الأمم المتحدة ترجح حدوث جرائم ضد الإنسانية في سوريا.. وتلوح بالمحكمة الدولية

دمشق وطهران وبيونغ يانغ فقط عارضوا بحث الملف أمام الجمعية العامة

TT

أعلنت المفوضة العليا لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، أمس، أن القوات السورية ارتكبت، على الأرجح، جرائم ضد الإنسانية خلال قمعها للحركة الاحتجاجية في سوريا، وأكدت حصول «قصف عشوائي» في حمص أوقع نحو 300 قتيل خلال الأيام العشرة الماضية.

وطالبت بالاي بإحالة نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي قالت إنه من الضروري القيام به لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد المدنيين. وجاء ذلك في كلمتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، التي عقدت خصيصا لبحث التطورات في سوريا، وسط جهود عربية لتمرير قرار عربي للمطالبة بوقف العنف في سوريا، بعد استخدام روسيا والصين الفيتو في مجلس الأمن لمشروع القرار العربي - الغربي.

وانتقدت بيلاي بشدة تعثر مجلس الأمن في أخذ موقف من العنف في سوريا، قائلة إن «فشل مجلس الأمن في الاتفاق على عمل جماعي وثيق أسهم في تشجيع الحكومة السورية على التخطيط لهجوم متكامل لسحق المعارضة بقوة بالغة»، مضيفة: «إنني مرتاعة بشكل أخص من العنف المتصاعد في حمص».

واعتبرت بيلاي أن «طبيعية التجاوزات التي ارتكبتها القوات السورية، ومدى هذه التجاوزات، يدلان على أن جرائم ضد الإنسانية قد ارتكبت على الأرجح منذ مارس (آذار) 2011.

وأضافت بيلاي: «هناك معلومات مستقلة موثوقة ومتقاطعة تفيد بأن هذه التجاوزات جزء من حملة واسعة ومنظمة للاعتداء على المدنيين»، مؤكدة أنها تمت بـ«موافقة السلطات على أعلى المستويات أو بتواطؤ منها». وتابعت المسؤولة في الأمم المتحدة: «إن الخروقات الفاضحة والمنظمة لحقوق الإنسان في سوريا لم تتواصل فحسب، بل ازدادت أيضا» منذ مطلع السنة.

بالنسبة لحمص، قالت بيلاي: «تفيد معلومات موثوقة بأن الجيش السوري قام بقصف أحياء حمص المكتظة بالسكان، فيما بدا أنه قصف عشوائي لمناطق سكنية»، مضيفة أن «أكثر من 300 شخص قتلوا في المدينة منذ بدء هذا الهجوم قبل عشرة أيام، غالبيتهم نتيجة القصف». وتابعت: «على المجتمع الدولي العمل على أن لا تمر هذه الجرائم من دون عقاب»، مذكرة بأنها سبق أن «حثت مجلس الأمن على اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية».

وبعد أن أكدت من جديد أن الأمم المتحدة لم تعد قادرة على تقديم حصيلة دقيقة بالضحايا بسبب عدم إمكان جمع معلومات موثوقة على الأرض، قالت إن عدد القتلى «بات أكثر بكثير من رقم الـ5400»، الذي كان آخر رقم للقتلى قدمته الأمم المتحدة، كما أعلنت أن «قوات الأمن السورية قتلت أكثر من 400 طفل».

وتابعت: «تم اعتقال عشرات آلاف الأشخاص بينهم أطفال، ولا يزال أكثر من 18 ألفا محتجزين بشكل تعسفي»، بينما تتوقع الأمم المتحدة أن هناك نحو 70 ألف نازح داخل الأراضي السورية.

وعرضت بيلاي أنواع التجاوزات التي تقوم بها السلطات السورية وعناصرها، مشيرة إلى وجود «الكثير من المعلومات» التي أفادت بحصول أعمال اغتصاب في المعتقلات «ارتكبت خصوصا بحق رجال وفتيان». وخلصت بيلاي إلى القول إنه بوجود هذا القمع المتصاعد «فإن احتمال قيام أزمة إنسانية على مجمل سوريا يزداد»، كما تزداد مخاطر الحرب الأهلية.

وجاءت كلمة بيلاي بعد اعتراض شديد من الجانب السوري على الجلسة، إذ اعتبر المندوب السوري لدى الأمم المتحدة، بشار جعفري، أن اجتماع يوم أمس غير قانوني، مطالبا بـ«رأي قانوني مستقل» فيما يحدث في سوريا. ومن المثير أن الجعفري وجه كلامه إلى رئيس الجمعية العامة الحالي، السفير القطر ناصر عبد العزيز الناصر، قائلا إنه يخشى من «انحياز» رئاسة الجمعية، ولكن في الوقت نفسه رفض الجعفري المطالبة بتصويت الجمعية العامة حول القضية. وعبرت دولتان إضافيتان فقط عن احتجاجهما، هما إيران وكوريا الشمالية. وعبر المندوبان الإيراني والكوري الشمالي عن رفضهما للجلسة، ودعمها لنظام الأسد.

وشهدت الجلسة مشادة كلامية بين الجعفري والناصر حول شرعية الجلسة، بينما قام الجعفري بطلب الكلام أمام الجمعية العامة، وانتقد موقف الجامعة العربية من التطورات في سوريا بلهجة شديدة، قائلا: «هناك دول تخوض حربا وليس حملة فقط ضد بلدي». وواصل كلامه باتهام المعارضة بأنها «إرهاب»، مطالبا «الجمعية العامة بتحمل مسؤوليتها في مكافحة الإرهاب في سوريا».