جدل حول الحصانة القضائية لانتخابات الرئاسة المصرية.. و«الاستشاري» يبحث تعديلها

استمرار فتح «الملفات والتصريحات القديمة» لمرشحين محتملين لقيادة البلاد

مواطن مصري يمر بجانب رسم غرافيتي يظهر فيه المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري بالقرب من ميدان التحرير (أ.ب)
TT

يعكف أعضاء المجلس الاستشاري المصري، الذي تأسس بعد الثورة المصرية، على مساعدة المجلس العسكري الحاكم، لوضع تصور قانوني لتعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري الجاري العمل به، بعد تعطيل الدستور، العام الماضي، عقب سقوط حكم الرئيس السابق، حسني مبارك. وتعطي هذه المادة الدستورية اللجنة المشرفة على انتخابات الرئاسة، المزمع فتح باب الترشح لها يوم العاشر من الشهر المقبل، صلاحيات مطلقة، بما فيها عدم الطعن على ما تعلنه من نتائج.

يأتي هذا بينما قالت مصادر بلجنة انتخابات الرئاسة إنها تترقب ما سينتهي إليه الجدل الدائر حول تعديل «المادة 28»، وتعديل قانون الانتخابات الرئاسية، من قبل مجلس الشعب (البرلمان).

وكشف مصدر داخل «المجلس الاستشاري» أن «هناك خلافا في وجهات النظر بين أعضاء المجلس حول تعديل (المادة 28)»، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «تعديل المادة يتطلب إعلانا دستوريا جديدا، وهو ما يحتاج لمزيد من الوقت بعد طرحه للاستفتاء الشعبي، مما يزيد من الفترة الانتقالية».

لكن أسامة برهان، الأمين العام للمجلس الاستشاري، أكد أن «قرارات اللجنة العليا للانتخابات قرارات إدارية، وبالتالي يمكن الطعن عليها دستوريا»، قائلا إن تعديل «المادة 28» أمر سهل لا يحتاج لتعقيدات كبيرة، لافتا إلى أن «المجلس الاستشاري سوف يقدم تصوره بتعديل المادة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لإقراره».

وتسببت «المادة 28» من الإعلان الدستوري، التي تمنح اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية صلاحيات مطلقة، بما فيها عدم الطعن على ما تعلنه من نتائج، في أزمة داخل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، بعد مطالبات القوى الليبرالية في البرلمان بإعلان دستوري جديد، وإلغاء «المادة 28» التي تزيد من حصانة اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، وهو ما اعتبره نواب حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) الحائز على أغلبية البرلمان محاولة للانتقاص من صلاحيات البرلمان، مطالبين برفض تعديل المادة.

وأعربت مصادر داخل اللجنة المشرفة على انتخابات الرئاسة، عن تخوفها من أنه في حالة تعديل الإعلان الدستوري سوف يطرأ تغيير كبير على الخطة الزمنية التي رسمها القانون، لأن القانون يردد ذات الأحكام المذكورة في الإعلان الدستوري، بشأن تحصين عمل اللجنة من الطعن، وسيكون مطلوبا تنظيم مواعيد جديدة للطعن على قرارات اللجنة أمام القضاء، وفي حالة تعديل القانون سوف يحال مرة أخرى إلى المحكمة الدستورية العليا لدراسته والفصل فيه خلال 15 يوما، وفق الإعلان الدستوري.

وأكدت المصادر عدم خرق الحد الأقصى للفترة الانتقالية، وهو 30 يونيو (حزيران) المقبل، واستيفاء مواعيد التظلم والطعون والحملات الانتخابية والصمت الانتخابي المقررة في القانون.

في السياق نفسه، لاحقت الاتهامات بعض المرشحين المحتملين للرئاسة قبل أيام من فتح باب الترشح، ونفت اللجنة الإعلامية لحملة الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، المرشح المحتمل للرئاسة، أمس، ما جاء على لسان أبو إسماعيل حين تحدث عن حرية المواطن المسيحي في أن يقول ما يشاء داخل الكنائس أثناء ممارسة عقيدته.. وهذا ما اعتبره البعض اتهاما لـ«المرشح المحتمل» بازدراء الدين الإسلامي من خلال منح حرية للمسيحيين في الإساءة للإسلام وإهانة المسلمين، على حد قول منتقديه.

وعلى أثر ذلك، تقدمت منظمة اتحاد المحامين للدراسات القانونية والديمقراطية، أمس، ببلاغ للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود ضد أبو إسماعيل، على خلفية تصريحاته بشأن حرية ما يقوله المسيحي داخل كنائسه.

ويرى مراقبون أن أبو إسماعيل، المحسوب على التيار السلفي (والذي حصد 110 مقاعد في البرلمان من إجمالي 508 مقاعد) الأقرب لدعم الدعوة السلفية لكونه «مرشحا إسلاميا». وفي حين أعلن حزب الفضيلة (السلفي) رسميا عن دعم أبو إسماعيل في الانتخابات الرئاسية، أرجع الحزب في بيان رسمي، أمس، اختياره لـ«قوة برنامجه واهتمامه بالنزول إلى الشارع والتفاعل مع المواطن مباشرة»، ويعد حزب الفضيلة واحدا من أربعة أحزاب مشهرة رسميا للتيار السلفي.

لكن قياديا سلفيا قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الدعوة السلفية لم تحسم قرارها بعد بتأييد أي من مرشحي الرئاسة.. وإن الدعوة (السلفية) تعكف الآن على دراسة شاملة لكل برامج المرشحين». كما أثار بيان صحافي لحملة الفريق أحمد شفيق، المرشح المحتمل للرئاسة، انقسامات بين أعضاء الحملة، إذ كشف البيان عن أن الصحافي عبد الله كمال (المحسوب على نظام الرئيس السابق، حسني مبارك) هو كاتب بيانات شفيق الصحافية، وأنه يعمل مستشارا إعلاميا لشفيق، وعلى الرغم من نفي يسرية رجب، المنسقة الإعلامية لحملة شفيق، ما جاء في البيان، ونفي كمال شخصيا على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» وجود أي علاقة له بالحملة الانتخابية لشفيق، فإن عددا من أعضاء حملة شفيق هددوا بالانسحاب منها في حال استمرار كمال مستشارا إعلاميا للحملة، وقال أحد أعضاء الحملة لـ«الشرق الأوسط»: حاولنا خلال الفترة الماضية التأكيد خلال جولاتنا على عدم وجود علاقة بين الفريق شفيق والنظام السابق.. وأن ما حدث يؤكد عكس ما ندعو إليه.

من جانب آخر، قرر الدكتور محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تأسيس كيان سياسي جديد قبل بدء إجراءات انتخابات الرئاسة، يضم شخصيات سياسية وشباب الثورة، بهدف توحيد الأفكار بعيدا عن الانشقاقات والاختلافات، وقال أحمد عبد الجواد، عضو ائتلاف شباب ثورة 25 يناير، لـ«الشرق الأوسط»: «لم يستقر بعد إن كان الكيان حزبا سياسيا. سوف يتم قريبا الإعلان عن شكل هذا الكيان».

وكان عدد من النشطاء أرسلوا رسائل عبر «فيس بوك» للدكتور البرادعي، لمطالبته بالعدول عن قرار انسحابه من الترشح للانتخابات الرئاسية، قائلين إن «البرادعي وحده هو القادر على لمّ شمل القوى الثورية بعد تشتتها، عقب الثورة التي أطاحت بنظام مبارك، بعد 30 عاما من الحكم».