الجنزوري يلقي بيانه الأول بمجلس الشعب.. وانتقادات لقانون «العسكري» لانتخابات الرئاسة

«الإخوان والسلفيون» يشكلون كردونا بشريا لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مقر البرلمان

رئيس الوزراء المصري (وسط الصورة) يلقي بيانا أمام البرلمان المصري أمس (أ.ب)
TT

في أولى بوادر صدام مباشر بين تيار الإسلام السياسي، الذي يهيمن على الأغلبية في برلمان ما بعد ثورة 25 يناير، وائتلافات شباب الثورة في الشارع، سقط ما لا يقل عن 25 جريحا، في اشتباكات وقعت مساء أمس بين شباب «الإخوان» والسلفيين من جانب، وبضعة آلاف من الثوار من الجانب الآخر. وشكل شباب «الإخوان والسلفيين» كردونا بشريا لحماية مقر البرلمان من المتظاهرين الذين كانوا يريدون توصيل مطالبهم لمجلس الشعب، وتسليم الحكم من المجلس العسكري لسلطة مدنية منتخبة في أسرع وقت.

وألقى كل من الدكتور كمال الجنزوري رئيس الحكومة، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، أول بيانين لهما في مجلس الشعب الجديد، وهي الجلسة التي شهدت انتقادات من بعض النواب لانفراد المجلس العسكري الحاكم بإصدار قانون الانتخابات الرئاسية. وعقب الجلسة، تمكن ألوف المتظاهرين من اختراق الكردونات البشرية لـ«الإخوان» والسفليين، وتمكنوا من الوصول إلى مقر البرلمان، وهم ينددون بـ«الإخوان» والسلفيين، بينما قام عدد من المتظاهرين برفع الأحذية وهم يلوحون بها في وجه تيارات الإسلام السياسي، في وقت تصاعدت فيه الشعارات المناوئة للمرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع، بالقول: «بيع بيع.. الثورة يا بديع».

وقال شهود عيان إن اشتباكات الثوار مع شباب «الإخوان» والسفليين أسفرت عن إصابة نحو 25 من المتظاهرين، الذين عبر بعضهم عن استيائه من «تنصيب شباب (الإخوان) لأنفسهم كوصاة على مبنى البرلمان، وكأنهم امتلكوه»، بحسب تعبير أحد المتظاهرين.. بينما أعلن الشيخ مظهر شاهين، خطيب الثورة، أثناء وجوده قرب مبنى البرلمان عن مساع لوقف الاشتباكات بين الطرفين.

وتعرض الجنزوري في جلسة أمس لانتقادات حادة من نواب بالمجلس، الذين طالبوا الحكومة برفع قيمة التعويض المادي الممنوح لأشر «شهداء الثورة»، بالإضافة إلى المصابين، إلا أن الجنزوري طالب الجميع بالتكاتف للخروج من الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، مشيرا إلى أن حكومته تحاول استعادة قطار التنمية الذي خرج عن القضبان، بحسب قوله.

وأكد الجنزوري أن تعويضات شهداء الثورة ومصابيها «لا تقاس بتعويض مادي أو وظيفة أو سكن، وإنما بالقصاص العادل»، وخاطب الجنزوري من تحت قبة البرلمان شباب الثورة و«كل الشيوخ»، وقال «إن تحقيق العدالة الاجتماعية هدف الثورة، لن يتحقق إلا بزيادة الإنتاج»، مشيرا إلى أنه تعرض للظلم هو أيضا حين كان رئيسا للوزراء في النظام السابق، وأوضح قائلا «أنا أيضا ظلمت كما ظلمتم أنتم».

ووصف الجنزوري الوضع الاقتصادي الحالي بمصر بأنه سيئ نتيجة ما حدث خلال السنوات العشر الماضية، لكنه أضاف أن مصر سوف تمر من هذه الأزمة وتخرج منها قوية باقتصاد قوي وبآليات للعمل تكون صحيحة ترسم اقتصادا صحيحا، وأشار إلى أن «الحكومة اهتمت بالوضع الاقتصادي والمالي بما يحقق التحسن النسبي رويدا رويدا، وتحرك عجلة الإنتاج بما يتيح الحد، ولو قليلا، من أعداد البطالة وبما يعالج الوضع المالي بالحد من ضخامة عجز الموازنة». وطيلة السنوات العشر الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسني مبارك، لم يكن من المعتاد حضور وزير الداخلية لجلسة البرلمان. ونفى اللواء إبراهيم عند حضوره جلسة أمس وجود أي معتقل سياسي في السجون المصرية، قائلا إن البلاد كانت تعاني حالة فراغ أمني منذ ثورة يناير و«كان همي رفع الروح المعنوية للضباط والجنود من خلال لقاءات مستمرة معهم حتى يعودوا إلى الشارع وكلهم ثقة بأنفسهم»، مشيرا إلى أن البلاد تمر «بمرحلة بالغة الأهمية، في ظل وجود عدد كبير من المسجونين الهاربين، واستطعنا القبض على عدد منهم، بالإضافة إلى من هربوا من الأقسام في أعقاب الثورة، ومن سرقوا أسلحة الشرطة، وكذلك عمليات تهريب السلاح».

وأوضح اللواء إبراهيم أن من يرفع السلاح في وجه الشرطة سنطلق عليه النار فورا في إطار الدفاع الشرعي عن النفس، مشيرا إلى أن الشرطة في حاجة إلى مزيد من الدعم، ومؤكدا سقوط عدد كبير من ضباط وأفراد الشرطة شهداء في مواجهة البلطجية والخارجين عن القانون.

وانتخب مجلس الشعب أمس هيئات لجانه النوعية التسعة عشر، بعد أن تأجلت أسبوعا بسبب اعتراض بعض الأحزاب على ما اعتبروه هيمنة حزب «الحرية والعدالة» (الإخواني) ، على أغلبية مناصب هذه اللجان. وبينما انسحب حزب الوفد ذو التوجه الليبرالي وعدد آخر من الأعضاء من انتخابات اللجان، أعلن حزب الإخوان فوزه بأغلبيتها، وأصبح نواب «الإخوان» يترأسون لجان «الخطة والموازنة» و«الدفاع والأمن القومي والتعبئة القومية»، و«العلاقات الخارجية»، و«الصحة»، و«النقل والمواصلات»، و«الإسكان» و«الشباب»، و«اللجنة الدينية»، و«لجنة القوى العاملة»، و«لجنة الإدارة المحلية».

وفاز حزب النور السلفي برئاسة لجنتي «التعليم والبحث العلمي»، و«لجنة الزراعة والري»، بينما فاز عدد من الأحزاب الأخرى والنواب المستقلين، برئاسة باقي اللجان التي تعد من اللجان غير الجوهرية في العمل التشريعي والرقابي في البرلمان.

واعترضت مارغريت عازر، عضو البرلمان عن حزب الوفد؛ عضو اللجنة العامة للمجلس، على نتائج انتخابات اللجان واعتبرتها غير متماشية مع الممارسات الديمقراطية التي يجب توافرها في برلمان الثورة، وقالت عازر التي تشغل منصب سكرتير عام حزب الوفد، لـ«الشرق الأوسط»: «انسحب حزب الوفد من انتخابات اللجان النوعية بالمجلس لأنه اعترض على أسلوب تعامل عدد من الأحزاب مع هذه الانتخابات».

وأضافت عارز: «ما حدث لا يتماشي مع الأعراف الديمقراطية، لأن اللجان تم توزيعها بين حزب الحرية والعدالة والأحزاب الأخرى، ومن المفترض ألا يحدث هذا في برلمان الثورة».

وانتقد نواب بمجلس الشعب في الجلسة إصدار المجلس العسكري لقانون تنظيم الانتخابات الرئاسية، مطالبين بقيام اللجنة الدستورية والتشريعية بعقد اجتماع عاجل لكي يمارس النواب حقهم في تعديل القوانين واقتراحها ولكي يتمكنوا من تعديل قانون الانتخابات الرئاسية.

على صعيد متصل، أظهرت المؤشرات الأولية للجولة الأولى من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشورى، الغرفة الثانية في البرلمان، تقدم مرشحي أحزاب التيار الإسلامي، على الرغم من ظهور توقعات قبل إجراء الانتخابات مطلع هذا الأسبوع عن أن التيارات الليبرالية واليسارية والمدنية، قد تحقق توازنا في الشورى ذي الصلاحيات الأقل. ومن المعروف أن التيار الإسلامي حصد غالبية مقاعد مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) الشهر الماضي. ويعقد رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات، المستشار عبد المعز إبراهيم، مساء اليوم (الأربعاء) مؤتمرا لإعلان نتائج الجولة الأولى.