الحريري يطمئن المسيحيين والشيعة في لبنان: إذا انتصرت الثورة في سوريا.. فنحن تيار الاعتدال

قوى 14 آذار أحيت الذكرى السابعة لاغتيال رفيق الحريري.. والمجلس الوطني السوري شارك برسالة

لبناني يجلس امام صورة ضخمة لرئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري في الذكرى السابعة لاغتياله (أ.ف.ب)
TT

أحيت قوى 14 آذار الذكرى السابعة لاغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري، في مهرجان رسمي حاشد في مجمع البيال وسط بيروت، شارك فيه رئيس الحكومة الأسبق وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري من باريس، وتغيب عنه ممثل عن المجلس الوطني السوري، على الرغم من تأكيدات في هذا الإطار كانت قد سبقت الاحتفال. وركز المتحدثون فيه على دعم الثورة السورية منددين «بالمجازر الوحشية التي يرتكبها نظام الرئيس السوري بشار الأسد».

وفي كلمة مطولة ومباشرة نقلت عبر شاشة عملاقة، أعلن الحريري تضامنه الكلي مع الشعب السوري، ومد يد التعاون للمجلس الوطني «الذي نرى فيه أمل سوريا في بناء نظام ديمقراطي جديد»، قائلا «إن الشعب السوري سينتصر، رغم هول المجازر، وإن النظام السوري آيل حتما إلى السقوط. إننا نعيش لحظة انتقال تاريخي من زمن إلى زمن آخر»، معتبرا أن قيام نظام ديمقراطي تعددي في سوريا سيشكل حصانة كبرى للتجربة الديمقراطية اللبنانية. واللبنانيون بمختلف أطيافهم معنيون بفهم الأبعاد العميقة لهذا الانتقال، وللتقاطع التاريخي بين الديمقراطية اللبنانية والديمقراطية السورية».

وشدد الحريري على أن «انتصار الشعب السوري، في معركة الديمقراطية والكرامة الوطنية، يرسم خطا مستقيما ومتوازنا للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويرتقي بهذه العلاقات، فعلا وممارسة، إلى مستوى العلاقات المميزة الحقيقية بين بلدين شقيقين وجارين، يتعاونان في إطار التوأمة الديمقراطية، وليس بفعل استقواء القوي على الضعيف أو الكبير على الصغير».

وتوجه الحريري «للمسيحيين في لبنان الذين يقولون إن إخوانهم السنة سيشعرون بفائض قوة آت من سوريا، وسوف يستحكمون ويتجهون نحو التطرف في حال انتصرت الثورة في سوريا»، قائلا «نحن تيار الاعتدال والعيش الواحد والمشاركة والتعددية. نحن أهل الطائف والمناصفة التامة بين المسلمين والمسيحيين في لبنان. مهما كانت سوريا، نحن تيار حرية المعتقد والممارسة الدينية وحرية التفكير والكلمة والتعبير والحريات الفردية والعامة. مهما كانت سوريا، نحن تيار الاستقلال والسيادة والديمقراطية. مهما كانت سوريا، نحن أطلقنا شعار لبنان أولا، ودفعنا الثمن بدماء تبقى شاخصة أمام أعيننا في كل يوم وكل لحظة وكل مناسبة ولا نتذكرها كل 14 شباط من كل سنة فحسب».

كما توجه الحريري للشيعة في لبنان «الذين يقولون إن انتصار الثورة في سوريا سيتحول في لبنان هجوما سنيا عليهم للثأر لدم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولتجريدهم من سلاحهم»، قائلا «نحن لا نحمّل إخوتنا الشيعة في لبنان أي مسؤولية في دماء رفيق الحريري، بل إننا نعتبر دماءه هي دماؤهم كما هي دماؤنا ودماء جميع اللبنانيين، وغني عن القول إننا اخترنا طريق العدالة لا الثأر، وها هي العدالة تسلك طريقها بتحديد المسؤولين ومحاسبة المسؤولين وحدهم دون سواهم ودون تعميم المسؤولية لا على فريق ولا على طائفة ولا على مجموعة». وأضاف «نحن لا نعتبر أن للسلاح هوية مذهبية أو طائفية، والواقع الحقيقي القائم في لبنان أن هناك سلاحا حزبيا، محدد الهوية السياسية، يتخذ من جغرافيا الانتشار المسلح غلافا واقيا لمذهبة السلاح، وهو ما نرفضه ونعترض عليه بالكامل، ونجد في استمراره خطرا كبيرا على المشاركة بين اللبنانيين. ونحن نعرف أن الشيعة اللبنانيين هم كما جميع اللبنانيين، مع السيادة والاستقلال والحرية والكرامة في لبنان، كما في سوريا، هم مع الديمقراطية في لبنان، كما في سوريا. الشيعة اللبنانيون طائفة أساسية تتساوى في الأهمية مع كل الطوائف في النسيج اللبناني والنظام اللبناني. ومصير لبنان، نصنعه معا: بالاتفاق لا المجابهة، بالحوار لا الفتنة».

إلى ذلك، أعلن الحريري تحمله كامل المسؤولية عن المرحلة السابقة بحلوها ومرها، ومسؤوليته عن التنازل في مكان ورفض التنازل في مكان آخر، ومسؤوليته في قبول رئاسة مجلس الوزراء ومسؤولية الخروج من رئاسة مجلس الوزراء، مجددا استعداده لتحمل كامل المسؤولية في منع الفتنة بين اللبنانيين عموما ومنع الفتنة السنية الشيعية في لبنان خصوصا، قائلا «هذه مسؤولية تحملتها في السابق وأتحملها أمامكم مجددا اليوم».

وفي ملف المحكمة الدولية، دعا الحريري قيادة حزب الله إلى إجراء «مقاربة جديدة في تعاملها مع المحكمة الدولية، لأن التشبث بحماية المتهمين لن يلغي قرار الاتهام»، وأضاف أن «إصرار حزب الله على رفض تسليم المتهمين أمر من شأنه تعميم الاتهام في جريمة اغتيال الحريري، وهو ما لا يجوز لقيادة حزب الله أن تقع فيه، وأن تحول المحاكمة المرتقبة خلال الشهور المقبلة، إلى مضبطة اتهام سياسية وأخلاقية ووطنية من الدرجة الأولى».

أما المجلس الوطني السوري فبعث برسالة للبنانيين في المناسبة تلاها منسق الأمانة العامة لـ14 آذار فارس سعيد، اعتبر فيها أن «نجاح قوى الرابع عشر من آذار في ربيع 2005 في إخراج نظام الرئيس السوري بشار الأسد من لبنان وإسقاط نظام الوصاية شكل أول صفعة قاسية له». وأكد المجلس أن «سوريا ستقيم أفضل العلاقات مع لبنان بعد سقوط الأسد وستطوي صفحات أليمة»، مشيرا إلى أن «العلاقات ستكون بين دولتين مستقلتين سيدتين، بعيدا عن علاقات تحت مسمى «شعب واحد في دولتين»، موضحا أنه ستكون هناك «إعادة نظر في الاتفاقات والمواثيق الموقعة بين سوريا ولبنان في زمن الوصاية».

وإذ شدد المجلس على أنه «لن يقبل ربط لبنان بمسار أزمة نظام الأسد»، فإنه أكد أن «الثورة السورية ليست بحاجة إلى استخدام الأرض اللبنانية ضد النظام القاتل وهي لا تستخدم ذلك، وأن السوريين الذين في لبنان هم نازحون هاربون من نظام الأسد». وبدوره، اعتبر رئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميل أن «شعوب المنطقة اشتهت ثورة 14 آذار التي غيرت وجه لبنان، فالتهب المشرق العربي بشعلة الحرية، فتحررنا نحن من جيوش وهي تحررت من أنظمة القمع». وقال «مع بدء الثورات بدأنا نعرف لماذا حاولوا إجهاض ثورة الأرز، ولماذا اغتالوا قادتها ويواصلون تهديد قادة جدد، واليوم بدأنا نعرف لماذا عملوا على ضرب الاستقرار وإسقاط الحكومة وتعطيل الدولة»، وأضاف «كانوا يخافون أن تصل عدوى ثورة الأرز إلى أنظمتهم وعدوى الديمقراطية إلى شعوبهم ونسمات الحرية إلى الإنسان العربي، لكنها وصلت رسائل مدوية والبقية آتية». وسأل الجميل «هل يعقل أن نؤيد الشعوب العربية للخروج من سلطة سلاح الأنظمة ويبقى شعب لبنان تحت سلطة السلاح؟»، داعيا «للقاء يعيد تكوين الأكثرية النيابية ويعيد الأكثرية إلى الحكم لأنها المؤتمنة على مشروع الدولة».

وبينما شن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حملة عنيفة على ما يسمى بمحور المقاومة والممانعة، اعتبر أن «المقاومة باتت في مواجهة الشعوب ومطالبها المحقة وفي مواجهة التغيير وتحقيق الحرية والكرامة والعدالة، وأنها مقاومة في مواجهة قيام دولة فعلية في لبنان».

وشدد جعجع على أن «نظاما ديمقراطيا حرا في سوريا هو خير دعم لاستقلال لبنان، وهو فرصة حقيقية لطي الصفحات السود التي سطرها النظام الحالي في تاريخ البلدين، وهو ضمانة «أخوة وتعاون وتنسيق حقيقي وندي وجدي بين البلدين، وهو حتمية تاريخية لمصلحة سوريا ولبنان ودول المنطقة كافة»، داعيا «العالم أجمع، خصوصا دول المنطقة، إلى بذل كل الجهود وفعل كل ما يلزم لوقف القصف والقتل وإراقة الدماء في سوريا، وترك شعبها يقرر مصيره بنفسه، بكل حرية وكرامة».

وفي الملف الحكومي، وصف جعجع الحكومة اللبنانية الحالية بـ«الحكومة الغريبة الأطوار، التي تسير عكس المسار الديمقراطي الطبيعي للمنطقة، وعكس المسار التاريخي للبنان، إنها حكومة الموت السريري، تنضح شللا وعتمة وفسادا وهدرا وابتزازا وتلاعبا بأمنكم ومستقبلكم، وحكومة الفضائح، تفوح منها كل يوم روائح المازوت، وصفقات الكهرباء، وملهاة الأجور ومأساة التعيينات». وانتقد جعجع واقع أنه «في الوقت الذي يرفض فيه ضباط وعناصر من الجيش السوري نفسه تنفيذ أوامر نظامهم، نجد بعض من في هذه الحكومة وبعض إداراتها يتسابقون لتلبية رغبات النظام وطلباته، ولو وصلت إلى حد مطاردة الأبرياء واللاجئين والنازحين والمشردين الهاربين من جحيم الأحداث في سوريا»، مشيرا إلى أن «كل يوم إضافي في عمر هذه الحكومة هو عام بالناقص من عمر لبنان الوطن، من عمر لبنان الحرية، ومن عمر لبنان الاقتصاد. إن هذه الحكومة تتخبط باتجاهات كثيرة، لكن المطلوب واحد فقط وهو الرحيل».