عضو مجلس الشعب المصري باسم كامل لـ «الشرق الأوسط»: البرلمان الحالي ليس «برلمان الثورة»

من ممثلي ائتلاف شباب ثورة يناير.. ورفض فكرة «الرئيس التوافقي»

النائب المصري باسم كامل يتحدث لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

البرلمان الحالي ليس «برلمان الثورة».. هكذا قال النائب باسم كامل، عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب ثورة 25 يناير في مصر، مشيرا إلى أن غياب الممارسة السياسية لعقود طويلة عن الشارع المصري، من أكبر المشكلات التي تواجه الأحزاب حديثة النشأة، وأن شباب الثورة لم يحققوا نتائج كبيرة في الانتخابات بسبب عدم انخراطهم في أحزاب سياسية، مشيرا إلى حاجة الانتخابات إلى المساندة والدعم الحزبي، كما أشار كامل، وهو عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إلى أن البرلمان الحالي لا يمكن أن يطلق عليه برلمان الثورة بسبب اتهامه للثوار بأنهم عملاء ومخربون داخل جلساته.

وتحدث النائب كامل عن تناحر التيار الليبرالي أكثر من اتفاقه، وأنه نتيجة لهذا أصبح يبدو ضعيفا، كما أن من أسباب التراجع الليبرالي غياب الممارسة السياسة، مشيرا إلى أن هناك أحزابا تعمل منذ فترة طويلة ولكنها لا تدرك قوتها أو وجودها في الشارع وبين الناس.

واستنكر النائب كامل، وهو نائب عن دائرة انتخابية بشمال القاهرة، فكرة الرئيس التوافقي، قائلا إذا كنا سنتوافق على رئيس فكان الأولى أن يتم هذا منذ البداية ليكون قائدا للفترة الانتقالية، أما الآن فلا معنى لهذا. وإلى أهم ما جاء في الحوار..

* كيف ترى الموقف الحالي بعد أن أصبح حل البرلمان محتملا؟

- لو حكم القانون ببطلان الانتخابات فعلينا احترامه مثلما احترمناه حينما تم إلغاء الانتخابات وإعادتها في دائرتي، على سبيل المثال.

* كيف ترى أداء برلمان الثورة بعد مرور ما يقرب من شهر على انعقاده؟

- أكثر ما يزعجني عبارة أن هذا برلمان الثورة لأنه لا يرقى إلى هذا ولكن يمكن أن نقول برلمان ما بعد الثورة نتيجة الظروف الزمنية، باعتباره أول برلمان بعد قيام ثورة 25 يناير، أما أن هذا البرلمان برلمان الثورة فهذا الكلام فيه شك لأنه في هذا المجلس اتهم الثوار بأنهم بلطجية وعملاء ومموَّلون، ونتج عنه اعتراض بعض النواب واتجاههم للتصعيد بالإضراب عن الطعام نتيجة حالة من الصدمة والاكتئاب الشديد.

* كيف ترى الأزمة المثارة حاليا مع النائب زياد العليمي وإحالته للتحقيق بسبب اتهامه بإهانة المشير؟

- زياد العليمي هو رفيق كفاح معي منذ زمن، وليس مجرد زميل، فعملنا معا حتى من قبل الثورة في حملة دعم الدكتور محمد البرادعي للترشح للرئاسة، وفي ائتلاف شباب الثورة، وفي بناء هذا الحزب، ولكن زياد العليمي أخطأ كرجل سياسي يجب ألا يقع في زلة لسان مثلما حدث، فالناس أحيانا تقول أشياء أفظع مما قاله زياد ولكن السياسة لها اعتبارات أخرى على الرغم من أن الموقف الذي قيل فيه الكلام كان عفويا وغير مقصود، ولكن كان لا بد أن يراعي أن لا يؤخذ عليه شيء يمكن اعتباره سبا وقذفا، وتصاعد الموقف بتفجير بعض النواب للأمر داخل المجلس، مما جعله ينتشر، فقبل هذا معظم الناس لم تعرف أصلا بالواقعة، وإنما وجدوا المجلس يناقش الأمر وأن هناك نائبا سب المشير، وبالتالي انتقدوا الموقف واستنكروا تصرف زياد، ولكنهم لم ينتقدوا لماذا قيل الكلام، فما حدث أننا تركنا الأصول ومسكنا في الفروع نتيجة غياب الممارسة السياسية.

* اعتصمت مع آخرين في مجلس الشعب بعد أحداث مذبحة بورسعيد؛ فهل ترى الاعتصام من أدوات نائب البرلمان؟

- إذا لم تكن هناك وسيلة أخرى فماذا يفعل النائب، خاصة أننا نمثل أقلية؟! فماذا نفعل عندما يصفق النواب لوزير الداخلية عندما يتحدث عن قانون الطوارئ، أو عندما يقول وزير الداخلية إنه لا يوجد إطلاق نار أو خرطوش على المتظاهرين؟! وعندما ذهبنا في مبادرة للفصل بين الداخلية والمتظاهرين ضرب علينا طلقات الخرطوش، فماذا يمكن أن نفعل في موقف كهذا؟! فالنائب في هذه الحالة لم تعد لديه وسيلة أخرى، وبالفعل عندما توقف العنف انسحب المتظاهرون وانتهى الموقف.

* فزت على قائمة الكتلة المصرية ولكن انتقد البعض فكرة تحالف الكتلة المصرية واعتبروا أنه مجرد تحالف ضد الإسلاميين دون أن يقدم برنامجا حقيقيا وواضحا، فما تعليقك على ذلك؟

- الكتلة المصرية لم تقدم برنامجا من الأساس، وهذا صحيح، فهي حصيلة ثلاثة أحزاب هي حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وهو حزب وسطي، وحزب المصريين الأحرار وهو حزب رأسمالي، وحزب التجمع وهو حزب اشتراكي، فلم يكن من الممكن تقديم برنامج موحد لثلاثة أحزاب متباينة في أفكارها، وإنما هناك برامج خاصة بالأحزاب.. الاعتماد كان في الأساس على تقسيم الدوائر، وأن يكون لكل حزب دوائر معينة يقدم فيها برامجه فالأحزاب كانت تحت مظلة (قائمة) الكتلة المصرية (الانتخابية).

* كنت ضمن وفد الدبلوماسية الشعبية الذي سافر إلى كل من أوغندا وإثيوبيا لعمل مباحثات مع المسؤولين هناك عن أزمة حوض النيل؛ هل ترى أن وفود الدبلوماسية الشعبية قادرة على إيجاد حلول لمشكلات كبرى، مثل أزمة حوض النيل؟ وهل تمثل بديلا عن الدبلوماسية الرسمية؟

- إنها ليست بديلا وإنما مكمل، ولكنها تضيف بالطبع. الأمر يشبه اللجان الشعبية التي ينظمها الناس لحفظ الأمن.. هي بلا شك عمل عظيم ولكنه لن يغنى عن الشرطة في النهاية. لا بد أن يكون هناك عمل رسمي نظامي ويمكن دعمه بعمل تطوعي. والدبلوماسية الشعبية هي دبلوماسية موازية للدبلوماسية الرسمية ولكننا من بعد الثورة كنا نرى أن مشكلة المياه من أخطر المشكلات التي لا تلقى الاهتمام الكافي وهي مشكلة داخلية ولكن أطرافها في الخارج، ومن هنا قررنا الخروج في وفد الدبلوماسية الشعبية إلى دول حوض النيل.

* ما تقييمك لأداء التيار الليبرالي منذ بداية الثورة وحتى الآن؟ ولماذا يبدو منفصلا عن الشارع ولم يحقق نتائج جيدة على مستوى الانتخابات؟

- يتناحر (التيار الليبرالي) أكثر مما يتفق نتيجة ضعف وغياب الممارسة السياسية، فهناك أحزاب تعمل منذ فترة طويلة ولكنها لا تدرك قوتها أو وجودها في الشارع وبين الناس. فالكتلة المصرية بدأت بـ14 حزبا، ولكن الخلاف بدأ بمطالبة أحزاب ليس لها وجود بأكثر مما تستحق بكثير، فهناك أحزاب لم تحقق أي مقاعد في البرلمان، وهذا دليل على أنه لا يوجد لها أي وجود في الشارع، كما أن القوى الليبرالية رفضت الالتفاف حول شخص واحد يتحدث باسم الثورة، مثل الدكتور البرادعي، وتمسكوا بفكرة أن الثورة بلا قائد، فحدثت انقسامات كثيرة واختلافات إلى أن وصلنا إلى الوضع الحالي.

* انسحبت من إحدى جلسات مجلس الشعب اعتراضا على وجود تمييز من رئيس المجلس ضد بعض النواب والأحزاب، فكيف ترى هذا التمييز؟

- لم أكن وحدي وإنما كنا مجموعة وقررنا الانسحاب، فكان هناك موضوع مطروح وطلبنا الكلمة ولم تُعطَ لنا بينما تُعطى للكثير من نواب «الإخوان» والسلفيين تمسكا بأولوية الترتيب لطالبي الكلمة، في حين أنهم يقولون نفس الكلام من دون جديد، باعتبارهم يمثلون نفس الجهة ونفس الفكر، فاعترضنا على الأمر وانسحبنا من الجلسة، ومن وقتها الوضع تغير وطلبت من رئيس البرلمان أن تكون الكلمة للأحزاب بالترتيب ليتمكن الجميع من إبداء رأيه في النهاية، أما ما كان يحدث في البداية فكان به ظلم شديد لكثير من الأحزاب.

* باعتبارك عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة، ما تقييمك لدور الائتلاف منذ بدايته، خاصة مع وجود الكثير من الحركات والائتلافات واختلافها في المواقف الذي انعكس في النهاية على قبول الشارع لها؟

- الائتلافات الكثيرة ليست بالضرورة تفتيتا للأصوات، ولكن إذا كان هناك مليون شخص تجمعوا في مائة حركة أو ائتلاف فهذا يجمعهم في إطار بدلا من أن يبقوا متفرقين، وهذا لا مشكلة فيه، أما بخصوص عدم تعاطف الناس معه فهذا بسبب أن المجلس العسكري تعمد إخفاء ائتلاف شباب الثورة وسط ائتلافات متعددة حتى لا يكون له صوت وتأثير، وعن طريق تشويه صورته في الإعلام وتشويه صورة هؤلاء الشباب إضافة إلى ظهور ائتلافات كثيرة لا تحسب على شباب الثورة، فالثوار ليس لهم «كارنيه» يعرّف من الثوري ومن ليس ثوريا. وظهر هذا بشدة في مسرح الجلاء عندما دعا المجلس العسكري كل من يريد لقاءه للحضور، أما بخصوص تقييم ائتلاف شباب الثورة فهو من أهم المجموعات التي كان لها دور حتى من قبل قيام الثورة، وظهر اسم الائتلاف في ميدان التحرير ليكون لنا صفة نتحدث بها وكنا حملة دعم البرادعي وشباب 6 أبريل وشباب حزب الجبهة وشباب الإخوان المسلمين، وأداؤنا قبل وأثناء وبعد الثورة كان في منتهى الرقي وعلى مستوى المسؤولية، والناس كانت تثق فينا وتنتظر رأينا وتحركاتنا ولكن ظهور الحركات والائتلافات التي لا تضم سوى عدد محدود جدا من الأفراد ولا ترقى أصلا لأن يطلق عليها ائتلاف، أفسد الصورة قليلا.

* ولماذا لم يحقق شباب الثورة نتائج أفضل في انتخابات مجلس الشعب من وجهة نظرك؟

- لأنهم لم ينخرطوا في أحزاب، والانتخابات تحتاج إما إلى تابع لحزب قوى أو أكون رأسمالي وأدخل بشكل فردي وأنفق.. وكثير من الشباب توجهوا إلى تحالف الثورة مستمرة وكان التمويل ضعيفا والدعاية ضعيفة، وبالتالي لم تكن النتائج جيدة، وفي حالتي أنا والنائب زياد العليمي اهتموا بنا في الحزب باعتباره حزبا ثوريا، وأصروا على وجود الشباب في القوائم ودعمونا بشدة، وبالتالي حققنا نجاحا، إضافة إلى مشكلة عانى منها الجميع وهي أن تفكير الشعب المصري ما زال يؤيد فكرة التصويت للأكبر سنا، باعتباره الأكثر خبرة، ولكن يحسب للتيارات الإسلامية وضعها لكثير من الشباب في قوائمها.

* ترددت مؤخرا فكرة ما يطلق عليه «الرئيس التوافقي» للبلاد فكيف ترى هذا الأمر؟

- ماذا تعني كلمة «رئيس توافقي»، ومن الذي سيتوافق عليه. لو كان هذا المبدأ مقبولا الآن فلماذا لم نشكل مجلسا رئاسيا توافقيا منذ 11 فبراير (شباط) من العام الماضي من شخصيات تمثل جميع الأطياف ويتم التوافق عليها، ونوكل إليهم إدارة البلد لحين إجراء انتخابات رئاسية وإنهاء الفترة الانتقالية، ولكن بعد عام من الثورة، فإن إثارة فكرة رئيس توافقي هي بلا شك غير مقبولة على الإطلاق.