مجلس الأمن يتوصل إلى مشروع جديد «معدل» حول سوريا بناء على الخطة العربية

مسؤول بالبعثة البريطانية لـ«الشرق الأوسط» : التعديلات تمت حتى تصوت روسيا بـ«نعم» على القرار المعدل

مظاهرة في حي القدم بدمشق أمس (أوغاريت)
TT

أكدت مصادر بمجلس الأمن أن مجموعة الخبراء السياسيين نجحوا في تعديل مشروع القرار الذي تقدمت به المغرب ومن خلفها الجامعة العربية إلى المجلس حول سوريا، بطريقة ترضي روسيا التي وجهت اعتراضات شديدة على صياغة المشروع العربي - الغربي. وشهدت الجلسات المغلقة يوم الأربعاء وصباح الخميس مفاوضات لاسترضاء روسيا لإجراء التعديلات التي تريدها، ودعم النص المعدل بشرط أن يقوم المندوب الروسي بالتصويت بـ«نعم» بدلا من الامتناع عن التصويت.

وأكدت المصادر أن التعديلات ألغت أي إشارة تدعو الرئيس بشار الأسد إلى التنحي عن السلطة، أو تسليم السلطة إلى نائبه فاروق الشرع (في الفقرة السابعة ب) وهو الجزء الأساسي الذي كانت تدعو إليه الجامعة العربية، ويعتبره الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي جزءا من العمليات السياسية القائمة بالفعل في سوريا، حيث يقوم نائب الرئيس بجزء كبير من المسؤولية. وأوضحت المصادر أن تلك العبارة كانت من الموضوعات الأكثر صعوبة في المناقشات، حيث اعتبره المندوب الروسي انتقالا مؤقتا يتبعه مطالبة الرئيس الأسد بترك السلطة وأصر على إلغاء هذا البند كليا.

وقال مصدر بالبعثة البريطانية للأمم المتحدة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن النص الجديد ألغى عبارة «نقل السلطة إلى نائب الرئيس» لكنه احتفظ بعبارة «المساندة الكاملة لعملية الانتقال السياسي في سوريا» وهو ما أصر عليه المندوب الفرنسي جيرار أرو بشكل خاص.

وأضاف المسؤول بالبعثة البريطانية أن النص الجديد ألغى تماما البند الخاص بمنع تدفق الأسلحة إلى سوريا والذي أبدت روسيا اعتراضات شديدة عليه، وقال «أبدت روسيا خلال اليومين الماضيين بعض المرونة في موقفها المتشدد حول سوريا، وخرجت تصريحات تثير التفاؤل، وجرت عدة مفاوضات دبلوماسية على أعلى مستوى قادتها سوزان رايس مندوبة الولايات المتحدة للأمم المتحدة وكانت إيجابية للغاية، وبهذه التعديلات التي أجريت على نص مشروع القرار فإننا نأمل أن تصوت روسيا بـ(نعم) لكننا لم تحصل على تأكيدات نهائية من المندوب الروسي بعد».

وحاول الدبلوماسيون الأوروبيون طمأنة المندوب الروسي والمخاوف الروسية من أن مشروع القرار لن يؤدي إلى تدخل عسكري في سوريا، وإلغاء أي عبارات تحتمل تأويل السماح بتدخل عسكري. حيث تريد روسيا تفادي تكرار ما حدث في مجلس الأمن في العام الماضي في القضية الليبية والذي أدى إلى تبرير تدخل حلف شمال الأطلسي لشن حملات عسكرية على ليبيا إلى جانب المتمردين الليبيين لإنهاء حكم معمر القذافي.

من جانب آخر، قالت مندوبة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة سوزان رايس للصحافيين «إن المفاوضات بناءة وجرت في روح طيبة والجميع يحاول الوصول إلى طريقة بناءة وعقلانية، وهذا في حد ذاته يعد تقدما، ولا شك أن هناك مزيدا من النقاش وعلى الأرجح جولة أخرى من التعليمات ولا أتوقع أنها ستستغرق أسابيع لكنها لن تكون نهائية غدا». وأضافت رايس «كل التغييرات التي تمت مناقشتها كانت في سياق التوصل إلى صفقة شاملة ولم تتم مناقشة بند بمعزل عن الآخر».

وأكدت رايس أن الولايات المتحدة ترى أن الأوضاع «وخيمة» في سوريا، مؤكدة «قلنا منذ شهور إنه آن الأوان لمجلس الأمن أن يتخذ إجراءات ذات مغزى، ولدينا الاقتراحات التي قدمتها الجامعة العربية وهي اقتراحات بناءة، ودافعنا في مساندتها هو أننا نريد أن نرى نهاية لسفك الدماء والانتقال السياسي السلمي في سوريا حيث يستطيع الشعب السوري تحقيق تطلعاته المشروعة».

وأعلن رئيس مجلس الأمن الدولي أن هناك شعورا في المجلس سيمكن من التوصل لإجماع بشأن سوريا، حسب ما نقلته «رويترز». وأفاد دبلوماسيون أمس بأن الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي تناقش صيغة جديدة لمشروع قرار حول سوريا تتضمن تنازلات بناء على طلب روسيا، سعيا للتوصل إلى تفاهم معها حول الأزمة السورية.

والصيغة الجديدة للمشروع التي وضعت إثر مفاوضات الأربعاء بين سفراء الدول الـ15 الأعضاء، لا تتطرق إلى تفاصيل عملية انتقال السلطة التي تحدثت عنها الجامعة العربية في خطتها لحل الأزمة السورية التي طرحتها في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وأوضح الدبلوماسيون أن المشروع «يدعم خطة الجامعة العربية»، لكنه لا يشير إلى تفاصيل عملية انتقال السلطة، وخصوصا نقل سلطات الرئيس السوري بشار الأسد إلى نائبه. وأورد دبلوماسي غربي أن بنود خطة الجامعة «لم تعد مفصلة في المشروع الجديد ولكن يمكن بوضوح فهم الموضوع الذي يشير إليه مشروع القرار».

وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في بكين أمس أن الوقت حان لتتجاوز الأسرة الدولية خلافاتها بشأن سوريا وتتوصل أخيرا إلى موقف مشترك في الأمم المتحدة.

وقالت ميركل إنه «من المهم أن تتكلم الأسرة الدولية بصوت واحد في الأمم المتحدة» حول سوريا في وقت ترفض فيه بكين البحث في فرض عقوبات على نظام الرئيس السوري.

وبينما تستمر المشاورات في مجلس الأمن حول سوريا، قالت الخارجية الأميركية إن الوزيرة هيلاري كلينتون لا تزال تحاول الاتصال تليفونيا مع لافروف، وزير خارجية روسيا. وأمس، توترت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، وهي تحاول البحث عن عذر للوزير الروسي عن عدم قبول محاولات اتصالات كلينتون، وعدم الاتصال من جانبه هو. وبدا تشاؤم عام لأن لافروف يرفض حتى مجرد الحديث مع كلينتون، ناهيك عن حضور جلسات مجلس الأمن، كما تريد الدول العربية والغربية، وناهيك عن التعهد بعدم استعمال «الفيتو».

وكانت الخارجية اشتكت، قبل بداية جلسات مجلس الأمن، بأن لافروف لا يرد على محاولات كلينتون الاتصال به، مما فسر بأنه يتهرب منها، رغم أن كلينتون استعملت عبارات دبلوماسية عندما أشارت إلى فرق الوقت بين نيويورك وأستراليا التي كان يزورها لافروف.

وأضافت: «كنا ولا نزال على اتصال مع الروس. فيلتمان، مساعد الوزيرة، كان في موسكو. ونائب وزير الخارجية الروسي، ريابكوف، كان هنا، وقابل ريتشارد بيرنز، نائب الوزيرة. والوزيرة قابلت الممثل الدائم الروسي، تشوركين، في نيويورك، وسوزان رايس تتصل الآن مع الروس».

وعن احتمال استعمال الروس لـ«الفيتو» ضد مشروع القرار العربي - الغربي، قالت نولاند، بدون الإشارة إلى «الفيتو»: «في الجلسة العلنية، قال الروس إنه لا بد من دعم الجهود التي تبذلها حكومة سوريا لإيجاد حل سلمي لهذه المشكلة. لهذا، أعتقد أن الجميع يعملون معا لإيجاد وسيلة في مجلس الأمن لدعم تطلعات الشعب السوري، ولوقف إراقة الدماء، وللعيش حياة أفضل». وعن أخبار بأن الروس يريدون تعديل مشروع القرار العربي - الغربي لحذف أي إشارة إلى عمل عسكري، قالت نولاند: «أولا وقبل كل شيء، كانت الوزيرة واضحة جدا. وأيضا، العديد من وزراء خارجية الدول الأخرى، بما في ذلك وزير الخارجية الهولندي، ووزير الخارجية الفرنسي.. آراؤهم كانت واضحة في بياناتهم في مجلس الأمن، وفي تصريحاتهم العلنية للصحافيين. قالوا إن سوريا ليست ليبيا. وقالوا نحن لا نسعى نحو التدخل الأجنبي. وقالوا إن هذا ليس ما تريده أغلبية السوريين. وأيدوا دعم خطة الجامعة العربية التي تدعو لإقامة حوار بين السوريين أنفسهم حول مسار سوريا نحو ديمقراطية أكثر».

وأضافت: «في ما يتعلق بالمفاوضات الدقيقة التي يجب أن تحدث (مع الروس)، يجب ألا تكون من على هذا المنبر». ورفضت أن تنفي أو تؤكد أن مفاوضات مجلس الأمن سوف تؤدي إلى شطب أي إشارة، مباشرة أو غير مباشرة، لاستعمال العنف.