مسؤول بأمانة دول مجلس التعاون: «درع الجزيرة» لم تبرح مواقعها.. والتدخل في سوريا سياسي وليس عسكريا

وصف لـ «الشرق الأوسط» التعزيزات الأمنية في شمال السعودية بـ«الروتينية» السنوية

جانب من اجتماع الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الذي عقد في جدة أمس (تصوير: غازي مهدي)
TT

أكد لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، أن قوات درع الجزيرة الخليجية لم تتحرك من مواقعها إلى مناطق قريبة من سوريا، مشيرا إلى أن ما حدث في مدينة تبوك شمال السعودية هو مجرد تعزيزات أمنية وصفها بـ«الروتينية» السنوية، متمثلة في إعادة تشكيل القوات السعودية داخل المملكة.

وقال المصدر المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن دول مجلس التعاون الخليجي ما زالت تعمل على الضغط الدبلوماسي والسياسي تجاه القيادة السورية، حيث إن الدعوة إلى التدخل في سوريا هي من الناحية السياسية وليست العسكرية».

ولفت المصدر المسؤول في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، إلى أن دولة قطر تسعى لتحريك المجتمع الدولي من أجل التدخل الأمني، غير أن دول الخليج، بما فيها السعودية، لن تتحرك إلا ضمن مقررات دولية، بحسب قوله.

جاء ذلك على هامش أعمال الاجتماع الأول للهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لدول التعاون الخليجي في دورتها الـ15، الذي انطلق يوم أمس في قصر الضيافة بجدة، حيث شهد جلسات عمل تناولت إقرار جدول الأعمال والتصديق على محضر الاجتماع الثالث من الدورة الـ14، والإحاطة بما تمت موافقة المجلس الأعلى عليه من دراسات قدمتها الهيئة الاستشارية في دورتها السابقة.

كما تضمنت جلسات العمل النظر في تشكيل لجان لدراسة ما أحيل إلى الهيئة الاستشارية من المواضيع المتمثلة في استراتيجية للشباب وتعزيز روح المواطنة، والتوظيف لدول مجلس التعاون الخليجي في القطاعين الحكومي والأهلي، وإنشاء هيئة خليجية موحدة للطيران المدني لدول المجلس، ودراسة الأمراض غير المعدية في دول الخليج، إلى جانب دراسة ضرورات الكونفدرالية الخليجية في ضوء النظام الأساسي لدول مجلس التعاون.

وفي هذا الشأن، كشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي، عن تشكيل هيئة تحوي ثلاثة أعضاء من كل دولة خليجية، حيث قامت بمناقشات أولية للمقترحات المقدمة من قبل دول الخليج حول الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد لتحقيق مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وقال في تصريح خص به «الشرق الأوسط»: «تم الإعداد والاتفاق على أسلوب لدراسة كل المقترحات والآراء المقدمة لتحقيق هذه الرغبة، إذ إن الهيئة المشكلة قدمت تقريرها الأولي إلى المجلس الوزاري لتستمر في دراستها من أجل الوصول إلى توصيات يتم رفعها للمجلس الأعلى ضمن اللقاء التشاوري المزمع انعقاده خلال شهر مايو (أيار) المقبل، وسيكون القرار النهائي بشأن تكوين الاتحاد الخليجي لدى قادة دول مجلس التعاون».

وأبان أن المعوقات التي تقف أمام تحقيق هذا الأمر تخص تنفيذ بعض القرارات التي من شأنها أن تؤدي إلى استكمال الاتحاد الجمركي بين دول الخليج، مشيرا إلى أن تلك المعوقات تتم دراستها والتعامل معها من خلال هيئة مؤلفة من مديري عموم الجمارك بدول مجلس التعاون الخليجي سيبدأ عملها ابتداء من شهر يونيو (حزيران) المقبل.

واستطرد في القول: «ستتعامل تلك الهيئة مع المعوقات التي في طريقها إلى الحل، وتهدف لمعالجة كل المعوقات مع نهاية عام 2014»، مفيدا بأن مجمل هذه المعوقات تتلخص في وجود أفكار مقدمة من بعض الدول الخليجية بشأن توزيع الحصيلة الجمركية وحماية الوكيل وقضايا أخرى متعلقة بالسلع تعد «فنية» وليست سياسية، تفرض على الفنيين في الوقت الحالي معالجتها وتقديم توصيات حولها. في حين اعترف الدكتور محمد الرشيد، رئيس الدورة الـ15 للهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بتخوف بعض الدول الخليجية من إنشاء اتحاد خليجي، مما قد يفقدها الكثير من المزايا، إلا أنه ذكر أن عدم اتحاد دول الخليج سيفقدها كل المزايا.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك معوقات كثيرة أمام إنشاء اتحاد خليجي، ولكن التغلب عليها وتذليلها ليس صعبا، ولا سيما أن التئام دول الخليج بات أمرا ملحا وضروريا في ظل ما تشهده المنطقة العربية من قلاقل واضطرابات».

وأفاد بأن الدول الأوروبية التي شكلت الاتحاد الأوروبي تختلف في لغاتها ومستوياتها الاقتصادية والمعيشية، وعلى الرغم من ذلك تمكنت من تشكيل اتحادها، مؤكدا في الوقت نفسه أن دول الخليج لا تعاني من هذا التباين الكبير، فضلا عن قدرتها على الاتحاد في أمور كثيرة، من ضمنها قضايا الدفاع والقضايا الأمنية وتنسيق سياستها الخارجية.

وحول نظام إعادة تدوير التوظيف بين دول مجلس التعاون الخليجي، أوضح محمد الرشيد أن الدول الخليجية ستستوعب البطالة الموجودة في السعودية، ولا سيما أن الأخيرة تملك كوادر مؤهلة يمكن تصديرها إلى تلك الدول.

وتابع: «الكثير من دول الخليج تستعين بكوادر من غير دول مجلس التعاون الخليجي، ولو تم تسهيل إعادة تدوير التوظيف بين الدول الخليجية فإن السعوديين سيحلون محل هذه الكوادر»، مؤكدا في الوقت نفسه أن المملكة ستكون مصدرة للموظفين أكثر من كونها مستقبلة لهم، بحسب وصفه.

من جهته، أعلن عبد الله بشارة، عضو الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لدول التعاون الخليجي، وجود تصميم للخروج من البطء الذي اتسمت به مسيرة مجلس التعاون الخليجي، واصفا مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بالـ«نسيم البناء» الذي مس الجميع، وأجبرهم على تدارس كيفية التعامل معه، وفتح أجواء في المنطقة والعالم لمناقشة هذا المقترح، وخلق زخما، سواء للذين يريدونه أو الذين يريدون أن يقروه أو من يريدون تأجيله.

وأضاف: «نحن في الهيئة جزء من مسيرة المجلس، والآن نتدارس هذا الوضع المستجد في المنطقة للخروج من التعاون إلى مسيرة فصل آخر نسميه اتحادا أو اتحادا مرنا أو كونفدرالية، فليس مهما الاسم بقدر أننا سنخرج من فصل إلى آخر، ولا أحد يستطيع أن يدير ظهره لهذا الواقع الجديد، وسنتلمس الأفكار في هذا الشأن ونقدم المرئيات للمجلس الوزاري، ليكون أبرز ما نناقشه هو دارسة العوائق التي أخرت مسيرة مجلس التعاون».

وشدد على ضرورة نهوض المجلس والتعامل مع المستجدات والمخاطر الإقليمية الكثيرة التي تهدد الأمن، إضافة إلى مخاطر أخرى تهدد النهج المعتدل، مبينا أن مسألة انضمام كل من الأردن والمغرب إلى دول مجلس التعاون الخليجي ليست مطروحة على جدول الأعمال.