النظام السوري واصل حملته الأمنية في ريف دمشق.. ودباباته تقتحم «الجيزة»

المعارضة تحيي اليوم ذكرى حماه تحت عنوان «عذراً حماه سامحينا»

محتجون يطالبون بسقوط الأسد بالقدسية قرب دمشق أول من أمس (رويترز)
TT

تستعد المعارضة السورية اليوم لإحياء الذكرى الثلاثين لمجزرة حماه في الثاني من فبراير (شباط) 1982. ودعت مكونات المعارضة السورية إلى التظاهر اليوم في مختلف المناطق السورية بعد صلاة الجمعة، كما جرت العادة أسبوعيا، تحت عنوان «جمعة عذراً حماه سامحينا – لن نخذلك بعد اليوم».

وشهدت مدينة حماه أمس إضرابا عاما في أنحائها كافة، بالتزامن مع الإعداد لخروج مظاهرات حاشدة ظهر اليوم. وفيما قال ناشطون إن الطيران الحربي حلق على ارتفاع منخفض في سماء المدينة لترهيب أهاليها، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن «شوارع المدينة وأجزاء من نواعير حماه الأثرية صبغت باللون الأحمر وكتب عليها: حافظ مات وحماه لم تمت»، في إشارة إلى الرئيس السابق حافظ الأسد. ونشرت مواقع المعارضة السورية مقاطع فيديو تظهر فيها المحلات التجارية مقفلة وماء النواعير مصبوغا بالأحمر، في وقت انطلقت فيه مظاهرة طلابية في بلدة مصياف، حيث هتف المتظاهرون لنصرة حماه وحملوا لافتات تعد بألا يسمحوا بتكرار مجزرتها في سوريا مجددا.

وكان النظام السوري واصل أمس حملته الأمنية ضد مناطق عدة في حمص وإدلب وريف دمشق وريف درعا، حيث اقتحمت آلياته العسكرية بلدة الجيزة (ريف دمشق)، وتم قصف عشرات المنازل بالمدفعية مع إغلاق مداخل البلدة كافة. وسمعت أصوات التكبير وصيحات الاستغاثة من النساء والأطفال، في ظل اعتقال عدد كبير من الجرحى، خلال محاولة نقلهم إلى القرى المجاورة.

وفي حوران، أشارت صفحة «الثورة السورية» على موقع «فيس بوك» إلى أن «العصابات الأسدية» اقتحمت مشفى الشفاء الخاص بحثا عن جرحى فارين من الجيزة».

وفي حين ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «دبابات وناقلات جند مدرعة اقتحمت بلدة الجيزة وبدأت بإطلاق نار من رشاشاتها الثقيلة باتجاه المنازل»، أفادت «لجان التنسيق المحلية» وقوع «العديد من الجرحى جراء سقوط قذائف على البلدة أثناء اقتحامها صباح أمس». وأوضحت أن «مدرعات للجيش انتشرت داخل البلدة حيث كانت هناك محاولة لاقتحامها من أربعة محاور وإطلاق نار من مضادات طيران، وسط قطع للكهرباء والاتصالات واشتباكات عنيفة مع الجيش الحر الذي يدافع عن البلدة»، كما دخلت السيارات إلى الأحياء على أنها مساعدات إغاثية من القرى المجاورة، وفوجئوا بأنها تقل عناصر من الأمن يقومون باعتقال الناشطين.

وفي بلدة المسيفرة المجاورة، تعرضت المنازل «لإطلاق نار من رشاشات ثقيلة»، وقال المرصد السوري إنه تم «نقل المعتقلين في جاسم إلى قبو المشفى الوطني حيث يتعرضون للتعذيب»، متحدثا عن «انشقاق عشرة جنود على حاجز قرب سراقب (شمال غربي سوريا) واشتباكهم مع قوات عسكرية، حيث عطلوا ناقلة جند مدرعة قبل أن يفروا إلى مكان مجهول».

وفي ريف دمشق، واصل النظام السوري حصاره للمنطقة التي دعا ناشطون سوريون إلى إعلانها منطقة «منكوبة»، واقتحمت قوات الأمن السورية بلدة معضمية الشام، حيث نفذت حملات مداهمة واعتقالات مترافقة بإطلاق نار عشوائي كثيف. وأفاد المرصد السوري بأن قوات الأمن اقتحمت «منزل الناشط ناصر محمد سعيد الصغير (30 عاما)، فلاذ بالفرار إلى سطح المنزل خوفا من الاعتقال». ولفت إلى أن «قوات الأمن قامت بتهديده باعتقال طفليه إن لم يسلم نفسه، فصعدوا إلى سطح المنزل وأطلقوا عليه الرصاص وأردوه قتيلا وقاموا برمي جثمانه من على سطح المنزل أمام زوجته وطفليه».

وطالب المرصد السلطات السورية «بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بجريمة إعدام الناشط ناصر الصغير وتقديم مرتكبيها إلى العدالة لينالوا عقابهم»، علما أن السلطات السورية كانت قد أفرجت عن الصغير قبل خمسة أيام بعدما اعتقلته لأربعة أشهر في حين أن والده لا يزال معتقلا منذ سبعة أشهر.

وفي رنكوس، أفاد ناشطون في «مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق» عن توجه «30 دبابة باتجاه مزارع رنكوس، بينما تمركزت عشر دبابات عند جامع علي بن أبي طالب، في ظل انتشار لعصابات وميليشيات الأسد والشبيحة، في ظل سماع صوت إطلاق نار متفرق بين الحين والآخر».

وفي قطنا، خرجت مظاهرة طلابية حاشدة في ذكرى مجزرة حماه الثلاثين، حيث هتف الطلاب لريف دمشق ووادي بردى والغوطة الشرقية.

وفي دمشق، قالت صفحة «الثورة السورية» إن «سلاسل حديدية وأقفالا وضعت على أبواب مؤسسات حكومية في منطقة جرمانا مع ملصقات كتب عليها: «وأنت تفك هذا القيد فكر بي أنا أخوك المعتقل»، وذلك في إطار حملة «أيام الحرية للإفراج عن المعتقلين».

أما في حمص، فقد أفاد ناشطون عن إطلاق نار متقطع من رشاشات ثقيلة في ثكنة المشفى الوطني، وكذلك في الخالدية وحي الرفاعي، حيث عمد الأهالي إلى إنشاء جدار من أكياس الرمل للوقاية من رصاص القناصة.

وفي منطقة العباسية، ذكر ناشطون أن «قناصة تمركزوا على أسطح البنايات، في ظل إطلاق نار كثيف من أسلحة خفيفة وثقيلة».

وفي إدلب، شهدت قرية عين البيضا الحدودية في جسر الشغور قصفا عنيفا على النازحين، مما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى. كما استمر قطع خدمات الاتصالات في جبل الزاوية وجبل شحشبو، في ظل مخاوف من اقتحامات جديدة لبعض المناطق بعد اقتحام كفرعين.

وذكر ناشطون أن «خمسة أشخاص تم اعتقالهم في جسر الشغور على خلفية الإضراب، عرف منهم فوزي أبو خليل، ومحمد عبد الله بدري، فيما أجبرت قوات النظام والشبيحة المواطنين على فتح محالهم، بالتزامن مع وصول تعزيزات أمنية جديدة إلى المدينة».

ميدانيا، وبينما أكدت مصادر محلية هدوء الأوضاع في منطقة الزبداني وسط توقعات بهجوم وشيك من القوات النظامية، قالت مصادر أخرى إن معظم أهالي عين الفيجة نزحوا وخاصة النساء والأطفال. في وقت شهدت فيه مدينة معضمية الشام يوم أمس حملة مداهمات واعتقالات واسعة ترافقت مع إطلاق نار كثيف لعدة ساعات خلال النهار.

وفي مدينة الكسوة قامت قوات الأمن بإطلاق نار كثيف على مشيعين خرجوا في جنازة محمود فهد خاوندي وهو مجند قتل في حمص أثناء أداء خدمته العسكرية واتهم ناشطون قوات الأمن بتصفيته لرفضه إطلاق النار.

وفي الغوطة الشرقية قالت مصادر هناك إن الحملة العسكرية الشرسة التي شنت على مدينة عربين انتهت يوم أمس، وخلفت الكثير من الخراب والتدمير في المنازل، بينما أفاد اتحاد تنسيقيات الثورة السورية، بانتشار الدبابات في منطقة عين ترما في غوطة دمشق الشرقية على الطريق الرئيسي وطريق البلدية وأمام البلدية. وقال الاتحاد إنه «تم تأكيد قتل قناص من قبل الأهالي موجود على بناء الدالاتي بالسكاكين وبذلك يكون عدد قتلى القناصين بعين ترما اثنين» ولا يزال الجنود الموجودون على الحواجز يهددون الأهالي في عين ترما، وفي كفر بطنا استمر الحصار الخانق المفروض من أسبوع مما أدى إلى نقص حاد في الغذاء لا سيما الخبز والمواد الطبية، حيث قام الشبيحة بنهب كافة البقاليات والمخازن التجارية بهدف تجويع البلدة في ظل فرض حالة حظر تجول ونشر القناصة، وقال ناشطون إن قوات الجيش والأمن اقتحمت مشفى الفاتح واعتقلت الموجودين من الكادر الطبي إلى الجرحى والمرضى في المشفى، الذي تحول إلى ثكنة عسكرية، مع استمرار حملات الاعتقالات والمداهمات لغالبية المنازل. ويوم أمس تم إحكام الحصار على منطقة الطاحون والبلدة القديمة وتمركزت القوات الأمنية في مشفى الغوطة الجديدة ومدرسة حي الطاحون.

واقتحمت قوات الأمن والجيش يوم أمس بلدة الغزلانية من كافة المداخل، بحسب ما قاله ناشطون أكدوا أن القوة التي دخلت البلدة القرية من مطار دمشق «يفوق عددها أكثر من 1500 عنصر مدججين بالسلاح الكامل مع مرافقة الدبابات والعربات المصفحة»، حيث شنت «حملة اعتقالات عشوائية وتخريب للبيوت والمنازل وسط قطع للاتصالات».

وفي درعا حيت لا تزال التعزيزات العسكرية تصل إلى هناك، تم اقتحام بلدتي المسيفرة والجيزة، مع شن حملة اعتقالات واسعة.

وفي حمص تعرضت أحياء البياضة وباب السباع والخالدية للقصف أسفرت عن مقتل شخص وجرح العشرات، وتمكن الجيش الحر هناك من الاستيلاء على عربات مدرعة للجيش وتدمير دبابة في حرب شوارع باتت تعم شوارع المدينة. كما تعرضت مدينة الرستن الواقعة بين حمص وحماه للقصف منذ ليل أول من أمس. وقال ناشطون إن عشر إصابات على الأقل وصلت إلى مشفى ميداني في الرستن بعضها حرجة، وقال ناشطون في درعا إن النظام يقوم باستخدام سيارات بيع المواد الغذائية بعد مصادرتها وينقل فيها عناصر من الأمن والشبيحة وحصل هذا يوم أمس.