بدء التحركات داخل الاتحاد الوطني لتعيين خلف لطالباني.. وصالح الأوفر حظا

تقارير تتحدث عن تركه «وصية»

د. برهم صالح
TT

مع تكرار الأزمات الصحية التي تفاجئ الرئيس العراقي جلال طالباني الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني بحكم تقدمه في السن، تتوارد التقارير الصحافية حول مصير حزبه الذي يعاني من صراعات أجنحة واستقطابات قيادته، وهو أصلا حزب جبهوي تأسس في البداية من ائتلاف عدد من القوى الثورية التي أعلنت الثورة الجديدة بكردستان العراق عام 1975، إثر انهيار ثورة سبتمبر (أيلول) التي قادها الزعيم الراحل مصطفى بارزاني قبل توقيع معاهدة الجزائر التي أنهت الثورة الكردية بجبال كردستان.

فبحسب تصريحات قيادي في الحزب لـ«الشرق الأوسط» فإن هناك قلقا داخل التنظيمات الحزبية على مصير الاتحاد الوطني في ظل اشتداد الصراعات والاستقطابات الحالية من قبل قياداته، خصوصا مع تقدم الأمين العام في السن، وتعرضه إلى وعكات صحية مستمرة، وعدم تمكنه من تحمل أعباء إدارة شؤون الحزب بسبب انهماكه بالعمل في رئاسة الجمهورية ببغداد، وغيرها من المهام التي ينوء بها حاليا، مما يشغله عن الانصراف عن إدارة الحزب، وهذا ما أعطى المجال لبعض القيادات للتمسك بزمام الأمور داخل الحزب، وهي قيادات متصارعة ستكون لصراعاتها تأثيرات بالغة الخطورة على مستقبل الاتحاد الوطني. ولذلك كما يقول القيادي فإن هناك تحركات تجرى حاليا على مستوى القيادات من أجل مفاتحة الأمين العام لتعيين خلف له، أو على الأقل البحث في ترشيحه للخلافة ليكون الاتحاد الوطني على استعداد كامل لمواجهة الاحتمالات المقبلة».

وفي الوقت الذي أكد فيه القيادي (طلب عدم نشر اسمه) أن «صحة الرئيس طالباني جيدة جدا والحمد لله، وأنه ليست هناك أية مخاوف عليها، ولكن تقدمه في العمر وانشغاله بأمور خارج إطار إدارة حزبه، يستدعي البحث في هذا الموضوع من الآن، وعليه فإن هذه المسألة مطروحة حاليا على نطاق البحث من عدد من القيادات».

وكانت صحيفة «هاولاتي» الكردية المستقلة التي تصدر في السليمانية قد أشارت في تقرير لها أن «الرئيس طالباني ترك قبيل مغادرته إلى ألمانيا برحلته العلاجية الأخيرة قبل أسبوعين، وصية» لقيادة حزبه يدعوها إلى تعيين الدكتور برهم صالح خلفا له في حال تعرض إلى أي شيء مقدور. ولكن المصدر القيادي أكد بشكل قاطع أن «الوضع الصحي للرئيس ليس بهذه الدرجة من السوء حتى يستدعي ترك الوصية، هذه الأنباء لا أساس لها من الصحة مطلقا، ولكن موضوع مصير الحزب مطروح فعلا على نطاق التنظيمات الحزبية، وهناك فعلا مخاوف من تداعي صفوف الحزب في حال حصول المفاجآت لا سمح الله».

من جهته أكد المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني آزاد جندياني في رد على ما أوردته صحيفة «هاولاتي» الكردية أن «الأخبار المنشورة بالصحيفة عارية عن الصحة تماما، ولا أساس لها من الصحة مطلقا، لأن طالباني أشرف بفعالية كاملة على إدارة اجتماعات المكتب السياسي أثناء وجوده في السليمانية، وأقام مأدبة عشاء على شرف أعضاء المكتب وتباحث معهم مفصلا حول أوضاع العراق والإقليم والمنطقة، وأوصى بتوجيهاته لكيفية التعامل مع الأوضاع السياسية والتي تحولت إلى منهاج عمل لقيادة الحزب، كما أن فخامته واصل اتصالاته بالقوى والقادة العراقيين من أجل ضمان تهيئة الأجواء لعقد المؤتمر الوطني المرتقب في بغداد تحت إشرافه، وهو عائد اليوم إلى العراق بعد انتهاء فترة علاجه في ألمانيا، وبذلك فإنه ليس هناك أي خوف على صحة الرئيس طالباني حتى تستغل الصحافة مثل هذه المسائل لترويج الإشاعات وبث الأخبار الكاذبة». وأشار المتحدث إلى أنه: «ليست هناك أية وصية تتعلق بتعيين الدكتور برهم صالح خلفا للأمين العام، ومن خلال صياغة الخبر نستنتج بأن هناك غرضا معينا من القائمين على الصحيفة من نشر مثل هذه الأخبار، خاصة أنها تحدثت عن وصية تركها طالباني وهذا أمر غير صحيح بالمطلق».

وبالعودة إلى المصدر الخاص بـ«الشرق الأوسط» فقد أكد أن مسألة خلافة طالباني ليست معقدة جدا، فهناك نائبان له في الحزب، هما كوسرت رسول علي النائب الأول الذي ترشح مؤخرا لشغل منصب نائب رئيس الإقليم، والدكتور برهم صالح الذي يستعد لترك رئاسته لحكومة الإقليم والتفرغ لإدارة شؤون الحزب، وبحسب النظام الداخلي ودستور الحزب فإنه يفترض أن يحتل أحدهما موقع الأمين العام في حال شغر المنصب لأي سبب كان بما فيه رغبة الأمين العام بالتقاعد أو الاستراحة. فليست هناك مشكلة كبيرة بهذا الصدد، والمؤتمر الحزبي هو الذي يقرر مثل هذه المسائل، ولكن باستعراض القيادات الحالية داخل الاتحاد الوطني يتبين أن برهم صالح هو الأكثر حظا لشغل المنصب بعد طالباني، خصوصا أنه يتمتع حاليا بعلاقات جيدة ومتوازنة مع العديد من قيادات وكوادر الاتحاد ولديه كفاءات عالية في إدارة الشؤون الحزبية والحكومية.

ولمح القيادي في الاتحاد الوطني إلى أنه «حتى في حال شغور منصب رئاسة الجمهورية بسبب انتهاء ولاية الرئيس طالباني، فإن برهم صالح هو المرشح الأوفر حظا لشغله، لأن هناك اتفاقا ساري المفعول بين الحزبين الكرديين (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني) يقضي بتخصيص منصب رئيس جمهورية العراق كحصة للاتحاد الوطني مقابل منصب رئيس الإقليم الذي هو من حصة حزب بارزاني، ويستند هذا الاتفاق على مبدأ توافق سياسي على مستوى العراق يقضي أيضا بتخصيص منصب رئاسة الجمهورية للكرد باعتبارهم القومية الثانية في العراق».