مصدر دبلوماسي أوروبي: نظام الأسد سيسقط.. لكن رحيله لن يكون سريعا

الاتحاد الأوروبي يدين تفجيرات حمص.. وأشتون تدعو لإيقاف العنف «فورا»

TT

قال مصدر دبلوماسي أوروبي إن النظام السوري يلعب على عامل الزمن، ويراهن على تغييرات يمكن أن تحصل في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، لتتراجع الضغوط التي تمارس عليه إن من قبل الجامعة العربية أو من قبل أطراف مثل الولايات المتحدة الأميركية أو فرنسا أو عدد آخر من البلدان الأوروبية.

وأفاد هذا المصدر الذي يقيم في دمشق بحكم وظيفته الراهنة بأن النظام ينتظر انتقال رئاسة الجامعة العربية من قطر إلى العراق بمناسبة القمة العربية المنتظرة في بغداد في شهر مارس (آذار) المقبل، للدور المؤثر الذي يمكن أن تلعبه رئاسة الجامعة، ولـ«التخلص» من الرئاسة القطرية، ولـ«التعاطف» الذي يحظى به من الحكومة العراقية، وللدور الذي لعبه العراق في «عرقلة» خطط الجامعة العربية. وإقليميا، يراهن النظام على تراجع تركيا عن مواقفها العدائية تجاهه لأسباب تتعلق بمعاودة العمليات الكردية الإرهابية ولأسباب سياسية وأمنية أخرى. وعلى الصعيد الدولي، ينتظر النظام انحسار الاهتمام الفرنسي والأميركي بالملف السوري مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية في هذين البلدين. ويؤكد المصدر الدبلوماسي الأوروبي أن مجموع هذه العوامل يدفع النظام إلى «شراء الوقت» وإعطاء الانطباع بأنه يتجاوب مع المبادرة العربية ومستمر في العملية الإصلاحية (الدستور، الاستفتاء...)، وإعطاء الانطباع بأن الأمور تسير بشكل طبيعي في المراكز المدنية الأساسية ذات الثقل الديموغرافي والسياسي والاقتصادي.

ويعتمد النظام السوري، كما يقول المصدر الدبلوماسي، على نجاحه في الاحتفاظ بولاء القيادات العسكرية والأجهزة الأمنية وتحاشي الانشقاقات الواسعة رغم ظهور «الجيش السوري الحر» والاستمرار في تعبئة الأقليات المسيحية والعلوية عن طريق تخويفها من مجيء الإسلاميين إلى السلطة. ورغم العقوبات الخارجية المفروضة على النظام والشركات والأفراد، فإن أثرها ما زال محصورا، إذ إن العقوبات العربية لم تطبق، والعقوبات التركية رمزية. وبرأيه، فإن العقوبات المفروضة اليوم بما فيها العقوبات الأميركية والأوروبية «ليست كافية» إلى درجة إضعاف النظام ودفعه إلى حافة الانهيار. ورغم ذلك، يعتبر الدبلوماسي المشار إليه أن النظام السوري سيسقط لكنه «لن يسقط سريعا»، حيث إنه «لا أحد يعلم إن كان ذلك سيتم بعد ثلاثة أسابيع أو ثلاثة أشهر أو عام...».

وأشار المصدر إلى التغير في خطاب الجامعة العربية وتراجع سقفه، إذ تبين أن الإنذارات التي أعطتها للنظام في سوريا لم تحمل دمشق على الامتثال، وأن النظام ما زال قويا ويستطيع الاعتماد على عدد من البلدان داخل اللجنة العربية أو داخل صفوف الجامعة.

وشدد المصدر الدبلوماسي الغربي على لعب النظام على عامل الخوف للمحافظة على ولاء الأقليات، داعيا المعارضة لبلورة برنامج سياسي تطمئن فيه الخائفين من التغيير وما يعتبرونه «قفزا إلى المجهول». كذلك أشار إلى الدور «المحدود» الذي تلعبه المعارضة السوري لجهة تأثيرها على الشارع وعلى المظاهرات. وبحسب ما أكده، فإن الداخل يريد من المجلس الوطني السوري مثلا أن يلعب دور «العلاقات العامة».

ونبه المصدر الأوروبي إلى أن أي تدخل خارجي في سوريا سيلعب لصالح النظام، مستبعدا بأي حال إمكانية حصول انقلاب عسكري يطيح بالرئيس بشار الأسد. وبرأيه، فإن الدلائل على ذلك أن الانشقاقات التي حصلت في صفوف الجيش والقوى الأمنية بقيت ضعيفة الرتب، ولا تنتمي إلى الفرق المقاتلة. ولم يستبعد أن تكون مخابرات خارجية بصدد السعي لتدبير انقلاب على بشار الأسد.

وفي سياق مواز، التأمت شخصيات وممثلون من المعارضة في إحدى قاعات البرلمان الفرنسي، بدعوة من النائب جيرار بابت، رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية - السورية، لمناقشة تطورات الموقف الداخلي والدولي بخصوص سوريا. لكن سريعا ما تبينت الفروقات السياسية التي تباعد بين أطراف المعارضة وتمنعها من بلورة برنامج سياسي له مصداقية ويمكن تقديمه للفوز باعتراف دولي وتحقيق اختراق في ميزان القوى الراهن. وشارك في اللقاء إلى جانب بابت، النائب جاك ميار، وعضو مجلس الشيوخ السابق اتيان بينت. ومن المعارضين المشاركين ميشال كيلو، وحسن كامل، ومنذر خاموس، وسمير عيطة، ورندة قسيس.

وقد لفتت الانتباه مداخلة المعارض المستقل ميشال كيلو، الذي أكد أن النظام يريد تحويل ما يجري في سوريا إلى مواجهة بينه وبين المتطرفين الإسلاميين في البلاد. وبحسب كيلو، ثمة ثلاثة عوامل تدحض القول إن ما يحصل في سوريا اليوم ثورة إسلامية وإن الغرض إقامة حكم إسلامي. وبرأيه أن «الإسلاميين تغيروا، وأن العلمانيين هم من قادوا نضال الشعب السوري، فضلا عن أن المجتمع السوري تعلم دروس الاستبداد، مما يعني أنه لن يقبل بإحلال استبداد قائم باستبداد سيأتي». ومن جانبه، دعا حسن كامل، اللاجئ السياسي السوري إلى فرنسا، إلى «تطوير آليات تحرك الثورة والتصويب على النظام في النقطة الموجعة»، أي في العاصمة، داعيا في الوقت عينه إلى الإبقاء على سلمية الثورة. وأثار اتيان بينت مخاوف الأقليات في سوريا وعلى رأسها المسيحيون، معربا عن استهجانه للمواقف الرسمية للحكومة الفرنسية التي تلتزم موقفا بالغ التشدد ضد النظام السوري.

ومن جهته، أدان الاتحاد الأوروبي الحادث الأخير الذي وقع في حمص السورية، وأسفر عن وقوع عدد من القتلى والجرحى، بينهم الصحافي الفرنسي جيل جاكييه، وعبرت كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية الأوروبية، عن تعازيها لأسرة الصحافي الفرنسي وباقي ضحايا الحادث المروع، وكررت دعوتها إلى ضرورة وقف العنف في سوريا بشكل فوري، وقالت «نشعر بالقلق الشديد إزاء التصعيد الأخير للعنف في البلاد»، وطالبت بضرورة إجراء تحقيق سريع للكشف عن ملابسات والظروف التي أدت إلى وقوع الحادث. وشددت من خلال بيان صدر ببروكسل على أن السلطات السورية تتحمل مسؤولية ضمان سلامة الصحافيين في البلاد «ولا بد أن يعمل الصحافيون من دون خوف من العنف أو القمع حتى يقوموا بدورهم الحيوي لتوفير معلومات مستقلة عن الأحداث في سوريا».

وفي الصدد نفسه، أشارت مصادر دبلوماسية أوروبية في بروكسل، إلى أن داود أوغلو، وزير خارجية تركيا، قد تلقى دعوة للمشاركة في جزء من اجتماعات وزراء خارجية أوروبا يوم 23 يناير (كانون الثاني) الحالي أثناء مناقشة ملف الأوضاع في سوريا وملف إيران النووي. وقالت مصادر المؤسسات الأوروبية، إن أوغلو سيطلع نظراءه الأوروبيين على نتائج محادثات أجراها مع مسؤولين إيرانيين حول إيجاد حل لمشكلة الملف النووي الإيراني. وسيبحث الوزراء خلال الاجتماع تطورات الأحداث في سوريا، والتحرك الأوروبي إزاء استمرار العنف في البلاد، وأيضا اتخاذ قرار بشأن توسيع العقوبات على إيران وتشمل الحظر النفطي.

وفي بروكسل أيضا، أدان الاتحاد الدولي للصحافيين مقتل مراسل التلفزيون الفرنسي جيل جاكييه في مدينة حمص وسط سوريا. وقال نائب رئيس أكبر منظمة للصحافيين في العالم أوليفييه دا لاج، في بيان «نأسف لمقتل صحافي موهوب معروف عنه خبرته»، مشددا على أهمية «تقديم السلطات السورية تفسيرا لعدم اتخاذ تدابير وقائية لضمان سلامة زملائنا الصحافيين في مناخ من انعدام الأمن يسود البلاد». وقتل جاكييه، الذي يعمل في القناة الثانية بالتلفزيون الفرنسي، في هجوم بقذائف بمدينة حمص معقل المعارضين للنظام، أثناء وجوده مع مجموعة من الصحافيين الأجانب، في إطار زيارة نظمتها السلطات السورية. ويعد جاكييه أول صحافي أجنبي يقتل في سوريا منذ بداية المظاهرات المعارضة للنظام السوري في مارس الماضي.