ناشطون: صحافيان غربيان يرفضان إجلاءهما عبر الهلال الأحمر السوري

جثتا الصحافيين الغربيين «بدأتا بالتعفن».. والصليب الأحمر ما زال يتفاوض

لقطة بثها التلفزيون السوري لجانب من دخول سيارات الهلال الاحمر السوري الى مدينة حمص أمس (إ.ب.أ)
TT

قال ناشطون سوريون، أمس: إن الصحافيين الأجنبيين المصابين والمحاصرين في مدينة حمص، وهما الصحافية الفرنسية إديث بوفييه والمصور الإنجليزي بول كونروي، اشترطا الخروج عبر الصليب الأحمر وليس الهلال الأحمر السوري، خوفا من تعرضهما للاعتقال أو مصادرة متعلقاتهما على أيدي أجهزة النظام السوري. وفي ما يتعلق بمصير جثتي الصحافيين المقتولين، الأميركية ماري كولفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك، كشفت المصادر عن أنهما في وضع سيئ للغاية في ظل عدم وجود كهرباء لحفظ الجثتين في مبردات.

يأتي هذا بينما ما زال الصليب الأحمر يتفاوض لدخول حي بابا عمرو وحمص لجلاء الصحافيين الأجانب الجرحى والقتلى بعد تعثره في مهمته أول من أمس.

وقال ناشط في بابا عمرو، على تواصل مع الصحافيين الأجانب، رفض ذكر اسمه خشية تحديد مكانه: إن الصحافيين الأجنبيين، الفرنسية والبريطاني، رفضا تماما فكرة الخروج مع الهلال الأحمر السوري خشية تعرضهما للاعتقال أو مصادرة متعلقاتهما الشخصية مثل الكاميرات الخاصة بهما، التي قالا إنها تحتوي على شهادات حية خطيرة تكشف عن القمع الذي ترتكبه السلطات بحق المدنيين.

وقال الناشط لـ«الشرق الأوسط»، في اتصال عبر الإنترنت أمس، عن الصحافيين، إنهما طلبا الخروج عبر الصليب الأحمر وفي وجود ممثل له في سوريا، مضيفا أنهما طلبا أيضا أن يتم نقلهما عبر سيارة إسعاف لا تتوقف إلا في بيروت ودون المرور بمدينة دمشق.

ويقبع الصحافيان الأجنبيان المصابان (الفرنسية والإنجليزي) في مبنى في حي بابا عمرو. ويقول النشطاء إن المبنى آمن، لكنه غير مجهز بالاتصالات، مما يجعل التواصل معهما مباشرة شبه مستحيل.

وقال المصدر إن الصحافيين الأجنبيين طلبا أن يتم إخراج المصابين السوريين قبلهما، لكن المصدر أوضح أنهما «أكثر من مجرد صحافيين بالنسبة لنا.. لقد أصبحت علاقتنا قوية وخالدة، لقد عشنا سويا لحظات تحت القصف بين الحياة والموت» قبل أن يضيف بتأثر: نحن نريدهما أن يخرجا من هنا بأمان في أسرع وقت ممكن.

على صعيد متصل، وفي ما يتعلق بجثتي الصحافية كولفن، والمصور أوشليك، قال مصدر سوري، رفض ذكر اسمه: إن الجثتين محفوظتان في أكثر الأماكن أمنا في بابا عمرو، لكن المصدر، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، أكد أن الجثتين بدأتا في التعفن بسبب عدم وجود كهرباء لحفظهما وعدم وجود ثلج أيضا، وأوضح المصدر أن أهالي الصحافيين يرفضون فكرة دفنهما في حمص في حال تعثرت المفاوضات لإخراجهما من المدينة أو استمر قصف المدينة بهذا الشكل، لكنه أكد أن القرار لم يُتخذ بعدُ بشأنهما، وقال المصدر: «الوضع بخصوص الجثتين مأساوي لأبعد حد».

كانت كبيرة المتحدثين باسم الصليب الأحمر، كارلا حداد، قد قالت، يوم الجمعة الماضي لـ«رويترز» في جنيف: «بدأت فرق الهلال الأحمر العربي السوري إجلاء النساء والأطفال.. بدأت عملية الإجلاء بسيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر العربي السوري التي دخلت بابا عمرو»، لكن النشطاء قالوا إن سيارات الهلال الأحمر لم تدخل بابا عمرو من الأساس.

وقبل يومين، طلب وزير الخارجية الفرنسية ألان جوبيه من السفارة الفرنسية في دمشق أن تطلب من السلطات السورية ضمان ممر آمن لإسعاف الضحايا بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لكن مصدرا في رابطة أخبار النشطاء (ANA) قال في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: إن الصليب الأحمر أعلن، يوم الجمعة الماضي، أنه يتفاوض على توفير ممر آمن لإخراج المصابين من حمص، لكنه استدرك قائلا: «في الحقيقة كان الصليب الأحمر يتفاوض فقط من أجل إخراج الصحافيين الأجنبيين (الفرنسية والإنجليزي)». وأضاف المصدر، المتصل بنشطاء سوريين في حمص عبر الاتصالات الفضائية وبرنامج «سكايب» على الإنترنت، أن الهلال الأحمر السوري لم يدخل إلى بابا عمرو كما ذكر الصليب الأحمر، وإنما إلى حمص، على الرغم من الوضع المأساوي في بابا عمرو.

ووفقا للمصادر كانت سيارتا إسعاف تابعتان للهلال الأحمر السوري قد دخلتا أول من أمس (الجمعة) لحمص؛ حيث قامتا بإخراج 7 مصابين في حالة خطرة وعائلة عراقية من المدينة.

من جانبها، قالت رابطة أخبار النشطاء من مقرها في القاهرة: إن المفاوضات استؤنفت أمس السبت بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والسلطات السورية والمعارضين السوريين لإجلاء مئات المصابين من حمص المحاصرة منذ ما يزيد على 3 أسابيع.

وكشف الناشط السوري، عمر شاكر، عن أن المصابين السوريين يخشون الخروج من حمص عبر الهلال الأحمر خشية اعتقالهم من قبل السلطات السورية. وقال شاكر لـ«الشرق الأوسط»: «الهلال الأحمر مؤسسة خاضعة بشكل كبير لسيطرة النظام السوري»، مضيفا: «بالتأكيد سيعتقلون المصابين؛ لأن النظام سيعتبرهم من العصابات المسلحة، كما يزعم».

غير أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر نفت ذلك وقالت إن الهلال الأحمر السوري منظمة مستقلة. وقال هشام حسن، المتحدث باسم اللجنة في جنيف: «متطوعوهم يعرضون حياتهم للخطر بشكل يومي لمساعدة الجميع دون استثناءات».

يأتي هذا بينما تتواصل الجهود الدبلوماسية لإخراج الصحافيين الأجنبيين المصابين وجثتي الصحافيين الآخرين المقتولين. وأكد مصدر دبلوماسي غربي في دمشق لوكالة الصحافة الفرنسية استئناف المفاوضات أمس بواسطة منظمة الهلال الأحمر ولجنة الصليب الأحمر، في هذا الشأن. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، إنه يتابع الجهود الفرنسية للحصول على إجلاء طبي آمن للصحافيين الأجانب، لكنه لم يوضح المزيد من التفاصيل.

إلى ذلك، أكد مصدر في مجلس قيادة الثورة السورية لـ«الشرق الأوسط» أن «المعارضة كانت قد عرضت على الصليب الأحمر قيامه بمهمة إيصال المساعدات الغذائية واللوجيستية لسكان بابا عمرو، لكنهم لم يتلقوا منها أي إجابة»، لافتا إلى أن هناك معلومات مؤكدة لديهم أن النظام لا يتجاوب مع طلبات اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإيقاف القصف، ومن ثم السماح لهم بدخول بابا عمرو، وأن المصابين الذين تم إجلاؤهم حتى الآن هم في أطراف بابا عمرو وليس في داخل الحي.

لكن، في المقابل، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن «فرق الهلال الأحمر السوري تمكنت من الدخول إلى حي بابا عمرو وأسعفت عددا من المصابين جرَّاء جرائم المجموعات المسلحة ونقلهم إلى مشافي حمص لتلقي العلاج». وأضافت الوكالة: «عمدت المجموعات الإرهابية المسلحة طوال الأيام الماضية إلى الترهيب بقوة السلاح لاحتجاز المواطنين والمصابين بهدف استخدامهم دروعا بشرية كي تتمكن من مواصلة إجرامها ضد الأبرياء وقوات حفظ النظام والممتلكات العامة».