الأسد يعلن أن الإصلاح يجري في موازاة إعادة الأمن.. والمعارضة تحذر من حرب أهلية

نائب وزير الخارجية الصيني يدعو بعد لقائه الرئيس السوري إلى الحوار ووقف العنف

الرئيس السوري بشار الأسد لدى اجتماعه بالمبعوث الصيني ويظهر في الصورة وليد المعلم وبثينة شعبان وفيصل المقداد ولا يظهر فاروق الشرع نائب الرئيس الذي اقترحت المبادرة العربية أن ينقل الأسد سلطاته اليه في مرحلة انتقالية (أ.ف.ب)
TT

عاد الرئيس السوري بشار الأسد، وأكد بعد لقائه نائب وزير خارجية الصين تشاي جيون أن «ما تتعرض له سوريا يهدف بشكل أساسي إلى تقسيمها وضرب موقعها الجيوسياسي ودورها التاريخي في المنطقة»، وهو رغم ذلك لا يزال ماضيا في مسيرة الإصلاح السياسي وفق خطة واضحة وجداول زمنية محددة. ومن جهته، أعلن المبعوث الصيني أنه وضع الأسد في صورة موقف بلاده من المسألة السورية، الذي يتمثل في دعوة الحكومة السورية وجميع الأطراف المعنية إلى الحوار والوقف الفوري لأعمال العنف ضد المدنيين وضرورة استعادة الاستقرار والنظام الطبيعي في سوريا بأسرع وقت ممكن، لأن التنمية والاستقرار أمران يصبان في مصلحة جميع أبناء الشعب السوري، لأنه في ظل الظروف المستقرة فقط يمكن لسوريا أن تجري إصلاحا سياسيا شاملا. كما أعرب جيون عن أمله في أن يجري الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في سوريا والانتخابات البرلمانية في المرحلة القادمة بصورة سلسة.

وكان تشاي جيون التقى، أمس، عددا من رموز المعارضة السورية في دمشق، بينهم المعارض والناشط والكاتب السوري البارز، لؤي حسين.

وصرح حسين لوكالة الأنباء الألمانية، عقب اللقاء، بأنه أكد أن أهم القضايا بالنسبة للمعارضة هي قضية عنف السلطات، لافتا إلى أن الدبلوماسي الصيني أخبره بأنه دعا القيادة السورية إلى وقف العمليات العسكرية. وجرى اللقاء في مقر السفارة الصينية بالعاصمة السورية، دمشق.

وتعليقا على موقف الرئيس السوري، اعتبر عبد الباسط سيدا عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري، أن كلام الأسد الذي لا يزال يصر فيه على الاستمرار في الحل الأمني القمعي الذي تحول إلى إعلان حرب على شعبه، هو دليل واضح على أنه لا يعيش واقع ما يحصل في سوريا من القتل والمظاهرات التي تتسع دائرتها يوما بعد يوم، منذ 11 شهرا، ويحاول أن يتصرف مع كل العالم وكأن الأمور في سوريا هي طبيعية. وقال سيدا لـ«الشرق الأوسط»: «الكل بات على يقين أن سوريا تتجه نحو المزيد من العنف، والواقع الذي لم يعد مقبولا بكل المعايير أصبح مفتوحا على كل الاحتمالات، وقد يخرج عن السيطرة، إذا لم يتم اتخاذ موقف سياسي دولي». وأضاف أن «الشعب السوري إذا فقد الأمل بالجامعة العربية والمجتمع الدولي أمام تزايد وتيرة القتل، سيعتمد عندها على نفسه، وهذا الحل سيؤدي بالبلاد نحو العسكرة والحرب الأهلية، وها نحن وصلنا إلى أبواب التسلح الذاتي وبدأ كل فريق يبحث عن أمنه الخاص، وإذا لم يتم العمل على الحد من هذه المخاطر، فلن تكون عندها هذه الآثار السلبية محصورة في سوريا بل ستمتد إلى الجوار الإقليمي». ولفت سيدا إلى أنه «رغم كل ما يحصل في سوريا، لا يزال المجال مفتوحا أمام إيجاد حلول، لكن الأهم من ذلك البحث عن حلول جدية وجذرية وليس الاكتفاء بالمسكنات التي لم تعد تكفي، مع التأكيد على أن النظام بات جزءا من الماضي». وفيما يتعلق بكلام جيون ودعوته إلى الحوار بين الأطراف السورية، قال سيدا «إن هذا الإصلاح والحوار بين المعارضة والنظام الذي تطرحه الصين كان مطلبنا في بداية الثورة وكي يقود الرئيس مسيرة الإصلاح بنفسه، لكن اليوم وبعدما وصل عدد القتلى إلى أكثر من 10 آلاف وآلاف الجرحى والمعتقلين، لم يعد مقبولا لا الحوار ولا الإصلاح الذي يدعيه الأسد». وسأل «عن أي إصلاح أو حوار يتحدثون، وها هو ألغى قانون الطوارئ وأمر بإرسال فرق الموت والدبابات إلى المناطق السورية؟». وأضاف «خبرتنا مريرة مع هذا النظام الذي يقول شيئا وينفذ أمرا آخر، هو يعيش على الخداع، وخير دليل على ذلك هذا الدستور الجديد المفصل على قياس النظام».

وفي حين لفت سيدا إلى أنه كان هناك تواصل في فترة سابقة مع الصين وروسيا، قال «لا ننكر أن كلا من هذين البلدين يمثل قوة عظمى، وندرك أن هناك تنافسا بين القوى الكبرى وموقف روسيا هو جزء من هذه الحالة، لكن نرفض أن يكون هذا التنافس على حساب سوريا وشعبها، ونرجو بالتالي من الصين وروسيا أن تعيدا حساباتهما وتقفا إلى جانب الشعب السوري».

من جهته، اعتبر ماجد حبو، عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق الوطنية، أن روسيا والصين تتبنيان خطاب الأسد الذي فقد مصداقيته عند الشعب بعدما بقي يعد بالإصلاح 12 سنة، ويقف خلف هذا الموقف مصالح كل من الدولتين التي لا تتوافق مع مصالح الشعب السوري. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «النظام يحمل لواء الدعوة إلى الحوار بموازاة تمسكه بالحل الأمني، وهذا ما قاله ولا يزال يكرره الأسد منذ بدء الثورة السورية، فيما نحن نؤكد أن أي حوار يجب أن يكون مبنيا على مقدمات أولية للوصول إلى الحوار، ولا سيما منها، وقف الحل الأمني للانتقال بعده إلى حوار يهدف إلى الانتقال السلمي للديمقراطية في سوريا، لكن المشكلة تكمن في أن هذا النظام لن يتخلى عن هذا الحل وهو لا يزال رهين مجموعة عسكرية أمنية»، مضيفا «وها هي نتائج هذا الحل الأمني الذي لا يزال الأسد يصر عليه، المرعبة بدأت تظهر على الأرض من خلال ملامح التموضع الطائفي والتسلح الذي بدأ يظهر في مناطق سورية عدة، لا سيما في حمص وإدلب وريف دمشق، وهذا كله سيؤدي في النهاية إلى حرب بين الشعب الواحد».

من هنا يرى حبو أنه «في ظل اتجاه الأزمة السورية نحو التدويل، المطلوب اليوم من الجميع، لا سيما المعارضة، إعادة الثورة إلى أبنائها».