لجان التنسيق دعت لمقاطعة الاستفتاء على الدستور والالتزام بالإضراب العام

ناشطون: الأمن يهدد الناس بحرق بيوتهم ومحلاتهم إذا لم يخرجوا للتصويت

سورية ترافق أطفالها في بلدة كفر تخاريم، شمال سوريا، الخاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر منذ نحو شهر (أ.ب)
TT

بينما تحاصر دبابات الجيش السوري أحياء حمص وإدلب وريف حلب وحماه وتدك شوارعها بالقذائف والصواريخ المدمرة حاصدة أرواح المئات، يدعو نظام الأسد السوريين اليوم إلى الاستفتاء على مواد الدستور الذي اقترحته لجنة مختصة كلّفها النظام بإنجاز هذه المهمة، فخرجت بمسودة وصفها مراقبون بأنها نسخة معدّلة عن دستور 1973 الذي أقرّ في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد.

وفي الوقت الذي طالبت فيه لجان التنسيق المحلية الشعب السوري بمقاطعة هذا الدستور وهي إحدى فصائل الثورة التي تنشط على الأرض واصفة إياه بأنه «جزء من آلة قتل السوريين» ومن أعدوه بأنّهم «شركاء في هذا القتل»، طالبوا «بقطع الطريق على النظام في التغطية على جرائمه، ومنعه من الاستمرار في التلاعب والعبث في مستقبل البلاد، من خلال مقاطعة هذا الاستفتاء». وأشارت اللجان إلى أن «الدستور هو وثيقة أساسية تنظم الحياة العامة في البلاد وبالتالي لا يمكن إعداده إلا في ظل أوضاع سياسية سليمة، تجتمع فيها كافة القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية المكونة للمجتمع السوري في جمعية تأسيسية منتخبة، وممثلة لجميع أطياف المجتمع، تنبثق عنها حكومة مؤقتة تقوم بإدارة فترة انتقالية».

وشدّدت اللجان على أن «الثورة لم تقم ضد دستور معطل، وإنما قامت كي ينتج الشعب دولته بكل مؤسساتها» مطالبة الشعب «بتحويل يوم الاستفتاء الذي دعا إليه النظام إلى يوم إضراب عام».

في هذا الوقت، دعا أكثر من 220 رجل دين وشخصية سورية إلى تنحي النظام الحاكم بشقّيه المدني والعسكري وإسقاط الرئيس بشار الأسد، كما طالبوا السوريين بمقاطعة الاستفتاء على الدستور المقترح الذي تنظمه الحكومة معتبرين أنه يمثل «حاكما ظالما فاقدا الشرعية، وصيغ في ظل القتل والرعب والفوضى»، معلنين رفضهم لما سيعلن عن نتائجه. وطالب هؤلاء «بإجراء انتخابات حرة ونزيهة لانتخاب المؤسسات التشريعية والرئاسية، مع مراعاة حقوق الأقليات وتمثيلها، على أن تتم الانتخابات بإشراف مؤسسات متخصصة مستقلة عربية ودولية».

وقد أبدى العديد من السوريين عبر صفحات التواصل الاجتماعي رفضهم للتصويت على دستور وضعه نظام يقوم بقتلهم ويطلق القذائف والصواريخ على بيوتهم، كما قالوا.

وتقول «رهام» وهو اسم مستعار اختارته طالبة جامعية تدرس في جامعة حلب لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الدستور ملطخ بدم الشعب، كل مادة فيه تعني بنسبة لي جثة شهيد أو شهيدة»، وتضيف الطالبة التي شاركت في معظم مظاهرات الجامعة التي شهدت في الفترة الأخيرة حراكا ناشطا ضد النظام السوري: «كيف نصوّت على دستور يشرّع بقاء الذي يقتلنا كل يوم، هذا أمر غير منطقي ولا أخلاقي، لن أصوّت أبدا، لقد مات ثلاثة من أصدقائي اثنان منهم يدرسون الطب وآخر يدرس الهندسة، هل سيعيدهم هذا الدستور إلى الحياة أم سيعطي فرصة للقاتل ليقتل آخرين». وتساءلت رهام «كيف يخرج أهالي بابا عمرو للتصويت على الدستور وهم محاصرون دون طعام ولا دواء؟».

وقد تداول السوريون في الأيام الماضية تسريبات تشير إلى أن «النظام تدخل في معظم بنود الدستور المقترح وحدد للجنة الموكل إليها إعداد بنوده، مسارا عاما لتلتزم به».

ويقارن عدنان أحد ناشطي الثورة في مدينة حماه بين الرئيس الحالي بشار الأسد ووالده الراحل، قائلا: «حافظ الأسد أجرى استفتاء مزورا على الدستور في بدايات حكمه شرّع بقاءه في السلطة ثلاثين عاما. حين أتى بشار إلى الحكم تم تعديل هذا الدستور ليتناسب مع عمر الرئيس الشاب، والآن يريد بشار الأسد أن يكرر فعلة والده لكن الظروف تغيرت والبلاد في حالة ثورة عارمة ضده، وضد أركان حكمه المجرمين». ويشير الناشط الذي يتنقل بين قرى ريف حماه: «لن يخرج أحد من بيته يوم الأحد، الجميع سيقاطعون، مدركين جيدا أن هذا الاستفتاء هو أإحد ألاعيب النظام السوري ومناوراته المفضوحة التي تهدف للتغطية على العنف المرتكب ضد الناس». ولا يخفي الناشط خشيته أن يقوم الأمن السوري «بإجبار الناس على الخروج إلى مراكز الاستفتاء للتصويت على الدستور المقترح».

وكان ناشطون معارضون للأسد قد أشاروا إلى أن عناصر الأمن المتمركزة على الحواجز تقوم بمصادرة البطاقات الشخصية للمواطنين وتطلب منهم استلامها من مراكز الاستفتاء على الدستور، كما لفت الناشطون إلى أنه «في بعض المناطق قام الأمن السوري بتهديد الناس بحرق بيوتهم ومحلاتهم في حال لم يخرجوا للتصويت على الدستور الجديد».

ويشير كامل أحد الناشطين الذين يعملون في إيصال المعلومات إلى وسائل الإعلام العربية والعالمية «المشكلة ليست في بنود الدستور، المشكلة أن الأسد نفسه هو وفروعه الأمنية يعملون فوق القانون والدستور، الشعب لم يعد يصدّق أيا من الوعود فقد اختبر هذا النظام طويلا وذاق منه أقسى العذابات وما يزال».

ويضيف الناشط الذي يقيم في العاصمة دمشق «لقد وضعنا خطة مع مجموعة من الزملاء لتصوير مراكز الاستفتاء في دمشق التي ستكون خاوية غدا، فقط كي نقطع الطريق على إعلام النظام الذي سيقول فورا، إن المشاركة كانت كثيفة».

يُذكر أن الرئيس السوري بشار الأسد قد أصدر في 15 أكتوبر(تشرين الأول) من العام الماضي مرسوما جمهوريا ينص على تشكيل لجنة وطنية لإعداد مشروع دستور للجمهورية العربية السورية، ذلك تحت ضغط ثورة شعبية عارمة تجتاح البلاد منذ الخامس عشر من شهر مارس (آذار) العام الماضي وتطالب برحيل النظام السوري ومحاسبة أركانه.