شباب «الألتراس» المصري على أبواب وزارة الداخلية

قالوا إن البرلمان والحكومة والعسكري فشلت في القصاص لدماء «الشهداء»

متظاهرون مصريون يؤدون صلاة الظهر امام قوات الأمن التي أغلقت الشوارع المؤدية الى وزارة الداخلية في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

لم ينجح المسعف، الذي اجتهد في إفاقة ماجد زكي (19 عاما)، في منعه من العودة إلى محيط الاشتباكات بين قوات الأمن المصري وشباب محتجين على مصرع زملاء لهم في مباراة كرة قدم.

قبل دقائق فقط كان زكي محمولا على الأعناق مصابا بحالة اختناق شديدة، جراء استنشاق القنابل المسيلة للدموع؛ والتي تطلقها الشرطة باتجاه المحتجين، لمنعهم من الاقتراب من مقر وزارة الداخلية.

وكأنه لا يأبه بأن تصيبه رصاصة أو أن تدهسه الأقدام في إحدى نوبات الكر والفر المتلاحقة بين الجانبين، يقول زكي منفعلا: «الشرطة تقتل الناس.. لم تتعلم بعد من درس الثورة.. إما أن نعيش بكرامة أو نموت مرفوعي الرأس». هذه الحماسة التي انتابت هؤلاء الصبية في القاهرة، كانت المشهد الأكثر درامية في الأحداث التي اندلعت في محيط وزارة الداخلية عقب مقتل 74 شخصا وإصابة المئات من مناصري كرة القدم بعد انتهاء مباراة النادي الأهلي والنادي المصري البورسعيدي.

لم يكن زكي وحده الذي أصر على الوجود والاشتباك مع قوات الأمن، بل العديد من شباب الألتراس (روابط المناصرين لفرق الكرة) الذين لا تتجاوز أعمارهم الخامسة والعشرين عاما، غير عابئين ربما بسنوات أخرى في انتظارهم.

وأمام مقر وزارة الداخلية أمس اخترق إسلام أحمد (21 عاما)، الأسلاك الشائكة التي تفصل بين صفوف المتظاهرين ليقف وحيدا في مواجهة صفوف الأمن ملوحا بعلامة النصر، وبينما حاول بعض الموجودين بشارع منصور (موقع الاشتباكات)، إقناعه بالعودة إلى ميدان التحرير، صرخ أحمد قائلا: «أنا لا أريد أي شيء أنا فقط أريد القصاص لدم الشهداء.. دمهم لن يذهب هباء». يتابع ابن العشرين سنة: «البرلمان لم يستطع اتخاذ قرار واحد، يتكلمون ويتكلمون بلا قرار.. وإذا لم يكن هناك من يرغب في الأخذ بالثأر للشهداء، فأنا لن أتنازل عن دمهم».

وقبل أن يلتقط أحمد حجرا من الطريق الذي بدا وكأنه ساحة حرب قرب مبنى وزارة الداخلية، واصل حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «حق الشهيد لا بد أن يعود، فالناس ماتت في بورسعيد وهم يشاهدون مباراة في كرة القدم وكل ذنبهم أنهم أرادوا العيش بكرامة».

وكأنه تذكر شيئا، عاد أحمد بعد أن غاب في سحب الدخان الأبيض الكثيف، وواصل حديثه: «المشير طنطاوي استقبل لاعبي النادي الأهلي وأرسل إليهم طائرة عسكرية خاصة لينقلهم، بينما لم يفكر أن يرسل ولو حتى عربة مدرعة لإنقاذ ألفي مشجع من الموت.. ولم يستقبل الطائرة التي أقلت جثامين 74 شهيدا من الشباب في عمر الزهور.. البعض يعتقد أننا حين نهتف هتافنا الشهير يا نجيب حقهم يا نموت زيهم نطلق مجرد عبارات.. هم تعودوا على الكلام فقط ويندهشون حين نتكلم ونلتزم بكلماتنا.. نحن نطلب القصاص أو الشهادة لذلك لا نخشى الموت».