أمينة «المرأة» في حزب «الإخوان»: رفضنا المشاركة في مسيرة «حرائر مصر» لأن المشاركات فيها ممولات ولديهن أجندة خاصة

قالت لـ «الشرق الأوسط»: الأخوات سيدخلن مكتب الإرشاد.. ولا محاذير باستثناء منصب رئاسة الجمهورية

د. منال أبو الحسن (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

اتهمت الدكتورة منال أبو الحسن، أمينة لجنة المرأة بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، السيدات المشاركات في مسيرة حرائر مصر، التي جاءت في أعقاب سحل فتاة مصرية في ميدان التحرير على أيدي عناصر الجيش، بأنهن ممولات من الخارج لتحقيق أجندات خاصة، وقالت في حوارها مع «الشرق الأوسط» في القاهرة إنه «عندما تسير المرأة للدفاع عن حقها فهذا امتهان لكرامتها»، وأضافت متسائلة: «أليس لها زوج، أو أخ، أو ابن يدافع عنها؟!».

وأشارت أبو الحسن، وهي أستاذ الإعلام بجامعة السادس من أكتوبر، إلى أن المرأة الإخوانية في طريقها للانتخاب في مجلس إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، لافتة إلى أنه على الرغم من تقلص وجود المرأة في برلمان الثورة الذي تم انتخابه أخيرا، قدم حزب الحرية والعدالة 70 في المائة من العشرين سيدة اللائي نجحن في الانتخابات.. «لو كنا نزلنا بقوتنا ما كنتم لتجدوا أحدا غيرنا على الساحة السياسية ككل».

وقالت أبو الحسن إن «هناك نحو 3 آلاف كادر من الأخوات داخل جماعة الإخوان المسلمين، وكلمة (كادر) تعني أن وراء السيدة الكادر شعب يتحرك، وجيش من الأخوات والمحبات للإخوان المسلمين، وحتى تصبح الإخوانية (كادر) فلديها مراحل طويلة وكبيرة جدا، فلا بد أن تنهي منهجا كاملا للأخوات يستغرق في المتوسط ما بين 4 إلى 10 سنوات».

وردا على اتهامات لجماعة الإخوان وحزبها بالانتهازية السياسية، قالت القيادية الإخوانية: «نحن نثق في أنفسنا جدا، وندرك تماما أننا لو ذهبنا إلى الانتخابات بقائمة تقتصر على مرشحي (الإخوان) لكنا فزنا بأكثر من 70 في المائة من مقاعد البرلمان وبعض المصريين صوتوا للسلفيين لأن قوائمنا تضمنت مسيحيين وليبراليين».. وفيما يلي نص الحوار:

* بدا نشاط الأخوات في صفوف جماعة الإخوان المسلمين أكثر وضوحا في أعقاب نجاح الثورة؛ أين كان دوركن قبل 25 يناير؟

- كنا نقوم بنشاطنا بشكل غير معلن، ففي ظل سطوة النظام السابق كانت مخاطرة كبيرة الإعلان عن وجود الأخوات، وخشية اعتقال الأخوات كانت قيادات الجماعة يفضلون أن تظل المرأة في الظل حفاظا على كيان الأسرة وتربية الكوادر، إذا ما اعتقل الزوج أو الأب.

* لكن غيابكن عن مقاعد البرلمان يثير علامات استفهام.. لماذا لم يدفع حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) بالأخوات على رأس القوائم الحزبية لضمان تمثيل أفضل للمرأة التي تقلصت مشاركتها بشدة في برلمان الثورة؟

- على الرغم من اعترافي بتحجيم دور المرأة في البرلمان، هناك حقيقة وهي أن الأخوات يمثلن نحو 70 في المائة من العشرين سيدة اللائي نجحن في الانتخابات، ولو كنا نزلنا بقوتنا ما كنتم لتجدوا أحدا غيرنا على الساحة السياسية ككل، وهذا ليس تنازلا منا كإخوان مسلمين، ولا هو قهر للمرأة، لكنه جاء في إطار تخطيط توافقي، فنحن ليس لدينا أي نظرة نوعية لتمييز ما بين السيدات والرجال داخل الجماعة. المرأة في الجماعة ممثلة في 12 أمانة عامة ولها أمانة خاصة بها (أمانة المرأة).. وهذا يشبه وضع المرأة في القرآن الكريم، إذ إنها موجودة في كل سور القرآن، لكن لها سورة خاصة، اسمها سورة النساء، ولقد اقترحت على قيادات الحزب لضعف التمثيل البرلماني للأخوات أن يكون هناك تمثيل لهن داخل لجنة البرلمانيين كتمثيل غير رسمي، بالإضافة إلى أن كل برلماني دخل مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) يكون في مقره الخاص امرأة تمثله كتمثيل غير رسمي، هذا من شأنه تفعيل وجود المرأة.

* إذا كان الأمر كذلك؛ لماذا لم تُنتخب أي سيدة (أخت) لمكتب إرشاد الجماعة (أعلى هيئة تنفيذية)؟

- قد طالبنا بعد الثورة بتمثيل المرأة في المراكز الإدارية للجماعة، وعلى رأسها مكتب الإرشاد، وأحب أن أقول إن دخول الأخوات لمكتب الإرشاد سيحدث، لأنهم وعدونا بدراسة هذا الأمر، ولم يُرفض طلبنا.. فلا توجد محاذير في ممارسة العمل السياسي وتقلد أي منصب باستثناء منصب رئاسة الجمهورية، وسيدات الجماعة أخذوا حقوقهم بالتمام.

* كم عدد الأخوات الفاعلات داخل جماعة الإخوان المسلمين؟

- هناك نحو 3 آلاف كادر من الأخوات، وكلمة «كادر» تعني أن وراء السيدة الكادر شعب يتحرك، وجيش من الأخوات والمحبات للإخوان المسلمين، وحتى تصبح الإخوانية «كادر» فلديها مراحل طويلة وكبيرة جدا، فلابد أن تنهي منهجا كاملا للأخوات يستغرق في المتوسط ما بين 4 إلى 10 سنوات لتحفظه ويشمل منهجا دعويا، تعبديا، سلوكيا، مجتمعيا، يؤهلها للعمل المجتمعي بشكل متوازن.

* وماذا عن تجربتك داخل جماعة الإخوان المسلمين.. منذ متى وأنت كادر إخواني؟

- أنا إخوانية منذ ربع قرن ويزيد، تربيت تربية إخوانية، وهذه التربية تبدأ منذ الصغر، حيث تكبر البنت على المنهج الإخواني، أما لكي تصبح الأخت «كادر»، فهذه عملية شاقة وتحتاج إلى سنوات طويلة من العمل الدعوي والديني والاجتماعي، وإذا كانت كبيرة فيكفيها أن تنضم إلى الدروس التي تقدمها الأخوات وتتدرج بعد ذلك في المناهج. وأعتقد أن أكثر ما يجعل البنات والسيدات يقبلن على الانضمام لدروس الأخوات هو عملية تجفيف منابع الدين التي كان يعمل عليها بقوة نظام مبارك التعليمي والإعلامي، فبات الانضمام للأسر الإخوانية محاولة لمعرفة الدين وتفسيره وحفظ القرآن.

* البعض يتهم الإخوان المسلمين بالانتهازية السياسية، خاصة على مستوى التعامل مع قضايا الرأي العام التي تتعلق بالعلاقة مع المجلس العسكري الحاكم في البلاد.. ما تعليقك على هذه الاتهامات؟

- الإخوان المسلمون ليسوا انتهازيين، هذه دعاية كاذبة ضدنا، ولقد ارتضينا خارطة طريق لتسليم السلطة في مصر، وهي مختلفة تماما عن المطروح حاليا في الشارع السياسي أو في وسائل الإعلام. فنحن اتفقنا وارتضينا على انتخاب البرلمان واختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ثم انتخابات الرئاسة. ومنذ اللحظة الأولى التزمنا بعدم التنافس على منصب رئيس الجمهورية، هذا لا يمنعنا بالقطع من أن نزكي شخصا، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح (قيادي بارز في جماعة الإخوان) خير دليل على تمسك «الإخوان» بهذا المبدأ، فحينما أعلن ترشحه للرئاسة، أعلن مكتب الإرشاد عدم دعم أبو الفتوح في انتخابات الرئاسة، لكن لو أراد أي إخواني انتخابه فلا بأس، حتى نكون صرحاء مع الناس وشفافين، فنحن لا نريد أن يستحوذ «الإخوان» على السلطتين البرلمان والرئاسة.. الأتراك قالوا لنا إن الفرصة جاءت إلى عندكم ولم تستغلوها، ولكني أرى أن ما يفعله «الإخوان» الآن هو أفضل طريقة في إدارة العمل السياسي، فلا يعقل أن يتحمل فصيل واحد كل الأعباء.

* كيف نفسر انسحابكم من المجلس الاستشاري على الرغم مما تقولون من حرصكم على المشاركة الفعالة والتوافق؟

- انسحابنا من المجلس الاستشاري جاء بسبب أن الملفات التي طرحت علينا فيها مخالفات واضحة لإرادة الشعب، فقد رفضنا أن يفرض الدستور فرضا على الشعب، فـ«الإخوان» ليسوا أوصياء على الشعب لكي يوقع بالنيابة عنه، وكوننا حصلنا على نسبة 40 في المائة في الانتخابات لا يعطينا الحق في تجاوز الأطر الشرعية التي اختارها الشعب للقيام بهذه المهمة.. هذا السبب جعل حزب الوفد يخرج من التحالف الديمقراطي الذي تشكل من 43 فصيلا سياسيا، وإذا كنا انتهازيين، كما يقال عنا، لقلنا: نحن أغلبية في الشارع المصري، وبالتالي من حقنا أن نوقع على أي التزام، والصحافة الغربية التفتت إلى ذلك، وقالت إن خروج «الإخوان» من المجلس الاستشاري أفقد الحاكم العسكري شرعيته، لأن دخول «الإخوان» يعني أن كل القوى الشعبية في مصر راضية.

* بمناسبة حديثك عن «التحالف الديمقراطي من أجل مصر» الذي تشكل بقيادة الإخوان وحزب الوفد، البعض اعتبر هذا التحالف مجرد تكتيك سياسي لتجميل وجه الإخوان المسلمين.. ما تعليقك؟

- نحن نثق في أنفسنا جدا، وندرك تماما أننا لو ذهبنا إلى الانتخابات بقائمة تقتصر على مرشحي الإخوان لكنا فزنا بأكثر من 70 في المائة من مقاعد البرلمان، وبعض المصريين صوتوا للسلفيين لأن قوائمنا تضمنت مسيحيين وليبراليين، وكانت تأتيني اتصالات هاتفية من المصريين في الخارج يقولون لي: كنا نريد ترشيح قوائمكم، ولكنكم وضعتم أسماء ليبرالية ومسيحية وبالتالي سنرشح السلفيين.

* إذن لِمَ لم تشاركوا في مظاهرات ميدان التحرير على الرغم من سقوط عشرات الضحايا دفاعا عن مكتسبات الثورة؟

- عدم نزول «الإخوان» للميدان منطقي جدا، فنحن قلنا إن لنا مطالب وخارطة الطريق تسير في مسارها الطبيعي، فما الداعي للتظاهر؟!

* لكن الأخوات لم يشاركن حتى في مسيرة حرائر مصر التي رفعت شعار «نساء مصر خط أحمر»، في أعقاب واقعة سحل فتاة ميدان التحرير الشهيرة.. كيف تفسيرين هذا الموقف؟

- مسيرة حرائر مصر مسيرة طائفية، لأن من يدافع عن المرأة المصرية هو الشعب المصري بكل طوائفه، ولا تدافع امرأة بمفردها عن نفسها، فالرجل يجب أن يكون إلى جانب المرأة، فهي وحدها لن تستطيع أن تعيد حقها ولا يجب أبدا أن تذهب هي للبحث عن حقها، وعندما تسير للدفاع عن حقها فهذا امتهان لكرامتها، أليس لها زوج، أو أخ، أو ابن يدافع عنها..؟ لقد رفضنا المشاركة في مسيرة حرائر مصر لأن من شارك فيها نساء لم يشاركوا في الثورة أصلا وهن ممولات من الخارج من أجل تنفيذ أجندة خاصة. فضلا عن أن ميدان التحرير لم يعد خالصا للثوار، واندست فيه عناصر من فئات أخرى، نفس عناصر أحداث مسرح البالون - ماسبيرو، المأجورين الذين شوهوا صورة ميدان التحرير.. ويعيشون في خيام بداخلها نجاسة ومناظر ليست من مظاهر وأخلاقيات الثورة، وأصبحت بيئة خصبة لانتشار كل المخالفات، والثورة منهم براء.