تعزيز الإجراءات الأمنية في حلب.. واقتحام المسيفرة في درعا

حركة نزوح كثيفة من حي الإنشاءات في حمص.. والقصف على بابا عمرو متواصل

مظاهرات بحي الفردوس بحلب تطالب بسقوط الأسد (أوغاريت)
TT

واصلت قوات الأمن السورية، أمس، حملتها العسكرية على مدينة حمص، التي دعا ناشطون إلى تسميتها «عاصمة الانتفاضة السورية»، حيث لا تزال أحياؤها تتعرض لقصف عنيف ومتواصل منذ أكثر من أسبوع، وتحديدا في بابا عمرو والخالدية والإنشاءات. وبينما أعلن ثائر الحاجي، الناطق الإعلامي في أوروبا وعضو المكتب التنفيذي لاتحاد التنسيقيات السورية، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن عدد القتلى أمس بلغ 54 شخصا، أغلبهم في حمص، ومعظمهم في حي بابا عمرو، شهد حي الإنشاءات حركة نزوح كثيفة من سكانه، على أثر الحصار المفروض عليهم منذ أيام، الذي أدى، وفق ناشطين، إلى فقدان المواد الأساسية، وخصوصا حليب الأطفال، مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي واتصالات الجوال والإنترنت وتقطع متكرر للاتصالات عبر الهاتف الأرضي، عدا تعرض محاله ومؤسساته التجارية للسرقة والنهب. وقال أحد الناشطين إن قوات الأمن و«الشبيحة» اقتحموا منازل خالية من سكانها، وأقدموا على سرقة محتوياتها من أجهزة إلكترونية وكهربائية.

وذكرت لجان التنسيق المحلية في سوريا أن «إطلاق نار متقطع وانفجارات عدة وقعت في حي الربيع العربي، في ظل استمرار انقطاع خدمات الإنترنت والاتصالات والكهرباء والماء وعدم توفر الخبز». كما تعرضت منطقة كرم الزيتون لقصف عنيف، في وقت شهدت فيه منطقة الرفاعي اشتباكات بين الجيش النظامي وأفراد من «الجيش السوري الحر».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد أعضاء «الهيئة العامة للثورة السورية»، هادي عبد الله، إشارته إلى أن «حي بابا عمرو تعرض للقصف الذي كان يتوقف لمدة ربع ساعة قبل أن يعود من جديد»، لافتا إلى أن «هناك منازل تضررت بشكل جزئي إذ أحدثت القذائف فتحات في جدران المنازل». وأكد «تردي الحالة الإنسانية في هذا الحي، حيث لا يتمكن سكانه من الخروج إلى الأحياء المجاورة للحصول على المواد الغذائية والطبية في ظل انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات».

وفي دمشق، التي وثقت فيها لجان التنسيق المحلية 40 نقطة تظاهر في «جمعة روسيا تقاتل أطفالنا»، اقتحمت قوات الأمن و«الشبيحة» شارع الثورة وساحة الحرية في منطقة الحجر الأسود، وقامت بإنشاء حواجز أمنية وتنفيذ حملة اعتقالات عشوائية.

أما في ريف دمشق، فقد أكد محمد وهو أحد الناشطين في دوما، لـ«الشرق الأوسط» أن «القوات الأسدية اقتحمت بالدبابات والمدرعات المدينة قبل موعد تشييع أحد قتلى (جمعة روسيا تقتل أطفالنا) ويدعى أحمد عمر الشيخ، كما حاصرت الجامع الكبير، منفذة حملة اعتقالات في داخل الجامع بين صفوف المصلين، الذين أصيب عدد كبير منهم بجروح».

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «اشتباكات وقعت بين القوات السورية ومجموعات منشقة عند مداخل مدينة دوما»، بينما نقلت صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» على موقع «فيس بوك»، عن ناشطين إشارتهم إلى أن «الجيش اقتحم المدينة بالدبابات لمنع أي حراك فيها، وقاموا بإطلاق النار على المارة والمدنيين والمصلين الذين كانوا داخل المساجد يصلون صلاة الظهر، ثم قاموا باعتقالهم». وكانت مظاهرة نسائية خرجت في منطقة التل في ريف دمشق من جوار جامع الفاروق، هتفت للمدن المنكوبة وطالبت بإسقاط النظام.

وفي دمشق قتل، أمس، العميد والطبيب عيسى أحمد الخولي (55 عاما)، الذي يشغل منصب مدير مشفى الشهيد أحمد حاميش العسكري، أمام منزله في حي ركن الدين، أثناء توجهه إلى عمله. وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن «مجموعة إرهابية من 3 مسلحين ترصدوا خروج الخولي من منزله وأقدموا على إطلاق النار عليه، مما أدى إلى استشهاده».

ويحمل الخولي، وهو من مواليد جبلة، محافظة اللاذقية، إجازة في طب المفاصل من جامعات رومانيا وتخصص في باريس، قبل أن يعين رئيسا لشعبة المفاصل في مشفى تشرين العسكري عام 2004 ثم رئيسا لأطباء مشفى الشهيد أحمد حاميش، وله 4 أبناء شباب و3 فتيات.

وأفادت وكالة «سانا» بأن «عملية اغتيال الخولي تأتي في إطار استهداف المجموعات الإرهابية المسلحة الكفاءات الوطنية والعقول والكوادر الطبية والتقنية والفنية»، معددة أسماء عدد من حملة «الخبرات العلمية والكوادر الوطنية الكفؤة والمتخصصة، ممن اغتالتهم المجموعات المسلحة».

أما في حلب، فقد كثفت قوات الأمن تعزيزاتها في الأحياء التي تشهد حركة احتجاجات عقب الانفجارين اللذين هزا المدينة، وخصوصا في أحياء المرجة والفردوس والصاخور في شمال المدينة وحي صلاح الدين في جنوبها. وذكر أحد الناشطين أن «3 مدرعات دخلت للمرة الأولى حي الصاخور حيث انتشر عدد من القناصة في كل مكان»، مشيرا إلى «تدهور الحالة في هذه المناطق التي تشهد تقنينا للكهرباء ونقصا في المحروقات».

وفي الزبداني، وبعد ليلة من القصف العنيف، وصلت قوات الجيش لتخوم المدينة بعد أن دخلت مدينة مضايا، أول من أمس، وقال ناشطون إن المدينة تحولت إلى مدينة أشباح بعد أن هجرها معظم سكانها، وهي بحالة من الدمار الهائل بسبب القصف المستمر منذ بداية الحملة. وذكر مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق أن عناصر من «الجيش الحر» انسحبوا بشكل تكتيكي ومنظم بعد مفاوضات مع الجيش الأسدي مقابل عدم قيام الأخير بأي تخريب، وحرصا من «الجيش الحر» على منع الجيش الأسدي من استمراره في التخريب العشوائي وتدمير الأبنية وقتل الأبرياء، مؤكدا في الوقت عينه أنه «مستعد للرد في حال حدوث أي عمل مباغت في الزبداني».

في موازاة ذلك، اقتحمت قوات الأمن السوري صباح أمس بلدة المسيفرة في محافظة درعا، مدعمة بالدبابات والآليات العسكرية، وأطلقت النار بشكل عشوائي وكثيف من الرشاشات الثقيلة ومضادات الطيران على المدنيين العزل وعلى المنازل. كما نفذت قوات الأمن حملة مداهمات واعتقالات وتفتيش شرسة، تخللها حرق للدراجات النارية ومصادرة الحواسيب وتخريب للأثاث في المنازل.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مواطنين اثنين قتلا وأصيب ثلاثة بجروح خلال العمليات العسكرية التي نفذتها القوات السورية في المسيفرة، وذكر أن «قوات عسكرية أمنية تضم دبابات وناقلات جند مدرعة اقتحمت بلدة المسيفرة، بالتزامن مع إطلاق نار كثيف وبدء تنفيذ حملة مداهمات واعتقالات وإحراق للدراجات النارية ومصادرة أجهزة الكومبيوتر وتنكيل بالأهالي».

وبعد ظهر أمس، أفاد ناشطون بانسحاب «العصابات الأسدية من المسيفرة بشكل طارئ، خشية احتمال الوقوع في مصيدة (الجيش الحر) الذي يستنفر في كل مناطق حوران، متخوفين من أن يكون هذا الانسحاب يهدف لإعادة التموضع أو مهاجمة أماكن أخرى في حوران».

وفي بلدة تسيل (درعا)، استمرت الحملة الأمنية في البلدة والمداهمة العشوائية للمنازل بعد حرق وسرقة المحال التجارية، خلال اليومين الماضيين، وحرق بعض البيوت انتقاما من أصحابها. كما شهدت داعل إطلاق نار كثيفا يوم أمس.

وفي دير الزور، خرجت مظاهرة صباحية في الطيانة نصرة لحمص وللمدن المحاصرة، وهتفت للحرية ولإسقاط النظام، على الرغم من الحصار المفروض على المنطقة من قبل الأمن وعصابات «الشبيحة».