شيخ مشايخ قبيلة البكارة السورية يلجأ إلى تركيا بعد رحلة اعتقال و«اضطهاد سياسي»

حمل النظام السوري مسؤولية «أي مكروه يصيب أحد أفراد أسرته» وسيعمل على «تفعيل المعارضة»

نواف البشير
TT

تمكن شيخ مشايخ قبيلة البكارة، نواف البشير، منذ 3 أيام، من مغادرة سوريا والوصول إلى إسطنبول في ظل ظروف وصفها بـ«العصيبة». وقال الشيخ، الذي يعتبر من أبرز وجوه المعارضة السورية في الداخل، عبر حديث مع وسائل الإعلام، إنه «سيعمل على تفعيل المعارضة، والتنسيق مع الثوار داخل الوطن»، محملا النظام السوري مسؤولية «أي مكروه، يصيب أحد أفراد أسرته». كما انتقد البشير، بشدة، مهمة المراقبين العرب، رافضا «التعامل مع السوريين باعتبارهم حقل تجارب».

وعن الوضع في مدينة دير الزور، التي يتحدر منها، أشار البشير إلى أن «ريف المدينة يتعرض لقصف عنيف من قِبل دبابات النظام السوري التي تجاوز عددها في تلك المناطق 80 دبابة».

البشير، الذي اعتقل في مطلع شهر أغسطس (آب) من العام الماضي؛ حيث قامت عناصر من المخابرات الجوية باختطافه من منطقة السبع بحرات في مدينة دمشق، يقول إن النظام السوري أجبره على الظهور على شاشة التلفزيون الرسمي، بعد شهرين من اعتقاله، لنفي خبر تصفيته من قبل النظام وموته تحت التعذيب؛ حيث جرت شائعة تصفيته آنذاك، عبر وسائل الإعلام. وتحدث البشير، في ظهوره أمس، عن تلك الحادثة، مؤكدا أن الدبابات كان تحاصر منزله: «هددوني بتهديم المنزل على رؤوس أطفالي وأسرتي ما لم أظهر على التلفزيون السوري وأقول ما قلته».

يمتاز المعارض السوري بأنه منح المناطق الشرقية لسوريا، وتحديدا مدن دير الزور والحسكة والرقة، موطئ قدم على خارطة المعارضة السورية. هذه المناطق التي سعى النظام السوري إلى تغييبها عن المشهد السوري العام، وجدت في الشيخ المعارض رمزا يعبر عن معارضتها لأسلوب النظام الحاكم وصلافته. الرجل الذي يعتبر من أبرز مؤسسي لقاء إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي وجد نفسه سنة 1975 متسلما لزعامة المشيخة من والده الذي توفي في السنة نفسها، فصار البشير شيخ مشايخ عشائر البكارة التي يتجاوز عدد المنتمين إليها في سوريا وحدها المليون نسمة. ليعمل لاحقا في السياسة تحت شروط النظام الحاكم، فأصبح عضوا في قيادة حزب الوحدويين الاشتراكيين، المنضوي تحت ائتلاف الجبهة الوطنية التقدمية التي شكلها الرئيس الراحل حافظ الأسد في أوائل السبعينات. وبعد ترشحه لمنصب عضو مجلس الشعب ونجاحه في دورة 1990، سعى البشير إلى تلبية احتياجات أبناء منطقته وعموم مناطق محافظة دير الزور ضمن الإمكانات المتاحة.

الشيخ المولود سنة 1952 في قرية محيمدية في مدينة دير الزور، ترك حزب الوحدويين الاشتراكيين سنة 1993 إثر خلاف تنظيمي مع القيادة الحزبية، وترشح مرة أخرى بشكل مستقل إلى عضوية مجلس الشعب سنة 1998، لكن النظام السوري، الذي بدأ يلحظ بوادر معارضة على السلوك السياسي للشيخ، قام بتزوير الانتخابات؛ فلم ينجح على الرغم من حصوله في ذلك الوقت على أكثر من مليون صوت انتخابي. السيناريو نفسه تكرر في الدورة الانتخابية اللاحقة سنة 2003؛ حيث رسب الشيخ مرة جديدة بفعل ما وصفه بأنه تزوير مقصود.

تؤكد مصادر مقربة من الشيخ نواف أنه قد اعتكف عن العمل السياسي داخل مؤسسات النظام السوري بعد تجربته المريرة وأصبح على يقين من أن التعاون مع هذا النظام على بناء الوطن غير ممكن أبدا، ليتفرغ بعدها إلى معارضة نظام الحكم عبر المشاركة في تأسيس إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي وتمثيل العشائر السورية في هذا الإعلان.

ومنذ بداية الانتفاضة في سوريا كان للشيخ البشير موقف واضح في الوقوف مع الشعب المنتفض والمطالبة برحيل النظام الحاكم، وقد ظهر الشيخ في أكثر من فيديو وهو يخطب في جموع المتظاهرين في مدينة دير الزور. كما كان له دور كبير من خلال الظهور المتكرر على شاشات الفضائيات وفضح ممارسات النظام السوري بحق المحتجين السلميين.

وتذكر المصادر المقربة من الشيخ نواف أنه قد دُعي بعد إعلانه لموقفه المساند للثورة السورية إلى لقاء بالرئيس السوري بشار الأسد في أوائل شهر مايو (أيار) من العام الماضي، إلا أن الأسد لم يقابل البشير وكلف بهذه المهمة الأمين القُطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي محمد سعيد بخيتان، الذي هدد البشير بأنهم مستعدون، كبعثيين، إلى قتل ثلث الشعب السوري، وهذا ما صرح به الشيخ نواف فيما بعد على شاشات الفضائيات، مؤكدا ثبات موقفه المتضامن مع الثورة السورية.