة شهداء ما زالت جثثهم ملقاة منذ ثلاثة أيام قرب حاجز للجيش السوري إلى جانب مزرعة كاسوحا، عند المدخل الشرقي للقصير، واليوم (أمس) حاول عدد من الشباب التسلل لسحب الجثث فتعرضوا لإطلاق نار، ما أدى إلى جرح ثلاثة منهم وهم كتيبة العتر ومحمد العتر وحمادة الزهوري، وقد نقل هؤلاء الجرحى إلى لبنان عن طريق عرسال (البقاع اللبناني) لمعالجتهم»، كاشفا عن «تعرض القصير لمداهمات أسفرت في الساعات الأخيرة عن اعتقال 35 شخصا، بينهم رجال طاعنون في السن». ورأى أن «السبب في حملة الاعتقالات الجديدة هو أن يعمد النظام إلى إطلاق سراح دفعة منهم، ليظهر أمام اللجنة العربية أنه أفرج عن معتقلي الثورة ووفى بالتزاماته».