جوبيه «غير متأكد» من تمرير القرار في مجلس الأمن رغم الأصوات العشرة المؤيدة

خامنئي يحذر من «تدخل» واشنطن في الشؤون الداخلية لسوريا.. وألمانيا تعتبر التوصل لقرار دولي أمرا «عاجلا»

TT

رغم الأصوات العشرة التي تؤكد المصادر الفرنسية توافرها لصالح مشروع القرار الخاص بسوريا في مجلس الأمن الدولي، فإن وزير الخارجية ألان جوبيه لم يبد واثقا من إمكانية تمريره بسبب المعارضة الروسية «والصينية» وتردد بعض أعضاء المجلس ومنهم جنوب أفريقيا والبرازيل.

وقال جوبيه قبل توجهه إلى نيويورك إنه «ليس متأكدا» من نتيجة التصويت على المشروع الذي قدمه المغرب، العضو العربي الوحيد في المجلس والذي تبنته الدول الأوروبية «فرنسا، بريطانيا، ألمانيا والبرتغال» كما يحظى بدعم الولايات المتحدة الأميركية ودول أفريقية وأخرى في المجلس. وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية، فإن الصين «اختارت المواقع الخلفية» لتراقب ما سيجري تاركة لروسيا مقارعة مشروع القرار. أما جنوب أفريقيا التي ترأس المجلس فتلزم «موقفا غامضا» لكنه قابل للتغير بعكس الهند التي لا تزال تقف إلى جانب سوريا.

واستبق جوبيه ذهابه إلى نيويورك برسالة بعث بها إلى نظيره الروسي سيرجي لافروف. وقالت المصادر الفرنسية إن جوبيه «تلقى تطمينات». غير أنها امتنعت عن الإفصاح عنها ربما لعدم إحراج الطرف الروسي الذي كرر في اليومين الماضيين أن المشروع في حالته الراهنة «غير مقبول» وأنه يستعيد «الخطوط الكبرى» في المشروع الذي قدمته الدول الأوروبية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والذي أجهضه الفيتو المشترك الروسي - الصيني. وترفض موسكو العمود الفقري الذي يقوم عليه مشروع القرار العربي والخاص بنقل صلاحيات رئيس الجمهورية السورية إلى نائبه وتشكيل حكومة مختلطة تشارك فيها المعارضة وإجراء انتخابات مبكرة تشريعية ورئاسية. كما يتضمن المشروع المطالب الأربعة التي نصت عليها خريطة الطريق العربية الأولى وهي وقف العنف وانسحاب القوات العسكرية إلى ثكناتها وإطلاق سراح المعتقلين وتمكين الصحافة العالمية من التنقل بحرية. كما يدعو مشروع القرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى تقديم تقرير دوري كل أسبوعين إلى مجلس الأمن ويشير إلى أنه في حال امتنعت سوريا عن التجاوب مع بنود القرار، فإنه مجلس الأمن «سينظر في تدابير إضافية» بحقها.

وبالإضافة إلى رفض تنحي الأسد، فإن «الخطوط الحمر» الروسية تشمل رفض حظر بيع السلاح إلى النظام السوري ورفض فرض عقوبات عليه.

وردت مصادر فرنسية عالية المستوى على «المحرمات» بتأكيد أن مشروع القرار لا يندرج تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة كما أنه لا ينص على عقوبات ولا يتحدث أبدا عن إمكانية اللجوء إلى القوة العسكرية. فضلا عن ذلك، تشدد باريس على أن مشروع القرار عربي وليس «أوروبيا أو استعماريا» وبالتالي ليس بوسع أحد اتهام الغرب بالسعي للتدخل يفي الشؤون السورية لأن الغرض هو «دعم مشروع الجامعة العربية».

وتراهن باريس على عاملين لزيادة الضغوط على روسيا وإظهارها «معزولة» في مجلس الأمن الأمر الذي سيصعب لجوءها إلى حق النقض مجددا: الأول وهو الوقوف وراء الإجماع العربي المتمثل بخطة الجامعة بحيث سيقال للروس إن العرب «وليس الغربيين» هم من يدعو الأسد للتنحي «الجزئي» لنائبه الأول وبالتالي سيكون من الصعب التصويت ضد إرادة العرب والثاني التحول الذي ظهر في تركيبة مجلس الأمن وخروج بلدان كانت تعارض بشدة مثل البرازيل ولبنان.. ولذا، تعتبر فرنسا أن ثمة «مناخا جديدا» في المجلس يمكن المراهنة عليه من غير أن يعني ذلك الجزم بالقدرة على تمرير القرار. بينما يحق للأعضاء الدائمي العضوية استخدام «الفيتو» لمنع إصدار قرار ضد سوريا، تحاول الولايات المتحدة والدول الأوروبية الضغط على الدول غير الدائمة العضوية للوقوف إلى جوارها للتأثير على الموقف الروسي. وعبر المندوب الدائم لجنوب أفريقيا لدى الأمم المتحدة باسو سانغو عن «أهمية لعب المنظمات الإقليمية دورها»، مشددا على دعم موقف الجامعة العربية ولعبها الدور القيادي في التعامل مع سوريا. وفي الوقت نفسه، كان من الواضح موقف جنوب أفريقيا الداعم للنظام السوري، إذ قال سانغو «نحن نريد رؤية حل سياسي بقيادة سوريا».

ولفت المندوب الأفريقي إلى «الإحباط من التجربة مع ليبيا، بعد إضعاف موقف الاتحاد الأفريقي»، في مواجهة نظام العقيد الليبي السابق معمر القذافي. وقال في مؤتمر صحافي في نيويورك أمس «اجتماع أمين عام الجامعة العربية مع مجلس الأمن يتناسب مع ما ندعمه هنا، وهو تواصل المنظمات الإقليمية مع مجلس الأمن والتنسيق معه»، مضيفا «لم يسمح لنا بذلك في الموقف الليبي». وعبر باسو عن موقف بلاده الداعم لبعثة المراقبين العرب في سوريا، قائلا إنه كان يتمنى أن يحضر رئيس المراقبين الفريق محمد الدابي الاجتماع لدى مجلس الأمن، لكنه قال إنه يرحب بقراءة تقريره.

وحذر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي من «تدخل» واشنطن في الشؤون الداخلية لسوريا، مؤكدا في الوقت نفسه دعم الإصلاحات في هذا البلد. وفي أول تعليقاته العامة، أعلن آية الله خامنئي أن موقف إيران هو «رفض أي تدخل للولايات المتحدة وغيرها من الدول (...) في الشؤون الداخلية السورية»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأعرب أيضا عن دعمه «لكل أشكال الإصلاحات من أجل الشعب»، كما ذكر الموقع الإلكتروني لمحطة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية.

واعتبر وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي أمس أن تبني مجلس الأمن الدولي قرارا يسمح بالضغط على نظام دمشق للتوصل إلى وقف أعمال العنف، أمر «عاجل». وقال فسترفيلي أثناء زيارة إلى القاهرة «يتعين تبني قرار بصورة عاجلة، وآمل أن يتم إحراز تقدم في هذا الاتجاه خلال جلسة (مجلس الأمن الدولي) اليوم (أمس) وفي الأيام المقبلة».