المتهمون الأجانب في «قضية التمويل» يغادرون القاهرة مخلفين «ضجة سياسية»

طائرة أميركية خاصة أقلتهم خارج البلاد بعد دفع كفالة مالية.. وواشنطن تعبر عن «قلق متواصل» حول القضية

متهمون في قضية «التمويل الاجنبي» في قفص الاتهام خلال المحاكمة قبل 4 ايام. وتظهر متهمة وهي تقرأ كتابا لجورج اورويل المعروف برواياته عن الارهاب السياسي (إ ب أ)
TT

غادر القاهرة، أمس، 17 متهما أجنبيا في قضية التمويل الأجنبي ينتمون إلى خمس من منظمات المجتمع المدني العاملة بمصر، ووصل المتهمون إلى المطار في خمس سيارات تابعة للسفارة الأميركية وسط حراسة مشددة، تاركين وراءهم ضجة سياسية يقول مراقبون إن نتائجها قد تبقى طويلا.

وكانت طائرة أميركية خاصة قد وصلت، مساء أول من أمس، مقبلة من قبرص في انتظار المتهمين الذين ظلوا محتمين داخل جدران سفارتهم بالقاهرة. وقال شهود عيان إن قيادات أمنية في المطار حرصت على الحضور إلى الصالة رقم أربعة المخصصة لمغادرة الطائرات الخاصة لمتابعة سفر المتهمين الأجانب، كما قامت إحدى الجهات الأمنية السيادية بالإشراف على متابعة إتمام إجراءات السفر بتوجيهات من المجلس العسكري الحاكم في البلاد.

ورفعت محكمة مصرية المنع من السفر، الذي كان مفروضا على النشطاء في القضية التي اتهم فيها 43 ناشطا مصريا وأجنبيا بتلقي تمويلات لأنشطتهم من دون موافقة حكومية، والعمل من دون تراخيص. ونقلت وكالة «رويترز» عن أحد الأجانب، الذين غادروا أمس من مطار القاهرة، قوله: «حرصت القيادات الأمنية في المطار على الحضور إلى الصالة رقم أربعة المخصصة لمغادرة الطائرات الخاصة لمتابعة سفر الأميركيين. كما قامت إحدى الجهات الأمنية السيادية بالإشراف على متابعة إتمام إجراءات السفر بتوجيهات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة».

وتضاربت المعلومات حول عدد المسافرين؛ فبينما قالت بعض المصادر إن عددهم 15، أفادت مصادر أخرى بأن عددهم 17.

وأكدت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، أن عددا من العاملين الأميركيين في المنظمات المؤيدة للديمقراطية التي تمولها واشنطن غادروا مصر على متن طائرة تابعة للحكومة الأميركية. وأوضحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، أن واشنطن سعدت للسماح للعاملين الأميركيين بالمغادرة، لكنها تؤكد أنها ما زالت تشعر بالقلق بشأن التحقيق الذي تجريه مصر مع منظمات المجتمع المدني. وأضافت: «نواصل محاولاتنا العمل بشأن هذه القضايا مع الحكومة المصرية». وأكدت نولاند أن المنظمات الأميركية دفعت كفالة لإطلاق سراح موظفيها.

وفي حين كانت الطائرة الأميركية الخاصة، التي وصلت قبيل قرار رفع الحظر عن المتهمين، أول من أمس، تقلع وعلى متنها 7 أميركيين وصربيان ونرويجيان بالإضافة لأربعة آخرين، بدأت بوادر أزمة بين رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار عبد المعز إبراهيم، ومحمد شكري القاضي الذي كان ينظر القضية قبل تنحيه عنها قبل يومين. وتحولت الأزمة، أمس، إلى حالة من التلاسن بين إبراهيم وشكري، فبينما لمح عبد المعز لوجود علاقة بين نجل الأخير والسفارة الأميركية لا يصح معها نظره القضية، قال شكري إن أحدا لا يملك حق مطالبته بالتنحي، نافيا أي صلة لنجله، الذي يعمل في مجال المحاماة، بالسفارة الأميركية.

ودخل المستشار أحمد مكي، القطب البارز في تيار استقلال القضاء على خط الأزمة قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «تصريحات عبد المعز تعد اعترافا منه بالتدخل في عمل القضاة»، مشيرا إلى أنه لا سلطان لرئيس المحكمة على القاضي.

ولفت مكي إلى أن القانون يعاقب من يتوسط لدى القاضي، حتى لو كان قاضيا، وتسري عليه العقوبة بالحبس أو الغرامة.

ويبدو أن الأزمة مرشحة للتصعيد، فالمستشار أشرف العشماوي، قاضي التحقيقات في القضية، لا يزال يفكر في خطوة للرد على التطورات المتسارعة التي انحرفت بمسار القضية عن سيرها الطبيعي، عقب بدء نظرها، مطلع الأسبوع الحالي. وقال عشماوي لـ«الشرق الأوسط» إنه وزميله في التحقيقات اجتمعا، أمس، لاتخاذ خطوة للتعبير عن تضامنهما مع القاضي شكري، دون الإفصاح عن طبيعة هذه الخطوة.

وفي ردة فعل غاضبة من أعضاء في البرلمان المصري، تقدم النائب محمد عبد العليم داود، وكيل مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان)، ببيان عاجل للحكومة حول رفع الحظر على سفر الأميركيين المتهمين في قضية التمويل الأجنبي، متهما رئيس الوزراء ووزير العدل المصريين بالصمت، وعدم اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه القضية.

وقال قيادي بارز في حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إن الكتلة البرلمانية للحزب لن تدعم أي تحرك بشأن القضية، قائلا: «لا نرغب في استثارة القضاة الذين اعتبروا تدخل البرلمان في قضية مبارك تغولا لسلطة البرلمان»، مشيرا إلى أنه من حق أي نائب أن يقدم بيانا عاجلا.. «لن نستطيع أن نمنع أي نائب من ممارسة حقه».