زيادة الانقسام العالمي حول رد الفعل الأنسب نحو سوريا

بين دعوات الجمهوريين الأميركيين لتسليح المعارضة ومزيد من العقوبات الأوروبية

TT

بينما توافق أبرز المرشحين للفوز بتسمية الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية الأميركية على ضرورة تحرك الولايات المتحدة وتسليح المعارضة السورية من أجل إنهاء نظام الرئيس بشار الأسد، يكثف الاتحاد الأوروبي خطواته الساعية إلى محاصرة نظام الأسد عبر إضافة عدد من الوزراء السوريين إلى لائحة العقوبات الأوروبية، فضلا عن إجراءات أخرى تستهدف أنشطة مالية.

ورغم مرور نحو عام على بداية الأزمة السورية، واتخاذها منحنى أكثر عنفا ودموية مؤخرا، ما زالت ردود الفعل الدولية منقسمة حول الحل الأنسب لإنهاء النزاع الذي راح ضحيته نحو 8 آلاف سوري حتى الآن بحسب بعض التقديرات الدولية.

وبينما يتجه الكثيرون نحو الخيارات المسلحة، سواء عبر التدخل العسكري أو تسليح قوى المعارضة - وهو الحل الأكثر رواجا في الآونة الأخيرة - والذي تتبناه بعض التيارات وعلى رأسها قيادات الحزب الجمهوري الأميركي، ما زالت هناك بعض الأصوات الداعية إلى فرض مزيد من العقوبات وبخاصة في دول الاتحاد الأوروبي.. فيما يتطلع البعض إلى أمل أخير في نجاح المساعي الدبلوماسية لحل الأزمة.

وفي مناظرة تلفزيونية أيد كل من ميت رومني ونيوت غينغريتش المرشحان الجمهوريان المحتملان للرئاسة الأميركية فكرة تسليح المعارضة السورية في معركتها للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وقال رومني، حاكم ماساشوستس السابق والمرشح الأوفر حظا لخوض سباق الرئاسة الأميركية أمام الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، إن الولايات المتحدة عليها أن تعمل مع الحلفاء لمساعدة المعارضة السورية.

وبرر رومني موقفه بقوله: «هناك حاجة لهذا الدعم لإبعاد سوريا عن إيران في وقت حساس، ربما تحاول فيه طهران تطوير أسلحة نووية»، و«إذا استطعنا إبعاد سوريا ولبنان عن إيران سنملك القدرة أخيرا على إرغام إيران على التراجع».

ولاحت مؤشرات في وقت سابق من الأسبوع على أن إدارة أوباما قد تفتح الباب أمام تسليح المعارضة السورية في نهاية المطاف، إذا استحال التوصل إلى حل سياسي للصراع. لكن معارضون أميركيون لفكرة تسليح المعارضة يقولون إن القوات المناهضة للأسد منقسمة بشدة على نفسها وليس لها قيادة واضحة.

وقال غينغريتش خلال المناظرة إن حلفاء الولايات المتحدة (لم يسمهم) يساعدون سرا على تدمير نظام الأسد، وإن هناك أسلحة متاحة في المنطقة لتسليح المعارضة.

وانتقد المرشحون الجمهوريون الرئيس باراك أوباما بسبب عدم اتخاذه إجراءات أكبر بالشكل الكافي ضد كل من إيران وسوريا، وقال السيناتور السابق عن ولاية بنسلفانيا ريك سانتوروم إن «سوريا دولة دمية لإيران»، مضيفا أنه «من الملاحظ أن أوباما خجول جدا في التعامل مع الوضع في سوريا»، وأن «هذا الرئيس لديه بشكل واضح مشكلة كبيرة في التصدي للإيرانيين بأي شكل».

من جهة أخرى، دعا السناتور جون ماكين المجتمع الدولي إلى مساعدة السوريين ووقف «المجزرة» في سوريا، مجددا الدعوة لتسليح المعارضة ضد نظام الأسد، وقال ماكين في مؤتمر صحافي خلال زيارته إلى العاصمة الليبية طرابلس: «حان الوقت لوقف المجزرة»، و«علينا التفكير في كل الاحتمالات.. من إقامة مناطق لتسليم الأسلحة إلى من يقاتلون الأسد والذين يدافعون عن أنفسهم»، مشيرا إلى أن المعارضة السورية تحتاج دعما تقنيا وطبيا.

وكان ماكين قال في وقت سابق: «هناك طرق للحصول على أسلحة للمعارضة من دون مشاركة مباشرة من جانب الولايات المتحدة. الإيرانيون والروس يمدون الأسد.. والشعب السوري يذبح، لهذا، يستحق أن تكون لديه القدرة على الدفاع عن نفسه»، وأضاف: «أنا أؤيد حصول المعارضة السورية على أسلحة».

على الجانب الآخر، وفي اتجاه مختلف ينوي الاتحاد الأوروبي توسيع التدابير التقييدية ضد النظام السوري، بإضافة أسماء جديدة من بينهم عدد من الوزراء إلى لائحة العقوبات الأوروبية، فضلا عن إجراءات أخرى تستهدف نشاط المصرف المركزي السوري والرحلات التجارية بين الاتحاد الأوروبي ودمشق.. ومن المقرر أن تصدر التعديلات الجديدة على لائحة العقوبات على هامش اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد المقررة في بروكسل الاثنين القادم.

وحسب مصادر المؤسسات الاتحادية ببروكسل، يجري حاليا تكثيف الاتصالات والمشاورات بين الدول الأعضاء للتوصل إلى اتفاق نهائي قبيل اجتماع رؤساء الدبلوماسية الأوروبية، وإن كان ملف إدراج الفوسفات في قائمة العقوبات يحتاج إلى مزيد من التشاور.

وبحسب المصادر الأوروبية، فإنه من المتوقع أن تشمل العقوبات إضافة أسماء سبع شخصيات سوريا على قائمة الأشخاص الممنوعين من السفر والمجمدة أصول أموالهم في أوروبا. وأضافت تلك المصادر أن بعضهم من الوزراء، و«خاصة الذين لهم علاقة بانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد».

ويعطي الاتحاد الأوروبي اهتماما خاصا لملف المساعدات الإنسانية للسوريين، وأكد المصدر أن العمل يجري حاليا على التحضير للوسائل والآليات المناسبة لتأمين وصول المساعدات الإنسانية للأماكن المتضررة في سوريا وترى دول أعضاء في الاتحاد أن فكرة إقامة ممرات إنسانية في سوريا ستكون صعبة، «نظرا للطبيعة الجغرافية للمناطق الحدودية في البلاد»، كما أن هناك شكوكا أوروبية في إمكانية موافقة الحكومة السورية على وضع هدنة يومية لتوصيل المعونات والإغاثات للمتضررين.

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمس في لندن على هامش مؤتمر حول الصومال إن المجتمع الدولي سيضيق «الخناق الدبلوماسي والاقتصادي» على سوريا، لإجبار بشار الأسد على التنحي ووضع حد لإراقة الدماء.. مشيرا إلى أن «الوقت أصبح ضد نظام الأسد».

وفي مسعى مواز، أعلن زعيم المعارضة التركية كمال كيليش داروغلو عبر صحيفة «حرييت ديلي نيوز» أمس أن «تركيا يمكنها إحراز تقدم كبير عبر تنظيم اجتماع في اسطنبول مع المعارضة السورية وممثلين عن الأسد وروسيا وإيران».. وذلك بعد أن قطعت أنقرة اتصالاتها بشكل تام مع سوريا بسبب قمع النظام لحركة الاحتجاج.

وحذر داروغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، من أن «تدخلا في سوريا يمكن أن يهز ليس فقط سوريا وإنما تركيا أيضا، وأن يتسبب باضطرابات خطيرة في الشرق الأوسط»، مضيفا أن «الناس يتساءلون ما إذا كانت الأطراف الفاعلة دوليا هي فعليا مؤيدة لحقوق الإنسان».