إسرائيل تكرر أملها التزام القاهرة بمعاهدة السلام في تهنئتها للبرلمان المنتخب

خبيرة سياسية لـ«الشرق الأوسط» : تل أبيب تريد الاطمئنان وسط التقلبات المحيطة بها للتفرغ لإيران

TT

كررت إسرائيل الإعراب عن أملها في التزام مصر بمعاهدة السلام المبرمة بينهما عام 1979، وذلك في إطار بيان أصدرته للتهنئة بمناسبة افتتاح البرلمان المصري الجديد قبل عدة أيام.. ورغم إبداء جماعة الإخوان المسلمين (التي تسيطر على الشريحة الأكبر بالبرلمان المصري) أكثر من مرة احترامها للاتفاقية، فإن مراقبين وصفوا رسالة تل أبيب المتكررة بأنها نابعة من إحاطة إسرائيل بالتوتر الإقليمي من كل جانب، وأنها تهدف إلى إغلاق بعض القضايا المعلقة وبث الطمأنينة للرأي العام العالمي من أجل التفرغ للمسألة الإيرانية، أكثر من كونه تَخَوّفا من نقض القوى الإسلامية، المسيطرة على الحياة السياسية في مصر حاليا، لوعودها.

وجاء في بيان لوزارة الخارجية الإسرائيلية أمس أنه «بمناسبة انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الشعب المصري في 23 يناير (كانون الثاني)، تقدم إسرائيل تهانيها للشعب المصري لجهوده من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية والتنمية الاقتصادية»، مضيفا: «نبعث للبرلمان الجديد بتمنياتنا بالتوفيق والعمل المثمر من أجل صالح الجمهور المصري».. إلا أن البيان تابع قائلا: «نحن على ثقة بأن مصر ستظل ملتزمة بأهمية السلام والاستقرار في منطقتنا».

وسبق أن أكدت قيادات من جماعة الإخوان على احترامها للمعاهدات الدولية المبرمة بين مصر والدول الأخرى، ومن بينها معاهدة السلام. وفي تصريحات صحافية قال خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، الأسبوع الماضي: «كمصريين نلتزم بما التزمت به الحكومة المصرية بغض النظر عن تحفظاتنا على أي شيء آخر».. وأضاف أن «المسألة لا ترتبط بحزب يحكم في مرحلة من المراحل؛ بل بآليات بصفة عامة».

إلا أن إسرائيل واصلت محاولاتها لسبر أغوار القوى الإسلامية المسيطرة على الساحة في مصر، حيث قال الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية يجال بالمور - منذ أيام - إن «إسرائيل لم تقفل الباب أمام أحد»، مضيفا: «سنكون مسرورين لإجراء حوار مع كل من يستعد للتحاور معنا»، في إشارة إلى الجماعة، وهو ما رد عليه في حينه محمود غزلان، المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «الجماعة ليس لديها أي استعداد للحوار مع إسرائيل، وهذا قرار تم اتخاذه، وموقفنا منه ثابت وواضح، وغير قابل للمناقشة حاليا». وأضاف غزلان: «ليس من المنطقي فتح حوار.. أي حوار.. في ظل الممارسات الإسرائيلية الحالية بحق الشعوب العربية».

وأكدت القيادات الإخوانية، أكثر من مرة، أن التزامها بالمعاهدات الدولية السابقة لا يتطلب أو يتعارض مع رفضها لإجراء حوار جديد من جهتها مع إسرائيل.

وترى الدكتورة نيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسية، أن تكرار إسرائيل لتأكيد الالتزام بالمعاهدة الدولية لا ينبع من تخوفها من نقض الإخوان للوعد، بقدر ما هو نابع من الظروف الشائكة التي تحيط بإسرائيل ذاتها من كل الجهات، ويدفعها لمحاولة إغلاق كل الملفات العالقة.

وتقول مسعد لـ«الشرق الأوسط»: «تل أبيب تنظر بعين إلى الوضع المضطرب في سوريا، وما قد يحدث في حالة استمرار أو سقوط النظام، وبعين أخرى نحو مصر، وبخاصة بعد أحداث السفارة الإسرائيلية وتزايد الرفض الشعبي لوجود سفيرها في القاهرة.. بينما عقلها منشغل تماما بالمسألة الإيرانية، وتريد أن تتفرغ لها تماما عبر تسديد الملفات المفتوحة قدر الإمكان».

أما عن القلق من الإخوان، فتوضح مسعد أن ذلك أقل ما يشغل تل أبيب، لأن الإخوان يعرفون جيدا الفارق بين القضايا الداخلية والخارجية، فقد ينقضون وعودهم للداخل كما حدث في ترشحهم للبرلمان، لكنهم يحترمون القضايا الخارجية لأنهم يحتاجون في هذه المرحلة دعما خارجيا لتثبيت أقدامهم في مصر.