العواصم الغربية تدين تصاعد العنف في سوريا وتدعو إلى تهدئة الأوضاع

موسكو تطرح التراجع عن مشروع قرارها بمجلس الأمن في حال إحراز بعثة الجامعة العربية تقدما

متظاهر سوري يعيد إلقاء قنبلة مسيلة للدموع على قوات الأمن أول من أمس بعد محاولات لتفرقة نحو 70 ألفا من سكان حمص كانوا بانتظار وفد المراقبين (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي أدانت فيه وزارة الخارجية الأميركية ما قالت إنه تصاعد للعنف سبق وصول مراقبي الجامعة العربية إلى سوريا، حثت روسيا، وهي من الحلفاء القلائل الباقين لسوريا، أمس، دمشق على السماح لبعثة مراقبي الجامعة العربية بالتنقل بحرية في أنحاء البلاد؛ أثناء قيامها بالتحقق مما إذا كانت سوريا تنفذ خطة السلام العربية لإنهاء أعمال العنف المستمرة منذ عدة أشهر.

وقال وزير الخارجية سيرجي لافروف في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري محمد كامل عمرو: «يجب أن تكون البعثة قادرة على زيارة أي مكان في البلاد وأي بلدة أو قرية، وأن تخلص إلى رأيها المستقل والموضوعي بشأن ما يحدث وأين يحدث».

وقدمت روسيا مسودة قرار معدلة إلى الأمم المتحدة تندد بإراقة الدماء، لكنها لم تصل إلى حد توجيه اللوم إلى الرئيس السوري بشار الأسد.. وتقول موسكو إنها تؤيد بعثة المراقبين. وقال لافروف: «عملنا على الدوام مع القيادة السورية وطالبناها بالتعاون الكامل مع المراقبين بشأن توفير ظروف عمل مريحة تتسم بالحرية».

وسوف تقيّم البعثة ما إذا كان الأسد قد وفّى بوعده بسحب القوات من المدن، وأوقف العنف الذي يهدد بالانزلاق إلى حرب أهلية.

وهددت الجامعة العربية بفرض عقوبات إذا استمرت الحملة، وهو عقاب ترفضه موسكو، محذرة من أن أي حظر على الأسلحة يمكن أن يوقف وصول أسلحة لدمشق، بينما يحصل المحتجون على أسلحة تساعدهم على تصعيد الصراع.

وقال مركز «سي.إيه.إس.تي»، وهو مركز أبحاث متخصص في الشؤون الدفاعية الروسية، إن واردات سوريا تمثل سبعة في المائة من إجمالي مبيعات الأسلحة الروسية للخارج، والتي بلغت قيمها عشرة مليارات دولار في عام 2010، وتحتفظ روسيا أيضا بقاعدة صيانة بحرية في طرطوس.

وفي غضون ذلك، أدانت وزارة الخارجية الأميركية أول من أمس ما قالت إنه تصاعد للعنف قبل وصول مراقبي الجامعة العربية إلى سوريا. وقد احتشد عشرات الآلاف من السوريين في حمص يوم الثلاثاء للاحتجاج على الرئيس بشار الأسد بتشجيع من أول جولة لمراقبي الجامعة العربية في المدينة المضطربة، بعد أن سحب الجيش بعض الدبابات في أعقاب أيام من الاضطراب.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات الأمن قتلت 15 شخصا في أنحاء البلاد يوم الثلاثاء، منهم ستة في حمص. وقالت شبكة نشطاء إن 34 شخصا قتلوا يوم الاثنين.

وقال مارك تونر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: «شهدنا صورا مروعة لإطلاق نيران عشوائي، منها مدفعية دبابات ثقيلة.. وسمعنا بأنباء عن عشرات القتلى وآلاف الاعتقالات، وكذلك حوادث ضرب لمحتجين سلميين».

وأضاف تونر قوله: «يجب أن يتاح للمراقبين الوصول دونما قيد إلى المحتجين وإلى المناطق التي تضررت بشدة من الحملة التي يشنها النظام. وهم يتحملون مسؤولية ثقيلة في محاولة حماية المدنيين السوريين من عمليات التدمير لنظام قاتل». وتابع قائلا: «إذا استمر النظام السوري في المقاومة وتجاهل جهود الجامعة العربية، فإن المجتمع الدولي سيدرس وسائل أخرى لحماية المدنيين السوريين».

ويريد المراقبون تحديد ما إذا كان الأسد وفّى بوعده بتنفيذ خطة سلام لإنهاء حملته العسكرية المستمرة منذ تسعة أشهر لقمع انتفاضة شعبية أدت إلى تمرد مسلح يدفع سوريا نحو حرب أهلية.

وظهرت في لقطات مصورة بثها نشطاء في حمص بموقع «يوتيوب» على الإنترنت حشود من المتظاهرين تجمعت في مدينة حمص وهي تصيح في المراقبين العرب «بدنا (نريد) حماية دولية».. وأظهرت اللقطات مقابلة في الشارع فيما يبدو مع المراقبين العرب، حيث ناشدهم بعض السكان وتوسلوا إليهم للتوغل في حي بابا عمرو حيث اتسمت الاشتباكات بالشراسة.

وتحظر دمشق دخول الصحافيين الأجانب، مما يجعل من الصعب التحقق من الأحداث على الأرض.

ويقول محللون إن الجامعة العربية حريصة على تجنب نشوب حرب أهلية في سوريا. ولم تبد القوى الغربية رغبة في التدخل عسكريا، وتنقسم المواقف في هذا الأمر داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتعارض روسيا والصين أي تلميح إلى تدخل عسكري.

وفي السياق ذاته، جددت كندا مطالبتها النظام السوري بوضع حد للقمع، كما دعت الرئيس بشار الأسد إلى الاستقالة، معتبرة أنه لا يفعل إلا «تأخير ما لا مفر منه»؛ لأنه «سوف يطرد قريبا من السلطة».

وقال وزير الخارجية الكندي جون بايرد في بيان له قبل يومين: «نحث النظام على وضع حد لأعمال العنف فورا، وإلى تأمين ممر آمن للمراقبين الدوليين كي تدخل الإصلاحات التي يطالب بها السوريون حيز التطبيق»، وذلك ردا على مقتل العشرات برصاص الجيش في حمص.

وأضاف أن «الأسد وأنصاره لا يفعلون إلا تأخير ما لا مفر منه.. خسر الرئيس كل صدقية، وسوف يطرد قريبا من السلطة.. يجب أن ينسحب وأن يفسح في المجال بإحقاق الحق».