غليون لـ «الشرق الأوسط»: الموقف السعودي القوي يشجع الآخرين للذهاب إلى أبعد مما ذهبوا

رئيس المجلس الوطني الكردي السوري: المرزوقي دعا إلى نقطتين.. توحيد المعارضة والتفكير في ما بعد النظام

صبي يمر أمس قرب مبنى في بلدة دوما وقد ملأت جدرانه شعارات مناهضة للأسد، لكن السلطات طلتها بالصباغ لاحقا بعد استعادة سيطرتها على البلدة (أ.ف.ب)
TT

اعتبر برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري، أن مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي عقد في تونس أول من أمس خطوة مهمة على طريق جمع كل القوى الدولية على طريق دعم كفاح الشعب السوري، ومن أجل الحرية والديمقراطية. وقال «أعتقد أنه لا يجب أن تكون لنا أوهام كبيرة، وهو خطوة مهمة، وننتظر ما سيأتي بعد ذلك في الاجتماعات المهمة القادمة». وأضاف غليون في حديث خص به «الشرق الأوسط» التي التقته أمس في تونس «لا يمكن أن نحقق كل الأهداف في اجتماع واحد».

وعن الموقف السعودي من «أصدقاء سوريا» اعتبره غليون «قويا جدا»، وقال «أعتقد أنه سيدفع الآخرين إلى رفع سقف دعمهم للشعب السوري، وأن هناك إمكانية للذهاب إلى أبعد مما حصل. أنا أعتقد أن ما حصل كان مهما جدا، لكن هناك إمكانية للتقدم في طريق الدعم السوري حتى إنسانيا وماليا. والموقف السعودي القوي يشجع الآخرين للذهاب أبعد مما ذهبوا». وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد اعتبر تزويد المعارضة بالسلاح «فكرة ممتازة».

وحول نتيجة المؤتمر بشأن المجلس والاعتراف به كممثل شرعي لمن يطمحون للتغيير في سوريا قال غليون «إنها عزلت النظام، وهددت بأن تتخلى دول أكثر فأكثر عن النظام السوري، وتعتبره غير ممثل للشعب السوري، وبالتالي تدفعه وتدفع به أكثر إلى التنحي».

وعن اجتماعه بالرئيس التونسي منصف المرزوقي أمس، نفى غليون أن يكون المرزوقي قد تقدم بمبادرة حول توحيد صفوف المعارضة السورية كما قيل. وقال «نحن موجودون اليوم ضيوفا على تونس رائدة الثورات العربية الديمقراطية، ومن الطبيعي أن يستقبلنا الرئيس، ومن الطبيعي أن نتداول مع رئيس أول حكومة ديمقراطية في تونس الحديث حول الأوضاع السورية والحديث حول ما يمكن أن تقدمه تونس لدعم المعارضة ودعم المجلس الوطني ودعم الشعب السوري أيضا، وهذه كانت محاور الحديث».

واجتمع أمس الرئيس التونسي بأعضاء المجلس الوطني والمعارضين السوريين المشاركين في مؤتمر «أصدقاء سوريا» بقصر الرئاسة بقرطاج.

وحول الجيش السوري الحر ودعمه قال غليون «لقد حصل تجمع (أصدقاء سوريا) على أساس أن هناك إمكانية لحل سياسي للأزمة حسب مخطط الجامعة العربية ومخطط مجلس وزراء الخارجية العرب الذي يقول بتفويض السلطة لنائب الرئيس ثم وقف القتل وسحب الجيش نحو ثكناته وإطلاق الحريات العامة وحريات الصحافة وحرية التظاهر السلمي وغيرها. إذن نحن في تجمع أسس على أساس إيجاد حل سياسي وليس حلا عسكريا، لذلك لم تطرح مسألة الجيش الحر، وهذه الأمور لن نناقشها مع مجتمع دولي يريد أن يساعد في إيجاد حل سياسي، هذه أوضاع يتكفل بها الشعب السوري بنفسه».

وعن مدى نجاعة الحل السياسي مع النظام السوري قال «ليس هناك تناقض بأن نستمر في العمل السياسي وننظر في الفرص المتاحة، فإذا كانت هناك فرص فلنوفر الدماء على شعبنا».

ومن جهته، قال عبد الحكيم بشار، رئيس المجلس الوطني الكردي السوري، إن البيان الختامي الذي صدر عن اجتماع «أصدقاء سوريا» كان معدا مسبقا من طرف الخارجية التونسية، وإنه «يعبر فقط عن وجهة نظرهم وليس عن الاجتماع». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في تونس على هامش اجتماع مغلق تم بين المعارضين السوريين أن مجمل المواقف التي عرضت في مؤتمر أول من أمس كانت إيجابية وداعمة للشعب السوري لكن «الموقف السعودي كان واضحا وجريئا، والأميركي كذلك.. كان موقفين متميزين».

وقال عبد الحكيم إن الوفد السعودي «قال بشكل واضح: لم نجتمع لنعطي خبزا للسوريين.. اجتمعنا لنوقف القتل». وتابع أن السعودية اعتبرت أن «مستوى الاجتماع أقل من المطلوب». وأضاف أن الرئيس الأميركي باراك «أوباما وجه رسالة واضحة وأكد موقف وزيرة خارجيته (هيلاري كلينتون) التي أكدت على ضرورة وقف القتل بشكل حاسم، وتنحي الأسد».

وقال بشار إنه التقى إلى جانب برهان غليون وبسمة قضماني، عضو المجلس الوطني السوري، هيلاري كلينتون داخل قاعة الاجتماعات وعلى هامش مؤتمر «أصدقاء سوريا» بناء على طلبها، وإنها أكدت حرصها على ضرورة توحيد المعارضة خاصة بين المجلس الوطني السوري والمجلس الوطني الكردي. وقال إن كلينتون أيضا أكدت دعمها للكرد والأقليات الدينية، وأيضا كانت لديها رسالة واضحة بأن يتنحى الأسد، وبأنه لم يعد من المقبول قتل المدنيين الأبرياء.

كما قال بشار إنه التقى صحبة وفد المجلس الكردي السوري وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، واعتبر بشار أن اللقاء كان مثمرا وبناء، وقال «تبادلنا وجهات النظر، ودعا هيغ لوحدة المعارضة وضرورة التوافق بيننا وبين المجلس الوطني». وقال بشار الذي كان أحد الأشخاص الخمسة الذين حضروا جلسات مؤتمر «أصدقاء سوريا» إلى جانب أربعة من المجلس الوطني منهم رئيسه برهان غليون، وبذلك يكون الجهة الوحيدة السورية المعارضة التي شاركت المحاورات إلى جانب ممثلين عن المجلس الوطني، إن الاجتماع الذي جمعهم صباح أمس بالمرزوقي ركز خلاله الأخير على نقطتين رئيسيتين، الأولى هي العمل على توحيد المعارضة، ودعا الوفد السوري إلى التفكير في ما بعد النظام، مع تأكيده على أن «النظام راحل، وعلى ضرورة سلمية الثورة». وأضاف أن المرزوقي ضرب لهم مثالا بالثورة اليمنية وأشاد بها وقال إنها «جيدة».

وحول الاعتراف بالمجلس الوطني السوري ككيان ممثل لأطراف المعارضة وإن كان ذلك سيوحد صفوف المعارضين السوريين أم يفرقهم، قال رئيس المجلس الوطني الكردي السوري إن «النتائج تتوقف على أسلوب عمل المجلس في المرحلة القادمة». وأضاف «الآن أصبح له بعد دولي ومسؤوليته أكبر سواء في الداخل أو الخارج، ومن ناحية توحيد المعارضة»، موضحا أنه «بموجب هذه المسؤولية أعتقد أنه سيكون إيجابيا، وإذا فكر بطريقة سلبية أي من ناحية الاستفراد ويقول أنا من له الشرعية ولست محتاجا للآخرين، فستترتب على هذا نتائج سلبية جدا».

وبدوره، اعتبر هيثم المالح، عضو المجلس الوطني السوري، أن مؤتمر «أصدقاء سوريا» لم يكن على قدر طموح الشعب السوري، لكنه وصفه بأنه «خطوة في الاتجاه الصحيح» لما تكون عليه مقررات ما سيليه من مؤتمرات لدعم الثورة السورية. وقال لـ«الشرق الأوسط» «هذا المؤتمر الذي جمع 70 دولة للوقوف إلى جانب الشعب السوري سيشكل منعطفا في مسيرة القضية». وأكد المالح أن «الجهود ستتواصل والسقوف سترتفع»، لافتا إلى أنه يتم العمل لعقد مؤتمرين استكمالا لـ«أصدقاء سوريا»، الأول في تركيا والثاني في فرنسا، وستكون مقرراتهما أكثر وضوحا وفعالية لجهة عزل النظام ورئيسه وإيقاف شلال الدم والاعتراف بالمجلس الوطني ودعم الجيش الحر. وأضاف «نعول كثيرا على الدور السعودي في دعم القضية السورية إلى جانب الشعب، وسيكون الموقف الذي عبر عنه وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل رافعة للمقررات المقبلة، وهذا الموقف سينعكس أيضا على دول عدة وأهمها دول التعاون الخليجي وعلى رأسها قطر».

من جانبه، أكد ياسر النجار، عضو مجلس الحراك الثوري، أن ردود فعل الشباب الثوار لم تكن إيجابية فيما يتعلق بمقررات مؤتمر «أصدقاء سوريا»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كانت مطالبنا واضحة، وهي الوصول إلى آليات وإجراءات عملية على الأرض، بعيدا عن الوعود التي مللناها. كذلك، لم يأتوا على ذكر الجيش الحر الذي يحمي المدنيين، أو تقديم أي دعم له». وكأن الدول المجتمعة لم يكن لها علم بما يحصل في سوريا أو ما يعاني منه الشعب السوري، وأتت إلى تونس، لتطلع على هذه الوقائع، أكد أن «الموقف السعودي الجريء بدا وكأن السعودية هي الجهة الوحيدة التي تقف على حقيقة ما يعانيه الشعب السوري، وعبر بذلك الأمير فيصل عن حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المجتمعين لإنقاذ الشعب السوري». وقال «شعرنا وكأن الأمير فيصل نطق باسمنا وعبر عن استيائنا من نتائج هذا المؤتمر، ومن أن مطالبنا هي الدعم العسكري وإسقاط النظام طوعا أو كرها، ومن أن الشعب السوري ليس بحاجة إلى المساعدات الغذائية ما دام أبناؤه يعيشون أيامهم تحت القصف، وكأنهم ينتظرون الموت في أي لحظة».

كذلك، وصف ملهم الدروبي، ممثل الإخوان المسلمين في المجلس الوطني، «مؤتمر سوريا» بأنه «أقل من المستوى المطلوب»، ونجاحه كان جزئيا وليس كاملا. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كنا على تواصل قبل انعقاد المؤتمر مع بعض الدول المشاركة، وكانت الإشارات التي تلقيناها إيجابية، لكن عندما تتسع دائرة المشاركة يصبح القاسم المشترك بين المجتمعين أصغر، وهذا ما انعكس سلبا على المقررات النهائية للمؤتمر». ولفت إلى أن المجلس الوطني تلقى وعودا من دول عربية مؤثرة عدة، لدعم المعارضة والجيش الحر، وهذه الوعود ستجد طريقها للتنفيذ في وقت قريب. وقال «نشكر خادم الحرمين الشريفين ونحن فخورون بالموقف السعودي، ونعتبر خروج السعودية من المؤتمر اعتراضا إيجابيا، يعكس حرص المملكة على دم الشعب السوري».