مناطق علوية في اللاذقية تنضم للثورة وتطالب بتحييد الطائفة عن النظام

أهالي قرى بدأوا يتململون من الأسد ويفكرون جديا بالتخلي عنه

جانب من مظاهرة طلابية في حي برزة بدمشق أمس (أوغاريت)
TT

في الوقت الذي يسعى فيه النظام السوري للتماهي مع الطائفة العلوية جاهدا في اتجاه زرع الخوف في نفوس أبنائها من أي تغيير يحدث في البلاد، محاولا الإيحاء بأنه يحمي هذه الطائفة ويحافظ على وجودها، خرجت الأسبوع الماضي وفقا لناشطين معارضين ثلاث مناطق علوية في مظاهرات تنادي بالحرية وتطالب بتحييد الطائفة عن النظام الحاكم وإعلان الانضمام إلى الثورة.

أبرز هذه المناطق دمسرخو، ومشقيتا، والدعتور، وهي تتبع لمحافظة اللاذقية مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد. وشهدت على أثر المظاهرات حملة اعتقالات واسعة استهدفت ناشطين ومشاركين في التحركات المعارضة للنظام الحاكم. وتعد هذه المناطق من أكثر الأحياء فقرا وحرمانا في مدينة اللاذقية، حيث تبتعد منطقة دمسرخو عن مركز المدينة بنحو كيلومترين، ويعيش سكانها على بعض الخدمات السياحية، بينما يعتبر حي الدعتور من الأحياء الشعبية وتنتشر فيه أبنية عشوائية. أما قرية بسنادا فتقع في الشمال الشرقي من المدينة ويمتهن معظم سكانها الزراعة.

ويقول علاء، وهو ناشط علوي يعمل سرا في تنسيقيات الساحل السوري: «استطعنا أن نخرج ثلاث مظاهرات في الأيام الماضية، في أكثر المناطق العلوية موالاة للنظام الحاكم»، كاشفا عن أن «أهالي القرى العلوية بدأوا يتململون من نظام الأسد ويفكرون بشكل جدي بالتخلي عنه».

ويعدد علاء أسماء الكثير من العائلات العلوية «التي فقدت أبناءها بعد أن قام النظام بتجنيدهم في صفوف الشبيحة بحجة الدفاع عن الطائفة»، ويقول: «هذه العائلات تحمل نظام الأسد المسؤولية عن موت أبنائها وتتساءل في حلقاتها الضيقة: لماذا يموت أولادنا من أجل عائلة فاسدة تنهب البلاد ورئيس يوزع المغانم على المحيطين به ويتمسك بالسلطة لأهداف شخصية؟!».

ورغم أن الأسد قال في أحد تصريحاته إن الصراع في سوريا يدور بين قوميين وإسلاميين، فإن الناشط الذي يتخفى وراء أسماء متعددة يؤكد أن «النظام السوري نشر منذ بداية الثورة إشاعات طائفية وحرض الأحياء ذات اللون المذهبي الواحد ضد بعضها، كما قام بتسليح القرى العلوية وجند شبابا منها في مجموعات الشبيحة التي تقوم بقمع المتظاهرين».

ويرى علاء أن «العلويين ضحايا نظام الأسد مرتين، مرة لأنهم جزء من الشعب السوري الذي تعرض عبر عقود للقمع والاضطهاد، ومرة أخرى لأنهم يدافعون عن هذا الاضطهاد ويريدون بقاءه»، لافتا إلى أن «العلويين في سوريا يعيشون في ظروف اقتصادية صعبة، حيث إن النسبة الكبيرة منهم من الفقراء والمساكين إلا أن نظام الأسد استطاع خداعهم عبر الشحن الطائفي وتخويفهم من الطوائف الأخرى».

ويشكل العلويون الذين ينتمي الرئيس السوري بشار الأسد إليهم، نحو 12 في المائة من سكان سوريا، يتوزعون على مناطق الساحل السوري وريف حمص وحماه.

وقد نجح النظام السوري في تحييد الطائفة العلوية عن الحراك الشعبي المطالب برحيله، من خلال بث خطاب تخويفي في صفوفهم يحضهم على رفض التغيير والدفاع عن النظام القائم. إلا أن حالات فردية برزت من داخل الطائفة لتعلن انضمامها إلى الثورة السورية، أبرزها الفنانة السورية فدوى سليمان التي نزلت مع المتظاهرين في حمص وحذرت من الفتنة الطائفية التي يسعى النظام إلى جر الثورة إليها. كما برز اسم الكاتبة سمر يزبك التي زارت مدن درعا وحمص وريف دمشق وسجلت مشاهداتها لما حصل هناك من عمليات قمع وتنكيل ضد المتظاهرين.

وكان أحرار الساحل السوري وريفه من الطائفة العلوية قد قالوا في منتصف الشهر الماضي عبر تسجيل تم نشره على «اليوتيوب» إنهم «جزء من ثورة الشعب السوري وفي موقع العداء للنظام القمعي العائلي العابر للطوائف والأعراق»، معلنين البراءة من هذا النظام الذي «يحاول حصرهم في بيئة أمنية خانقة بالاعتماد على شبكات المنتفعين والتحريض الطائفي الممنهج».