الاتحاد الأوروبي ممهدا لانتقال الملف السوري لمجلس الأمن: الخطة العربية غيرت قواعد اللعبة

ترحيب دولي.. موسكو: لا يمكننا عمل المزيد للأسد

كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
TT

لاقت القرارات العربية التي صدرت عقب اجتماعات وزراء الخارجية العرب مساء أول من أمس ترحيبا دوليا واسعا. وبينما أثنت واشنطن على تلك القرارات، دعا الاتحاد الأوروبي نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى الامتثال لها عبر تنحية الأسد وتشكيل حكومة وحدة وطنية، كما أكد الاتحاد أنه سيمهد لدعم الخطة العربية في مجلس الأمن الدولي. ومن جانبها، أعلنت موسكو عن تأييدها لجهود الجامعة العربية وحثت على «التعجيل بالعمليات الديمقراطية».

وقال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «نرحب بدعوة الجامعة العربية إلى الأسد بتسليم السلطة والسماح لتحول سياسي في سوريا. ونرحب باستمرار القيادة المستمرة للجامعة العربية في هذا الموضوع، وبجهودها التي تهدف إلى تسهيل العملية الانتقالية، وسبل حل سياسي بعد أكثر من 10 أشهر من وحشية نظام الأسد». وأضاف المتحدث: «طالما قلنا إننا نعتقد أن الأسد ينبغي أن يتنحى لبداية فترة انتقالية مستقرة وديمقراطية تحقق رغبة الشعب السوري في الحرية والازدهار».

وفي غضون ذلك، قادت ألمانيا أمس المطالب الأوروبية للحصول على دعم قوي من مجلس الأمن الدولي لدعوات الجامعة العربية للأسد لتسليم السلطة.

وصرح السفير الألماني لدى الأمم المتحدة بيتر ويتيغ بأن خطة الجامعة العربية بشأن سوريا يمكن أن «تغير قواعد اللعبة» بالنسبة لمجلس الأمن الذي يواجه طريقا مسدودا بشأن سوريا، بعد أن استخدمت كل من روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد قرار يدين حملة القمع التي تشنها الحكومة السورية على المناهضين للنظام. وقال ويتيغ إن ألمانيا ستتابع رسالة رسمية تطالب الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بالتحدث إلى مجلس الأمن الذي يضم 15 عضوا «بالسرعة الممكنة»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وصرح ويتيغ للصحافيين بأن «القرارات المتخذة في القاهرة ربما تغير قواعد اللعبة بالنسبة لمجلس الأمن كذلك». وقال إن تقديم شرح من الجامعة العربية لمجلس الأمن سيكون الخطوة الأولى فقط.

وأضاف «نعتقد أننا نحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى تحرك قوي من المجلس ورسالة واضحة للنظام السوري والشعب السوري». وأضاف «الآن الشيء الوحيد المفيد هو تقديم الدعم الحقيقي لقرارات الجامعة العربية وإقرارها. وأي شيء آخر سيعتبر ضعيفا جدا».

وكانت كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قد أجرت اتصالا بالعربي وتشاورت معه بشأن نتائج عمل بعثة المراقبة. وقالت أشتون أمام الصحافيين في بروكسل إن «نهج الجامعة العربية مع سوريا يذكرنا بنهج دول مجلس التعاون مع اليمن،وهناك اتصالات حاليا تقوم بها الجامعة لوضع خطط تهدف إلى منع العنف في سوريا وتعمل أيضا من أجل الحصول على دعم من مجلس الأمن لمبادراتها». وأضافت «نحن ندعم عمل العربي والجامعة لأننا نشعر بالقلق البالغ إزاء الوضع الحالي في سوريا، ونطالب بوقف العنف والسماح للمراقبين بالقيام بعملهم دون عائق».

من جهته، قال وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي إن «الرفض السوري لخطة الجامعة العربية أمر مخيب جدا للآمال»، تعليقا على إشارات الانغلاق الجديدة من قبل دمشق. وأشار الوزير إلى أن «الوضع مقلق للغاية، وينبغي بحث هذه القضية والنظر فيها من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة» وخلص الوزير تيرسي إلى القول «إنه لمن المؤسف جدا أن يرفض نظام دمشق مبادرة السلام التي جاءت من قبل جامعة الدول العربية»، واصفا إياها بأنها «معقولة»، وختم بالتشديد على «إننا نأمل أن يتم رفع هذه القضية مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي».

وفي غضون ذلك، اعتمد الاتحاد الأوروبي حزمة إضافية من التدابير التقييدية ضد النظام في سوريا، تتمثل في إدراج أسماء 22 من المسؤولين العسكريين والأمنيين السوريين في قائمة الأطراف التي تطولها العقوبات الأوروبية وحظر السفر إلى أوروبا. كم تشمل التدابير ثماني مؤسسات حكومية متورطة في أعمال قمع المحتجين في سوريا. وستجمد أرصدة المدرجين في هذه القائمة وسيحظر على الأفراد دخول دول الاتحاد الأوروبي. وقالت كاثرين أشتون «الرسالة من الاتحاد الأوروبي واضحة.. لا بد أن يتوقف القمع فورا».

وبتشديد عقوبات الاتحاد الأوروبي، يبلغ عدد إجمالي الكيانات السورية التي ستجمد أرصدتها 38، كما أن عدد الأفراد المعرضين لتجميد الأرصدة والمنع من الحصول على تأشيرات دخول 108 أفراد.

وفي موسكو، قال مسؤول كبير في الكرملين أمس إن موسكو لا يمكنها عمل المزيد للأسد، مما يفتح الباب أمام تغير الموقف الروسي. وموسكو أحد الحلفاء القليلين الباقين للأسد وتقاوم ضغطا لمطالبته بالتنحي، وانضمت إلى الصين في عرقلة قرار لمجلس الأمن الدولي كان من شأنه إدانة حملة قمع للمعارضة قتل فيها آلاف المدنيين. لكن وكالة «إيتار تاس» للأنباء نقلت عن ميخائيل مارجيلوف، المشرع البارز والمبعوث الخاص للرئيس ديمتري ميدفيديف إلى أفريقيا، الذي شارك أيضا في الدبلوماسية بشأن سوريا، قوله إنه ليس بوسع روسيا فعل المزيد.

ونقلت الوكالة الحكومية عنه قوله «استخدامنا حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن الدولي كان الوسيلة الأخيرة التي تسمح للرئيس بشار الأسد بالحفاظ على الوضع الراهن على الساحة الدولية». وأضاف مارجيلوف، وهو أيضا رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد وهو المجلس الأعلى بالبرلمان، أن حق النقض «كان إشارة جادة للرئيس من روسيا»، بحسب وكالة «رويترز».

ومن جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية عن تأييدها لاستمرار جهود الجامعة العربية في سوريا من أجل البحث عن الحلول المناسبة للتوصل إلى تسوية سلمية بعيدا عن أي تدخل أجنبي، مع ضرورة مراعاة السيادة السورية حسب ما جاء في بيان. وقالت بضرورة إعلان كل الأطراف المعنية من جانب الحكومة والمعارضة في سوريا عن استعدادها للحوار والتوصل إلى ما من شأنه التعجيل بالعمليات الديمقراطية هناك والحيلولة دون الانزلاق إلى المواجهة المسلحة واندلاع الحرب الأهلية. وقالت إن موسكو تعتبر الحوار السياسي الجاد والعملي بين الأطراف السورية المعنية نقطة أساسية في الجهود المتواصلة التي تبذلها الجامعة العربية.