السعودية توزع مشروع قرار على الجمعية العامة حول سوريا

جامعة الدول العربية تسعى للحصول على تصويت بشأن سوريا لا تتمكن روسيا من استخدام حق النقض ضده

TT

قدمت السعودية مشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، على خطى مشروع قرار جامعة الدول العربية الذي استعملت روسيا والصين «الفيتو» ضده في مجلس الأمن الأسبوع الماضي. ويتوقع أن تناقش الجمعية مشروع القرار السعودي غدا (الاثنين)، وأن يصوت عليه قبل نهاية الأسبوع.

ونقل تلفزيون «سي إن إن» أن مشروع القرار يدعو إلى وضع حد للعنف من جميع الأطراف، لكنه أساسا يلقي اللوم على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ويدعوه إلى «وقف استمرار الانتهاكات الواسعة النطاق والمنهجية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية» في سوريا.

وقال معلقون أميركيون في «سي إن إن» إن الهدف الأساسي وراء مثل هذه القرارات هو: أولا: زيادة الاهتمام العالمي بالمشكلة. ثانيا: عكس رأي الأغلبية العالمية التي لا يعكس مجلس الأمن رأيها. ثالثا: الضغط على روسيا والصين اللتين استعملتا «الفيتو» مؤخرا.

ويتكون المشروع السعودي من ثلاث صفحات، وعباراته «تدين بشدة» انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات السورية. وبدون الإشارة إلى دول أجنبية، وفي هذه الحالة، روسيا والصين، ينتقد المشروع السعودي «المدافعين عن حقوق استخدام القوة ضد المدنيين، والإعدام التعسفي، وقتل واضطهاد المتظاهرين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحافيين، وأيضا، الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، وعرقلة إمكانية الحصول على العلاج الطبي، والتعذيب، والعنف الجنسي، وسوء المعاملة، بما في ذلك ضد الأطفال».

ويشير مشروع القرار إلى أهمية «محاسبة المسؤولين» في نظام الأسد عن خروقات حقوق الإنسان في سوريا، لكنه لا يشير إلى إمكانية إرسال هؤلاء «المسؤولين» إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.

من جهة أخرى، قالت «نيويورك تايمز» إن دبلوماسيين في الأمم المتحدة قالوا إن جامعة الدول العربية قد تسعى للحصول على موافقة أعضاء الجمعية العامة، والذين يبلغ عددهم 193 عضوا، على الخطة التي وضعتها لتنحي الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أن استخدمت روسيا حق النقض ضد هذه المبادرة في مجلس الأمن.

وتبحث الجامعة العربية، التي تضم 22 عضوا، والتي قامت بتعليق عضوية سوريا وفرض عقوبات اقتصادية عليها، عن طرق جديدة لتكثيف الضغوط على الأسد، وربما تسعى للحصول على تصويت الجمعية العامة بحلول 17 فبراير (شباط)، وفقا لما ذكره اثنان من كبار الدبلوماسيين في الأمم المتحدة، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هوياتهما لأنه لم يتم إقرار الخطط بشكل نهائي.

وقد ترك إخفاق هيئة صنع القرار في الأمم المتحدة، في تقديم إدانة دولية لقمع الأسد المميت للمتظاهرين، جيرانه وحلفاءهم الغربيين أمام مجموعة من الخيارات المتضائلة بشأن كيفية إنهاء هذا الصراع، الذي تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه أسفر عن مقتل أكثر من 5400 شخص منذ بدايته في مارس (آذار) من العام الماضي.

وستقوم مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، وهي المسؤولة الرسمية المنوط بها تقدير أعداد الوفيات المتزايدة في سوريا، بتقديم إحاطة إعلامية للجمعية العامة غدا بشأن التطورات الحادثة في البلاد. وهي تدعو إلى أن يأذن مجلس الأمن بإجراء تحقيق في ما إذا كان الأسد، وغيره من زعماء سوريا، يجب أن تتم محاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب باستخدام قوات عسكرية لإحباط الانتفاضة الشعبية ضد النظام.

وقال المتحدث باسمها، روبرت كولفيل، في جنيف: «نحن نعتقد، كما قلنا من قبل وكما سنظل نكرر، أن حالة سوريا تنتمي إلى المحكمة الجنائية الدولية. وهذا من شأنه أن يعطي رسالة قوية جدا للقائمين على إدارة عمليات القمع هناك».

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، يوم الخميس، إن قوات الحكومة السورية قتلت أكثر من 300 شخص في مدينة حمص منذ 3 فبراير، ودعت النظام لوقف قصف المناطق السكنية. وأضافت «هيومن رايتس ووتش» في موقعها على شبكة الإنترنت نقلا عن شهود عيان: «لا توجد مساعدات طبية متاحة بشكل كاف للضحايا بسبب الحصار المفروض على المدينة من قبل القوات الحكومية، وبسبب الخوف من الاعتقال إذا ما تم علاجهم في المستشفيات التي تسيطر عليها الحكومة».

وتعد القرارات التي تصدرها الجمعية العامة، حيث لكل دولة عضو صوت واحد وليس من حق أي منها استخدام حق النقض، أقل مكانة، نظرا لكونها غير ملزمة. وبإمكان مجلس الأمن فقط، الذي يضم 15 عضوا، أن يجيز فرض عقوبات، أو حتى القيام بعمل عسكري، مثلما حدث مع ليبيا.

وقد أقرت الجمعية العامة يوم 19 ديسمبر (كانون الأول)، بتأييد 133 صوتا، إدانة انتهاكات حقوق الإنسان من قبل قوات أمن الأسد. وكانت إيران، آخر حليف ثابت لسوريا في الشرق الأوسط، من بين الأصوات الـ11 المعارضة. وكانت روسيا من بين الـ43 دولة التي امتنعت عن التصويت.

ومن الممكن أن يؤدي إظهار مماثل لدعم خطة الجامعة العربية للسلام - أكثر من أغلبية الثلثين - إلى تسليط الضوء على عزلة سوريا في المجتمع الدولي، وفقا للدبلوماسيين الذين يشاركون في المناقشات، والذين قالوا إن هذا من الممكن أيضا أن يرسي الأساس لاستصدار قرار جديد في مجلس الأمن للموافقة على إرسال بعثة مراقبة مشتركة من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية تكون مرتبطة بالمعايير السياسية التي وضعتها الهيئة الإقليمية.

وقد دعت خطة الجامعة العربية، المؤرخة في 22 يناير (كانون الثاني)، الأسد إلى تسليم السلطة لنائبه في غضون شهرين. وكان هذا يعني بالنسبة لروسيا، التي تبيع أسلحة لسوريا ولها قاعدة بحرية هناك، تأييدا لتغيير النظام، كما شكل هذا الأمر الأساس الذي بنت عليه روسيا قرارها باستخدام حق النقض ضد مشروع القرار، المؤرخ 4 فبراير، والذي «يؤيد تماما» التحول السياسي في سوريا.

* خدمة «.........»