بعد انقطاع جميع وسائل الاتصال.. أبناء حمص يتواصلون عبر «الحمام الزاجل»

يعتمدها ناشطو التنسيقيات للاطمئنان على بعضهم والاطلاع على آخر أخبار الثورة

النشطاء في حمص يستخدمون حمام الزاجل في الاتصالات
TT

بعدما أوقف النظام كل وسائل الاتصال فيما بين «أحياء حمص» المنكوبة وأبنائها، وعلى رأسها حي بابا عمرو، لم يكن أمام الناشطين السوريين في المناطق السورية الأخرى، ولا سيما منها تنسيقيات بعض أحياء حمص القديمة، إلا اعتماد «الحمام الزاجل» للاطمئنان على إخوانهم في الأحياء الأخرى، الذين يرزحون تحت القصف. هذه الوسيلة التي أعاد «ابتكارها» الناشطون السوريون ولا يزالون يعتمدونها منذ عشرة أيام تقريبا، ولا سيما منذ بدء انقطاع الاتصالات عن بابا عمرو، أثبتت فعاليتها بنسبة ما بين 90 و95 في المائة، بحسب الناشط الحمصي أبو يزن، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أنها أصبحت الوسيلة المتوفرة الوحيدة للتواصل بين أحياء حمص. وهذا أيضا ما بدا واضحا من خلال الفيديو الذي نشره الناشطون على موقع «فيس بوك»، أول من أمس، يصور بالتفصيل هذه العملية، ويتولى الناشط عمر التلاوي شرحها. وفي الرسالة التي وجهتها تنسيقيات حمص القديمة باب السباع إلى تنسيقيات بابا عمرو يطلبون منهم إعلامهم بما يحتاجون إليه من مساعدات وأدوية، وإرشادهم أيضا إلى الطرقات السرية التي فتحها «الجيش الحر» ليتمكن المواطنون من اعتمادها عوضا عن الطرقات الرئيسية التي تتعرض للاعتداء.

ويلفت أبو يزن إلى أن الحمام موجود بشكل كبير في بيوت أحياء حمص، حيث يحرص عدد كبير من أبنائها على تربيته، وهذا ما سهل مهمة رسائل «الحمام الزاجل» التي يعمد الناشطون إلى إخراجها معهم من الأحياء، لتحمّل عند الحاجة إليها، بالرسائل ويطلق سراحها فيما بعد لتتجه إلى مقرها الرئيسي حيث يتلقاها أصحابها، كما حصل في بابا عمرو وفي الأحياء الأخرى، ليتم فيما بعد الرد عليها عبر حمامات أخرى كانت قد استقدمت أيضا من أحياء أخرى للغرض نفسه، وكي تتمكن فيما بعد من معرفة طريق عودتها، إلا في حالات نادرة، تتعرض فيها للقتل على غرار أبناء المنطقة الذين يتعرضون للقصف.

ويشرح التلاوي في «الفيديو» أن ما يعرف بالـ«اتصال الفضائي»، هو الوسيلة الوحيدة التي لا تزال سارية المفعول في بابا عمرو، على الرغم من انقطاعها إضافة إلى كل وسائل الاتصال عن أحياء حمص، وبالتالي فيعمدون، عبر الحمام الزاجل، إلى إعلامهم بأسماء الشهداء خلال الأيام الأخيرة، ليتولى ناشطو التنسيقيات نشرها على شبكة الإنترنت. وفي حين يوجه أحد الناشطين في الفيديو الشكر لبشار الأسد لما له الفضل بالعودة إلى هذه الوسيلة القديمة مذكرا بالأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها أبناء حمص بعد توقف الأفران عن العمل لمدة أربعة أيام، الأمر الذي جعل النسوة يطعمن أبناءهن الخبز اليابس المبلل، يتولى آخر ربط الرسالة بقدم الحمامة ويطلقها على وقع أصوات الدعوات لها بأن تصل إلى مقرها سالمة.