الانتخابات البرلمانية الإيرانية.. الاختبار الأول لأحمدي نجاد منذ إعادة انتخابه

خامنئي يتوقع نسبة إقبال ضخمة رغم الحملة الانتخابية الباهتة

إيرانيتان تجلسان أمام مجموعة من الملصقات الإعلانية للانتخابات البرلمانية في مدينة قم أمس (أ.ب)
TT

رغم ارتفاع أعداد المرشحين، فإن الحملة الانتخابية البرلمانية في إيران كانت باهتة ولم يكن لدى الصحافة المحلية الكثير لتكتب عنه في ما يتعلق بالسياسات التي تؤيدها الأحزاب المختلفة.

وليس لدى الكثير من الناخبين البالغ عددهم 48.2 مليون نسمة لهم حق التصويت من إجمالي 74 مليون نسمة عدد سكان البلاد، رؤية واضحة عمن يتنافس ضد من، وما هي الفروق السياسية بينهم. وتدور المنافسة أساسا بين جناحين محافظين أحدهما يؤيد أحمدي نجاد والجناح الآخر يعارضه.

وتكمن الخلافات الرئيسية في السياسة الداخلية والاقتصادية حيث إن السياسة الخارجية بما فيها النزاع النووي لا تقع في اختصاص الجهاز التشريعي. توقع آية الله علي خامنئي أمس تسجيل الانتخابات البرلمانية نسبة إقبال ضخمة وقال إن إظهار التأييد سيكون «صفعة على وجه» الزعماء الغربيين، وفق ما أفادت به وسائل الإعلام الرسمية.

وقال المرشد الأعلى الإيراني في اليوم الأخير للحملة الانتخابية «إن مشاركة الشعب في الانتخابات ستكون صفعة جديدة على وجه الإمبرياليين تجعلهم يدركون أنهم لا يستطيعون عمل شيء لهذا البلد». وتعتبر الانتخابات في إيران أيضا بغض النظر عمن يفوز بها اختبارا لولاء الشعب للمؤسسة الإسلامية.

وقال خامنئي إن «الانتخابات هذه المرة أكثر حساسية من سابقاتها»، حسب وكالة الصحافة الألمانية. ولكن آية الله كان يشير إلى العقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتهدف إلى إجبار طهران على التوصل إلى تسوية برنامجها المزعوم الخاص بالأسلحة النووية.

واختتم أكثر من 3000 مرشح يخوضون الانتخابات حملتهم الدعائية، ويشارك في المنافسة أيضا الإصلاحيون القريبون من الرئيس السابق محمد خاتمي. وهذه الجماعة التي نأت بنفسها عن الجناح المعارض للإصلاحيين قد أدار الكثير منهم ظهره للنظام ولا يتمتعون بفرصة كبيرة في السباق.

وستكون الانتخابات البرلمانية الإيرانية المقرر إجراؤها اليوم أول مناسبة للرئيس محمود أحمدي نجاد لاختبار شعبيته منذ إعادة انتخابه المثيرة للجدل في 2009. ومع تعرضه لضغط دولي بسبب موقفه المتسم بالعناد في النزاع النووي، فإن أحمدي نجاد يواجه أيضا مع أفراد حكومته انتقادا حادا في الداخل حتى من جانب المحافظين الذين اعتادوا أن يكونوا حلفاء له لكنهم تحولوا الآن إلى معارضين عتيدين.. فالمحافظون، الذين يسمون أنفسهم «أصحاب المبادئ» بسبب ولائهم لمؤسسة ومبادئ الثورة الإسلامية عام 1979، يوجهون اللوم لأحمدي نجاد لإخفاقه في إصلاحاته الاقتصادية، بل إنه خذل أنصاره ممن ينتمون إلى الطبقتين الوسطى والدنيا. والرئيس وحكومته متهمون أيضا - ليس فقط من جانب المحافظين لكن أيضا من جانب العديد من الرموز الدينية - بأنهم ينتمون إلى «تيار منحرف» بسبب جهودهم الرامية إلى تقويض النظام الإسلامي من خلال التشكيك في دور طبقة رجال الدين في الحكم واتباع نهج أكثر اتساما بالقومية، حسب وكالة الأنباء الألمانية.

ويتزعم المحافظين رئيس البرلمان علي لاريجاني، وهو أيضا حليف سابق للرئيس ومن المتوقع أن يكون على رأس مرشحي المحافظين في السباق الرئاسي العام المقبل.

ويضم جناح لاريجاني العدد الأكبر من المرشحين لخوض السباق وهو واثق من فوزه في الانتخابات والاحتفاظ بأغلبيته في البرلمان المؤلف من 290 مقعدا.

وهناك في السباق أيضا الإصلاحيون المقربون من الرئيس السابق محمد خاتمي، لكن فرصة تأثيرهم على نتيجة الانتخابات تعد شبه منعدمة.. فقد قاطع غلاة الإصلاحيين الانتخابات احتجاجا على وضع اثنين من زعمائهم رهن الإقامة الجبرية، وهما مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وذلك منذ أكثر من عام، والآخرون فهم إما أن يكونوا في السجون وإما آثروا الابتعاد عن المعترك السياسي.

الحملة الانتخابية التي يخوضها أكثر من ثلاثة آلاف مرشح باهتة وتفتقر للإثارة. فالمحافظون أكدوا مجددا ولاءهم للنظام مع انزواء فصيل أحمدي نجاد إلى حد ما لتحاشي أي توترات، بينما الإصلاحيون ليس لهم أي وجود على الساحة خشية ربطهم بغلاة المنشقين.

أكثر من ذلك فإنه خلافا للسباق الرئاسي قبل ثلاثة أعوام لم ينخرط المرشحون في أي مناظرات ساخنة مما أحدث قدرا من الارتباك بين الناخبين بسبب عدم معرفتهم لأوجه الاختلاف بين سياسات المرشحين. بيد أن نتائج الانتخابات سيكون لها فقط على الأرجح تأثير داخلي واقتصادي ولن تؤثر على السياسات الخارجية المثيرة للجدل للبلاد، وهذا راجع إلى أن الزعيم الأعلى علي خامنئي ومستشاريه المقربين هم الذين بيدهم، وليس البرلمان، القرار الذي يتخذ بشأن النزاع النووي مع الغرب وتداعياته السياسية.

ونظرا لاستخدام الحوسبة للمرة الأولى في عملية التصويت، فإنه من المتوقع إعلان نتائج الانتخابات بشكل أسرع من الأعوام السابقة. ومع ذلك رفض المسؤولون تحديد تاريخ دقيق لإعلان النتائج.