القضاء المصري يؤمن تحقيقات «مجزرة بورسعيد» بنقلها لمدينة الإسماعيلية

«تقصي الحقائق البرلمانية» في الأحداث لـ «الشرق الأوسط»: الحادث مدبر

فنان مصري يلون بريشته صور ضحايا الثورة على جدار بالقرب من مقر وزارة الداخلية بوسط القاهرة أمس (رويترز)
TT

قرر القضاء المصري تأمين التحقيقات في «مجزرة بورسعيد» التي راح ضحيتها 74 قتيلا الأسبوع الماضي، بنقلها الليلة قبل الماضية لمدينة الإسماعيلية المجاورة لها بشرق القاهرة، بينما قال عضو لجنة تقصي الحقائق البرلمانية في الأحداث، النائب أكرم الشاعر لـ«الشرق الأوسط» إن «الحادث مدبر».

ويعيش أهالي بورسعيد حالة من الحزن والألم ممزوجة بالترقب الشديد هذه الأيام، عقب «مجزرة استاد بورسعيد» الأسبوع الماضي، وينتظر الأهالي سماع قرار من النائب العام يبرئهم من قتل 74 مشجعا من النادي الأهلي خلال مبراته مع فريق «المصري» البورسعيدي. واتشحت المدينة الساحلية، التي ظل تاريخها متأثرا بتاريخ مصر النضالي ضد الاستعمار، بالسواد كما أغلقت معظم متاجرها، واختلطت لافتات مرشحي مجلس الشورى، حيث تجري الانتخابات حاليا، بلافتات الحداد والعزاء لأسر الضحايا. وبين الحين والآخر تجوب المدينة عدة مسيرات تضم بضع عشرات من الشباب للتأكيد على براءة جماهير النادي المصري من واقعة الاعتداء على جماهير النادي الأهلي.

وانتهى المستشار مجدي الديب المحامي العام الأول لنيابات الإسماعيلية صباح أمس من الاستماع لأقوال حكام مباراة الأهلي والمصري البورسعيدي، التي شهدت أحداثا دامية قتل فيها أكثر من 70 مشجعا، وقالت مصادر قضائية إنه تم نقل التحقيقات إلى الإسماعيلية بعيدا عن بورسعيد لمنع حدوث أي توتر بين أهالي بورسعيد ومن يتم التحقيق معهم.

وبدت بورسعيد أمس مترقبة ساكنة لا يعكر سكونها إلا رياح «أمشير» العاتية، وبينما استمرت حركة شحن وتفريغ السفن بالمدينة التي اشتهرت بالتجارة والمناطق الحرة، أغلقت الكثير من المتاجر حتى في الشوارع الرئيسية أبوابها على نفسها، وافتقدت هذه المحال لزبائنها. وخلت المقاهي من مرتاديها ولم تشهد الحدائق والأماكن العامة زوارا إلا القليل، وتسببت إشاعة بتعرض السيارات التي تتعدى حدود المدينة بالسرقة والتكسير إلى خلو الشوارع من وسائل المواصلات المختلفة إلا القليل منها والتي كانت تظهر على فترات متباعدة.

يقول علي توفيق (سائق): «بورسعيد ماتت مع اللي ماتوا وصوتها ضاع منها». وأضاف: «منذ أول من أمس وهناك شائعة سارية بالمدينة تفيد بتعرض سيارات للسرقة وأخرى للتكسير بالمدينة مما أدى إلى أن الكثيرين فضلوا عدم الخروج بسياراتهم خوفا عليها من السرقة بالإضافة لحالة الحداد التي تعيشها المدينة على أرواح الشهداء الذين قتلوا دون ذنب».

وبالقرب من مديرية الأمن، تجوب عربات مدرعة تابعة لقوات الجيش، وشوهدت الواجهات الزجاجية لديوان عام المحافظة، الملاصق لمبنى مديرية الأمن محطمة وقد بدأت السلطات في إعادة إصلاحها.

واكتفت المقاهي الشعبية التي باتت مقاعدها شبه خاوية بمتابعة جلسات مجلس الشعب. يقول محمد خليل (بائع): «نحن متأكدون من أن أبناءنا لم يفعلوا هذا الأمر، هناك من أراد إشعال الأمور كي تدخل البلاد في أزمة جديدة». وانتشرت الكتابات المنددة بالواقعة على أسوار المدارس والمباني المختلفة، وظل شعار «يسقط يسقط حكم العسكر» هو الغالب.

يقول بدوي عبد الله (25 عاما)، أحد مشجعي النادي المصري البورسعيدي «إن ما حدث بعد انتهاء اللقاء غريب عن أخلاقيات جمهور المصري.. من اعتدى على جماهير الأهلي مأجورون».

وتواصل لجنة تقصي الحقائق البرلمانية عملها لاستكشاف حقيقة الأحداث. وقال النائب البرلماني أكرم الشاعر لـ«الشرق الأوسط»: إن «اللجنة توصلت لأسماء المتهمين الرئيسيين في الأحداث من خلال أدلة دامغة تؤكد أن الحادث مدبر، وأثبتت جميع الأدلة وتم جمعها».

وحول عدد هؤلاء المتهمين وما إذا كان من بينهم أسماء لأعضاء سابقين في الحزب الوطني المنحل، قال الشاعر «لا يمكنني الكشف عن الأسماء أو انتماءاتها حفاظا على سرية التحقيقات لكن يمكن القول إنه لا يقل عدد المتورطين الفعليين في هذه الأحداث عن عشرة».

وتوقع النائب سعد عبود أن يكون التقرير النهائي جاهزا للعرض على مجلس الشعب مطلع الأسبوع المقبل. وقال عبود لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن القول إن حادث بورسعيد ينحصر في إهمال جسيم وتدبير مؤكد، وهذان الشقان سيعلن تقرير اللجنة عن تفاصيلهما حال الانتهاء منه».