الدروز في لبنان بين الدعوة إلى النضال ضد نظام الأسد والاستعداد للقتال معه

شهيب لـ «الشرق الأوسط»: 120 درزيا من الجيش السوري قتلوا في المواقع بدلا من الموت دفاعا عن الأرض

TT

تعكس المواقف الدرزية - اللبنانية على لسان قادة الطائفة انقساما حادا، بل «تطرفا» في مقاربتها للأزمة السورية، كل بحسب موقعه السياسي. ولم تكن إعادة تموضع النائب وليد جنبلاط الأخيرة، إلا دليلا واضحا على هذا «التطرف»، بعدما دعا دروز سوريا لـ«النضال في سبيل تحرير بلدهم من القمع والطغيان»، ليأتيه الرد على لسان رئيس حزب «التوحيد العربي»، الوزير الأسبق وئام وهاب: «سنقاتل إلى جانب سوريا، وإذا احتاجنا دروز جبل العرب لمساندتهم سنفعل»، ومن ثم على لسان النائب فادي الأعور، من «الحزب الديمقراطي اللبناني» الذي اعتبر أن المجلس الوطني السوري هو «مجلس خونة» ومرتهن للخارج، وكل من يدعون أنهم معارضة ليسوا إلا سلفيين ومجموعات تحترف الجريمة المنظمة».

وكان جنبلاط قد حذر المناضلين العرب في جبل الدروز من «الانجرار خلف من سماهم زمرة من الشبيحة والمرتزقة الذين يوزعون عليكم السلاح، والذين يريدون وضعكم في مواجهة مع إخوانكم في سوريا، ويسعون إلى جعلكم تشبهون حرس الحدود مع إسرائيل. تراثنا هو العيش مع المحيط العربي الإسلامي وهكذا سنبقى. المستقبل هو لأحرار سوريا، وموقعكم الطبيعي هو إلى جانبهم. وهم لن يسمحوا لبعض الشبيحة من جبل لبنان أو من قبل النظام أن يوقعوهم في الفخ الذي يُرسم لهم».

واعتبر النائب أكرم شهيب في «جبهة النضال الوطني» هذه الردود المستنكرة لموقف جنبلاط، كانت متوقعة ممن هم جزء من المنظومة السياسية التي تبدأ من الشام ولا تنتهي في لبنان. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «موقف جنبلاط كان لا بد منه بعد تدخلات من الملحقين اللبنانيين في النظام السوري، الذين لم يتوانوا عن التجييش في سوريا ودعوة الطوائف إلى التسلح». وأضاف: «لا نريد أن يتحول الصراع في سوريا إلى طائفي أو مذهبي، وبالتالي لا يجوز أيضا أن يقف الدروز إلى جانب النظام ضد ثورة الشعب، وأن يكونوا أداة لقمع إخوانهم السوريين، لا سيما أن أهل الجبل من الأوائل الذين وقفوا ضد الظلم أيام سلطان باشا الأطرش، من هنا كان من واجبنا أن ندعوهم إلى الالتحاق بالثورة إلى جانب إخوانهم الذين يناضلون للوصول إلى سوريا ديمقراطية متنوّعة». وفي حين لفت شهيب إلى أنه، وكما هو معروف، أن فئة من الدروز من مؤيدي النظام السوري، أكد أن نحو 120 عنصرا درزيا من الجيش السوري قتلوا في المواقع خلال مواجهتهم مواطنيهم، بدل أن يموتوا في الدفاع عن الأرض والقضية التي دخلوا إلى الجيش لأجلها.

وأضاف شهيب: «رغم أن هناك تداخلا بين العائلات الدرزية في لبنان وسوريا وهناك علاقات اجتماعية وإنسانية دائمة بين الطرفين، فإن موقفنا هذا الداعم إلى كل الثوار في كل المناطق السورية، هو موقف وطني وليس مذهبيا، ولم يكن إلا من باب النصح، ونحن نعول كثيرا على هؤلاء الذين لا يسمح لهم موقعهم إلا أن يكونوا إلى جانب الثورة، وحراكهم الذي يتطور يوميا في السويداء ودرعا ليس إلا خير دليل على هذا الواقع». ونفي شهيب ما تردد عن اجتماع ينوي مشايخ الطائفة الدرزية الدعوة إليه للتباحث في كيفية تجنيب الطائفة أعباء مواقف قادتها السياسية بشأن الأزمة السورية.

وهذه «الدعوة الجنبلاطية» قابلها رد، بل ردود لا تقل «شراسة» على ألسنة شخصيات درزية عدة، فاعتبر النائب فادي الأعور، عن كتلة النائب طلال أرسلان، رئيس «حزب الديمقراطي اللبناني»، أن «موقف دروز لبنان ينطلق من موقف دروز سوريا المؤيدين للنظام السوري ورئيسه، ولا يمكن أن يكونوا مع القوى السلفية التي تقتل الشعب باسم الثورة. وكل من يدعون أنهم معارضة ليسوا إلا سلفيين ومجموعات تحترف الجريمة المنظمة».

ووصف الأعور المجلس الوطني السوري بـ«مجلس الخونة» الذي يستقوي بالخارج وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مواقفهم التي يتآمرون بها على وطنهم مرتهنة لصالح الإسرائيلي والقطري والأميركي والتركي»، معتبرا أن النظام السوري ليس بحاجة إلى أي مساعدة من الخارج، لأنهم قادرون على الدفاع عن الوطن ومستقبل الشعب.

واعتبر الأعور أن الكلام عن «فرز الطائفة الدرزية ليس بالأمر الجديد، فهم منقسمون فيما يتعلق بموقفهم من الثورة السورية»، لافتا إلى أن كلام جنبلاط يعبر عن موقفه، وليس موقف الطائفة التي لا يمثلها جنبلاط، معتبرا أن رهانه حول سقوط النظام السوري لن يتحقق، وسيعود ويناشد بالعودة إلى الدخول للشام من بوابة فلسطين العروبة.

أما رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير الأسبق وئام وهاب، فدعا جنبلاط إلى «عدم نقل المعركة إلى داخل الطائفة الدرزية».

وقال: «إذا احتاجتنا سوريا للقتال ضد الغرب فسنقاتل إلى جانب سوريا، وإذا احتاجنا دروز جبل العرب لمساندتهم فسنفعل، ولكن الوضع اليوم في جبل العرب مغاير تماما لما يقوله جنبلاط».

واعتبر وهاب أن «ما نواجهه اليوم هو صراع بين مشروعين ونحن مقررون أن نقاتل، ومن يعتقد أن سوريا ممكن أن تسقط بنزهة فهو مخطئ، ومن يعتقد أنه يستطيع أن يشن عدوانا على سوريا، فإنه سيتسلم المنطقة رمادا»، مؤكدا على أن إيران لن تترك سوريا حتى لو وصلت الأمور إلى الحرب.