فتوى تعيد شابا «قبطيا» إلى قريته في مصر.. والطيب: اضطهاد مسيحيي الشرق كذب وافتراء

قرروا طرده لأنه قال: «صلِّ على النبي».. ثم احتكموا للأزهر فقضى بعودته

TT

«صلِّ على رسول الله»، «موسى نبي.. عيسى نبي.. محمد نبي.. وكل من له نبي يصلي عليه».. تعبيرات دارجة على ألسنة المصريين البسطاء؛ المسلمين والمسيحيين، تستخدم للتهدئة بين المتخاصمين أو المتشاجرين، لكنها تحولت في محافظة أسوان إلى واقعة حزينة كادت تتسبب في تشريد أسرة.

فعندما وردت عبارة «صلِّ على رسول الله» على لسان سعد سعيد، وشهرته «روماني»، شاب مسيحي (40 عاما) يعمل عامل بناء خلال محادثة، تطورت إلى شجار مع صاحب العمل (الذي يعمل مقاول بناء)، بشأن ادعائه عدم إتقان «روماني» للعمل الموكل إليه بإحدى البنايات في قرية «النزل» بمركز إدفو في صعيد مصر، مع مجموعة من المسلمين.

وعلى أثر ذلك انتشرت الشائعات في القرية بأن «روماني» قصد من عبارته إهانة الدين الإسلامي والمسلمين، لكن الاتجاه الآخر من المسيحيين اعتبره خروجا عن ملته.

وأمام الجدل الكبير الذي أثاره الشاب المسيحي داخل القرية، اجتمع حكماؤها من المشايخ والقساوسة وقرروا طرده خارج القرية من دون أسرته وأولاده، لأجل غير مسمى ،حتى تهدأ الأوضاع داخل القرية.

وكانت تصريحات غربية قد تعالت بشأن تعرض مسيحيي الشرق الأوسط للاضطهاد، وهو ما حاول الأزهر، بوصفه أعلى مرجعية سنية في العالم الإسلامي، بمحاولات كبيرة لتغيير هذا التصور من الغرب والتأكيد على أن المسلمين والمسيحيين كيان واحد، هذا ما أكد عليه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر خلال استقباله أمس، نيافة البطريرك جريجوريوس الثالث لحام، بطريرك أنطاكيا وسائر الشرق للروم الكاثوليك، قائلا إن «المسلمين والمسيحيين في الشرق نسيج وطني واحد، والديكتاتورية والاستبداد في الماضي القريب لم يفرقان بين مسلم ومسيحي، فالاضطهاد وكبت الحريات أصابا الجميع، فلا يحق وليس من الوطنية أن ترتفع الأصوات الناعقة هنا وهناك لتشكوا من اضطهاد هذا الفريق أو ذاك».

لكن تجربة الشاب روماني تضع علامات استفهام وتظهر تناقضات كثيرة بشأن وضع المسيحيين في مصر.. من جهتهم، يعتقد عدد من شباب القرية المسلمين أن «روماني» لم يخطئ، فقرروا إعادته، لكن واجهوا صداما مع بعض التيارات الإسلامية، لذلك قرروا الاحتكام إلى الأزهر ودار الإفتاء، لإصدار فتوى يلتزم بها الجميع. وحسب مجاهد محمد، أحد شباب القرية، قال: «جئنا إلى الأزهر لطلب فتوى تعيد الشاب المسيحي إلى القرية»، مضيفا أن «روماني يعيش في قرية أجداده منذ عهود طويلة، وقام بالمساهمة في بناء أغلب المساجد ومنازل المسلمين، لكونه البنّاء الوحيد بالقرية»، لافتا إلى أنه يحترم الجميع وله علاقات طيبة بجميع الأسر المسلمة، ولم يسئ لأحد طول عمره. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «جميع أهل القرية متفقون على عودته، لكن أمام رفض بعض المنتمين للتيار الإسلامي الذين طلبوا فتوى رسمية من الأزهر، وخوفا من إحداث فتنة في القرية، قررنا طرق أبواب المؤسسة الدينية الرسمية في مصر».

وأبدى شيخ الأزهر استياءه من تصريحات بعض القادة الدينيين الذين يدعون أن المسيحيين في الشرق يعانون من الاضطهاد، مؤكدا أن هذا افتراء على الأمة بمسلميها ومسيحييها، وهو كذب وافتراء يكذبه الواقع، ويدخل في خانة التخويف من المد الديمقراطي الذي يعم العالم العربي.