دبلوماسيون: البند التاسع من قرار الجامعة العربية يفتح الباب لدعم المعارضة السورية

دبلوماسي عربي: مجموعة أصدقاء سوريا قد تساعد المعارضة في الداخل والخارج على الوحدة

مظاهرة احتجاج حاشدة نظمها سوريون في العاصمة البريطانية لندن أمس لاستنكار مجازر حمص وللمطالبة بإسقاط الأسد (تصوير: حاتم عويضة)
TT

في نهاية اجتماع شاق بأحد الفنادق الكبرى بالقاهرة، لمح وزراء الخارجية العرب، بقيادة دول خليجية، للرئيس السوري بشار الأسد إلى أنه ما لم يوقف حملة العنف التي تشهدها بلاده فقد تسلح بعض الدول الأعضاء في الجامعة العربية خصومه.

وقالت «رويترز»، في تقرير لها أمس: إن هذه الرسالة غير المباشرة جاءت في البند التاسع من قرار الجامعة العربية يوم الأحد الذي حث العرب على فتح قنوات اتصال مع المعارضة السورية وتوفير جميع أشكال الدعم السياسي والمادي لها، وهي عبارة تنطوي على إمكانية تقديم السلاح لمعارضي الأسد. وأكد دبلوماسيون شاركوا في الاجتماع هذا التفسير.

واضطر العرب إلى إلغاء مهمة المراقبين العرب في سوريا بعد تعثرها، وعندما طلبوا دعم مجلس الأمن الدولي لخطة لنقل السلطة تقضي بتنحي الأسد وقف حق النقض (الفيتو) الروسي والصيني حائلا دون مرادهم.

ونقلت «رويترز» عن مندوب دائم لدى الجامعة العربية: لم يعد مقبولا أن يمارس الأسد كل ألوان القتل بحق المدنيين ونحن نقف صامتين، مفسرا بذلك القرار الذي أعاد القضية السورية إلى الأمم المتحدة، مع الدعوة لإرسال قوة حفظ سلام مشتركة من الأمم المتحدة والجامعة العربية. وأضاف: نحن سندعم المعارضة ماليا ودبلوماسيا في البداية، لكن إذا استمرت عمليات القتل من جانب النظام فلا بد من مساعدة المدنيين لحماية أنفسهم؛ فالبيان يعطي الدول العربية كل الخيارات لحماية الشعب السوري، وعبارة جميع الخيارات عبارة دبلوماسية تترك الباب مفتوحا أمام إمكانية الرد العسكري.

كان دبلوماسيان آخران أكثر صراحة إذ قالا إن القرار يسمح بنقل أسلحة للمعارضة.

وقال سلمان شيخ، مدير مركز بروكينغز الدوحة: إن سيل الدماء يمثل عنصر ضغط يدفع العرب للتحرك. وأضاف: من المحتمل أن نشهد مزيدا من العسكرة لهذا الصراع مع ما ينطوي عليه ذلك من عواقب خطيرة واسعة النطاق.

وتتسرب أسلحة مهربة إلى سوريا، لكن من غير الواضح ما إذا كانت حكومات عربية أم حكومات أخرى تؤيد مثل هذه التحركات. ويقول مسؤولون أمنيون عراقيون إن هناك مؤشرات على أن مسلحين من السنة بدأوا يعبرون الحدود للانضمام إلى الثائرين في سوريا.

ويحقق المهربون عوائد كبيرة مع ارتفاع الأسعار لتوصيل الأسلحة إلى سوريا مخبأة وسط الشحنات التجارية. ويقول محللون إن هذه الأسلحة لا يمكنها أن تضارع قوة النيران التي يمكن للأسد إطلاقها، ومع ذلك فإن هذا الأمر قد يتغير إذا فشل الأسد في الامتثال لمطالب العرب.

وقال سفير دولة عربية من خارج منطقة الخليج إن قطر والسعودية أصرتا على عبارة الدعم المادي لتشمل جميع أنواع الدعم، بما في ذلك السلاح مستقبلا. وأضاف: لكننا نرى أن هذا تصعيد خطير.

وأبدى دبلوماسي عربي كبير لـ«رويترز» تخوفه من أن تؤدي هذه الخطوة إلى اشتعال الموقف في سوريا، التي تضم طوائف مختلفة مثل السنة والعلويين والمسيحيين والأكراد والدروز في قلب الأمة العربية.

وقالت «رويترز»: ربما تكون لدى مصر والجزائر والعراق، وهي قوى لها نفوذها الإقليمي تقليديا وذات ثقل سكاني وعسكري، هواجسها في ما يتعلق بسوريا، لكن نفوذها في الوقت الحالي محدود.

وقد أبدت الجزائر تحفظات على فكرة إرسال قوة مشتركة إلى سوريا، أما الدولتان الأخريان فالتزمتا الصمت. وتواجه الدول الثلاث تحديات داخلية تحد من قدرتها على طرح آرائها.

فلدى العراق انقساماته الطائفية، كما نجت الجزائر من انتفاضة شعبية، وإن ظل الحذر غالبا على الوضع فيها وقد لا يحبذ حكام مصر العسكريون التدخل في دولة عربية، لكنهم مشغولون بسخونة التطورات في الشارع المصري والاحتجاجات على الحكم العسكري.

كان البلد العربي الوحيد الذي اعترض على القرار رسميا هو لبنان الذي هيمن عليه لفترة طويلة النفوذ السوري ونفوذ حزب الله.

ومما يسلط الضوء على الاضطراب الذي يشهده العالم العربي أن اجتماع الأحد بالقاهرة نُقل إلى فندق ماريوت بدلا من عقده في مقر جامعة الدول العربية على الجانب المقابل من نهر النيل، وذلك لقرب المقر من ميدان التحرير، بؤرة الاحتجاجات المصرية.

وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، في كلمة قبل بدء المحادثات المغلقة: إن اجتماعنا اليوم مطالب باتخاذ إجراءات حاسمة، وذلك بعد أن فشلت أنصاف الحلول في وقف مجزرة سوريا.

وحسب «رويترز» قال المندوب الدائم غير الخليجي، الذي طلب مثل الآخرين عدم الإفصاح عن اسمه، إنه كان واضحا بداية من تلك اللحظة من الذي يوجه الاجتماع.

وعقدت دول مجلس التعاون الخليجي الست اجتماعا منفصلا في وقت سابق ذلك اليوم.

وقال مصدر إن موقف هذه الدول لاقى تأييد المغرب والأردن وتونس، التي ستستضيف اجتماعا لأصدقاء سوريا من العرب وغيرهم في 24 فبراير (شباط). وقال المصدر، الذي حضر الاجتماعات، إنها شهدت مناقشات عاصفة بشأن نوع المهمة العربية الدولية المشتركة التي ينبغي أن تطلبها الجامعة العربية من الأمم المتحدة. وقال: عندما حاول البعض الحديث عن مقترح الأمين العام بإرسال بعثة مراقبين مشتركة من الجامعة العربية والأمم المتحدة فوجئ برفض عاصف من دول الخليج التي قالت إن الزمن تجاوز عمل أي مراقبين وإن ما يحدث في سوريا لا يمكن وقفه من دون قوات حفظ سلام.

وقال المصدر: إن رئيس الجلسة، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر، قاد أيضا الدعوات لإنهاء مهمة المراقبين العرب التي انتقدتها المعارضة السورية منذ بدأت عملها في ديسمبر (كانون الأول) والتي تعرضت أيضا لانشقاق في صفوفها ومشاكل في النقل والإمداد. وألغى القرار مهمة المراقبين. ومع ذلك تبدو احتمالات موافقة مجلس الأمن الدولي على قوة حفظ السلام المشتركة ضئيلة.

وطرح الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، الفكرة الأسبوع الماضي على الأمين العام للأمم المتحدة، لكنها لم تلق إلا استقبالا فاترا من الدبلوماسيين في نيويورك على الرغم من أن الولايات المتحدة وآخرين قالوا إنهم سيدرسونها. وقال دبلوماسي غربي في الأمم المتحدة إنها في الحقيقة غير واقعية مع عدم وجود سلام يُحفظ... هذا ينبغي أن ينظر إليه على أنه خيار للمستقبل وليس خيارا للتطبيق الآن.

وأشار الدبلوماسي إلى السابقة المؤسفة الخاصة بإرسال القوة المشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى دارفور في السودان والتي قال إنها تفتقر إلى هيكل قيادي واضح.

وأضاف: لا أرى أن سبيل التقدم إلى الأمام في سوريا يتضمن وجود أفراد غربيين على الأرض بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك شكل قوات لحفظ السلام. أعتقد أن هذه القوات يجب أن توفرها دول أخرى غير الدول الغربية.

ويتطلب نشر مثل هذه القوة الحصول أولا على موافقة سوريا التي لم تقبل المراقبين العرب غير المسلحين إلا بعد تلكؤ استمر أسابيع وسارعت إلى رفض قرار الجامعة العربية يوم الأحد.

وقال سلمان شيخ، مدير مركز بروكينغز الدوحة: إن طلب القوة المشتركة يهدف إلى تركيز الأفكار عن طريق إعادة الموضوع إلى الأمم المتحدة وتوجيه أسئلة إلى روسيا. وأضاف: إذا ضاعت هذه اللحظة فقد نرى مزيدا من الاستقطاب في استجابة المجتمع الدولي والانزلاق نحو صراع أكبر على الأرض.

ويقول محللون: إن الاختبار الحاسم هو موقف روسيا التي يتوقع أن تحذو الصين حذوها. وحتى الآن تقول روسيا إنها ستدرس الدعوة الواردة في قرار الجامعة العربية، لكن من دون حماس كبير.

وقال دبلوماسي كبير في الجامعة لـ«رويترز»: المشكلة الأساسية في ما يتعلق بالمعارضة السورية هي أنها ما زالت مشتتة؛ فليست لها قيادة موحدة ولا تتحدث بصوت واحد. ودعا قرار مجلس الجامعة العربية المعارضة السورية إلى توحيد صفوفها.

وأوضحت بعض الدول العربية أنها لم تعد تعتبر حكومة الأسد شرعية. وقالت دول الخليج، الأسبوع الماضي، إنها قررت استدعاء سفرائها من سوريا وطرد السفراء السوريين. واتخذت ليبيا وتونس الإجراء نفسه.

وقال الدبلوماسي العربي: إن مجموعة أصدقاء سوريا، وهي تجمع تسانده القوى الغربية، قد تساعد في إقناع كل فصائل المعارضة السورية في الداخل والخارج بأن تكون جبهة واحدة.