واشنطن تتشاور مع جيران سوريا حول التعامل مع أسلحة الدمار إذا انهار النظام

مراسلات دبلوماسية مع 4 دول مجاورة لوضع خطط لمواجهة خطر انتشار أسلحة المخزون السوري

صورة بثت أمس لجانب من مظاهرة ضد نظام الأسد في كفر تخاريم (أ.ب)
TT

بدأت الخارجية الأميركية في التنسيق مع دول جوار سوريا للاستعداد للتعامل مع أسلحة الدمار الشامل السورية في حالة انهار النظام.

وقد أرسلت وزارة الخارجية الأسبوع الماضي رسائل دبلوماسية إلى دول جوار سوريا، العراق والأردن ولبنان والمملكة العربية السعودية، تحذرها بشأن احتمالية عبور أسلحة الدمار الشامل السورية لحدودها، وعرضت مساعدة الحكومة الأميركية في التعامل مع المشكلة، حسبما أكد ثلاثة مسؤولين في إدارة الرئيس باراك أوباما. وتشير الرسائل، بحسب الأطراف المعنية سواء داخل وخارج الحكومة الأميركية، إلى أن الولايات المتحدة تحث الخطى نحو وضع خطط للتعامل مع أخطار سوريا ما بعد الأسد، في الوقت الذي يبرز فيه الافتقار إلى خطط إسقاط الأسد بشكل مباشر.

هناك اعتقاد أن سوريا تملك برنامج أسلحة كيماوية كبيرا، يضم غاز الخردل وغازات أعصاب متطورة مثل غاز السارين وأسلحة بيولوجية. وكانت سوريا قد رفضت طلبا للوكالة الدولية للطاقة الذرية بفتح المنشآت التي كانت جزءا من برنامج الأسلحة النووية، الذي ربما لا يزال يعمل حتى الوقت الراهن.

من جانبها، رفضت وزارة الخارجية إتاحة الوصول إلى أي من مسؤوليها لمناقشة المراسلات الدبلوماسية الرسمية الخاصة، مثل كاتب المذكرة، ومساعد وزيرة الخارجية للأمن الدولي ومنع الانتشار النووي توم كانتريمان، الذي كان قد عبر في لقاء مع الصحافيين في وقت سابق من العام، عن ثقته في أن الولايات المتحدة تعرف مواقع مخازن أسلحة الدمار الشامل السورية، لكنه حذر من أنها قد تتحول إلى قضية أمنية خطيرة بالنسبة لسوريا وللمنطقة.

وقال كانتريمان: «لدينا توقعات حول كمية هذه الأسلحة ومكانها. ونحن نرغب في أن تتيقظ دول جوار سوريا، فعندما يتغير النظام في سوريا، سيكون من الأهمية الحالة التي تسود سوريا، أهي الفوضى أم النظام؟».

وفي رد على الاستفسارات، أصدر مسؤولو وزارة الخارجية البيان التالي يوم الجمعة: «تراقب الولايات المتحدة وحلفاؤها مخزون الأسلحة الكيماوية السورية. فوجود تلك الأسلحة في سوريا يقوض السلام والأمن في الشرق الأوسط. وقد كنا قد طالبنا الحكومة السورية في السابق مطولا بالتخلص من مخزون الأسلحة الكيماوية التقليدية. ونحن نعتقد أن مخزون المواد الكيماوية لا يزال تحت قبضة الحكومة السورية، وسوف نواصل العمل عن كثب مع الدول الحليفة لمنع انتشار برنامج الأسلحة الكيماوية السورية».

وبحسب المسؤولين الأميركيين الذين قدموا رواية كاملة، فقد حددت الرسالة أربع نقاط محددة، تمثلت في اعتراف حكومة الولايات المتحدة بأن هناك برنامجا نشطا للأسلحة الكيماوية في سوريا، والذي اكتمل عبر برنامج الصواريخ الباليستية الناقلة. وأكدت أيضا أن أي تحول سياسي متوقع في سوريا يمكن أن يثير شكوكا خطيرة بشأن سيطرة النظام على مدى انتشار المواد الحساسة.

ثالثا، أرادت وزارة الخارجية الأميركية أن يعلم جيران سوريا أنه إذا ما سقط نظام الأسد، سيكون أمن مخزونه من أسلحة الدمار الشامل - إلى جانب سيطرته على الأسلحة التقليدية (مثل قاذفات إطلاق الصواريخ المحمولة على الكتف) - مثار شكوك، وقد يفرض تهديدا خطيرا لأمن المنطقة. وأخيرا أكدت المذكرة أن الحكومة الأميركية تقف على أهبة الاستعداد لدعم دول الجوار لتقديم التعاون الأمني الحدودي.

وقال أحد مسؤولي الإدارة: «بات من الضروري الاعتراف بالخطر الذي يتهدد المجتمع الإقليمي والدولي من المخزون الذي يمتلكه النظام وأهمية العمل مع الدول، بالنظر إلى السقوط المتوقع للنظام، للحيلولة دون انتشار هذه الأسلحة الحساسة للغاية خارج الحدود السورية. إنه يفوق البرنامج الليبي بأضعاف مضاعفة. فنحن نتحدث هنا عن أسلحة دمار شامل مشروعة هنا، وهذه ليست العراق. والإدارة قلقة للغاية بشأن انتشار أسلحة الدمار الشامل. وأحد الأشياء القليلة التي يمكنك وضعها على الأجندة والقيام بشيء حيالها دون التخطيط لسقوط النظام».

كما تعمل الإدارة الأميركية عن كثب مع الحكومة الأردنية بشأن القضية. فقد زار وفد عسكري أردني البنتاغون يوم الخميس للقاء وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا.

إلى جانب خطر انتشار أسلحة الدمار الشامل، هناك قلق من إمكانية استخدام الأسد بشكل فعلي أسلحة دماره الشامل إذا ما أصبح الموقف ميئوسا منه.

وقال مسؤول الإدارة: «برنامج أسلحة الدمار الشامل يعمل الآن وهذا أمر مهم لأنه يبرز الخطر الكبير في أن وجود مثل هذا النظام يهدد أمن الولايات المتحدة ومصالحها الإقليمية». وتبقي الوثيقة دول جوار سوريا على اطلاع وتعكس الاعتراف بأن نظام الأسد الخطير لديه الاستعداد في القيام بأي شيء لإنقاذ نفسه. وربما يرغبون في إحداث قدر أكبر قدر من الدمار عبر المنطقة.

ويرى بعض المسؤولين داخل وخارج الحكومة في نشاط أسلحة الدمار الشامل عونا، لكنهم يأسفون ألا ينفذ مثل هذا التخطيط الرائع في المشاركة في سقوط نظام الأسد بأقصى سرعة وأمن ممكن.

وكان اجتماع «أصدقاء سوريا» في تونس يوم الجمعة قد شهد مشاركة من أكثر من 70 دولة للاتفاق على رسالة موحدة حول انتقال السلطة في سوريا وحث نظام الأسد على السماح بدخول المساعدات الإنسانية. وقد غادر الوفد السعودي الاجتماع وهو يشكو من التقاعس وحث المجتمع الدولي على تسليح المعارضة السورية.

وقال مسؤول آخر بالإدارة إن واشنطن أصرت على رفض الدعوات من المجلس الوطني السوري والجماعات الأخرى بالاستعداد لتدخل عسكري في سوريا، ولم تطرح أي استراتيجيات حقيقية لإجبار الأسد على التخلي عن السلطة.

وقال هذا المسؤول: «لا يمكن أن تقوم حساباتنا فقط على ما سيأتي بعد الأسد دون دراسة جادة حول كيفية إسقاط الأسد بأكبر قدر ممكن من الأمن. الحقيقة هي أنه في مرحلة ما، سيكون هناك اعتراف أنك لا تستطيع التخطيط لسيناريو ما بعد بشار دون التخطيط لكيفية صياغة السقوط ذاته. لا يمكنك فصل الاثنين».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»