حي برزة.. أقدم وأعرق أحياء دمشق

يواصل انتفاضته ضد النظام السوري

أطفال يحتجون على قمع النظام أمس في دمشق (أوغاريت)
TT

يعد حي برزة الدمشقي واحدا من أقدم الأحياء وأكثرها عراقة في العاصمة السورية دمشق، فهو امتداد لمناطق الشام القديمة الواقعة خارج السور التاريخي للمدينة، التي كانت تعرف سابقا باسم «بساتين الصالحية».

يقع الحي بين منطقتي القابون وركن الدين، ويمتد على سفح جبل قاسيون باتجاه الشرق بمحاذاة حي المهاجرين، اكتسب خصوصية منذ بدايات الثورة السورية المندلعة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، حيث خرج أهله في مظاهرات تنادي بالحرية وتطالب بإسقاط النظام السوري، وبعد تصعيد الحملة الأمنية من قبل الجيش الموالي للأسد بحق المتظاهرين في حمص ودرعا ومدن سورية أخرى، صار أهالي الحي يوصلون الليل بالنهار ويخرجون في مظاهرات يومية، منددين بالقمع الجاري استخدامه بحق المناطق الثائرة. يقول أحد أعضاء تنسيقيات دمشق «سكان حي برزة يشكلون النسيج الحقيقي لسكان دمشق، فهم مثل أهالي حي القابون دمشقيون أصليون». ويضيف الناشط «هذا ما يؤكد أن مدينة دمشق قد انتفضت ضد نظام الأسد بأحيائها الأصلية؛ الميدان، وبرزة، والقابون، وركن الدين وغيرها، ولم يعد مقبولا أن نسمع أن دمشق لم تتحرك بعد».

وبالقرب من حي برزة الذي يزيد عدد سكانه على الـ75 ألف نسمة، أنشأ النظام السوري في بداية الثمانينات مساكن للضباط الذين يؤدون خدمة العلم في مدينة دمشق. ويقول الناشط «معظم سكان هذه المساكن موالون للنظام السوري، وكلما خرج أهالي حي برزة في مظاهرات معارضة لنظام الحكم وتم نشر التصوير على الفضائيات، يأتي التلفزيون الرسمي ليصور مظاهرات مؤيدة للنظام تخرج عادة في المساكن ويقول هذه برزة».

وينتمي معظم سكان الحي إلى الطبقة الوسطى حيث تتنوع المهن التي يمارسونها بين التجارة والصناعة ومهن أخرى، حيث يؤكد الناشط أن «الناس في الحي يخرجون من أجل كرامتهم ونصرة لإخوتهم في حمص ودرعا وليس لأنهم فقراء».

ويعزو الناشط قدرة الحي الدمشقي على الصمود حتى الأمس في وجه الآلة العسكرية للنظام السوري لدرجة خروجه عن السيطرة الحكومية في أوقات متقطعة من الليل، إلى سببين؛ أولهما أن «أهالي الحي معظمهم في عائلات واحدة، حيث تربطهم ببعض علاقة القرابة مما يجعلهم متكاتفين، متضامين ويقلل من جهة أخرى احتمال وجود مخبرين في صفوفهم»، والأمر الثاني هو «الطبيعة الجغرافية للحي التي تفرض وجود مدخل واحد له (شارع تشرين) مما يصعب عملية اقتحامه من قبل الأمن السوري وشبيحته».

وشارك أهالي الحي بقوة في إضراب «الكرامة» الذي دعت إليه المعارضة منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، حيث أغلقوا محلاتهم وامتنعوا عن الذهاب إلى أعمالهم. كما تعرض الحي للكثير من الاقتحامات ونفذت سلسلة اعتقالات طالت ناشطين شبابا قامت تنسيقية حي برزة للثورة السورية بنشر أسمائهم في صفحتها على «فيس بوك». وكانت صحيفة «ديلي تلغراف» قد ذكرت أن عناصر من «الجيش السوري الحر» يوجدون في حي برزة ويقومون بتوفير الحماية الأمنية للمتظاهرين ضد هجمات القوات التابعة للأسد.