الخارجية السعودية لـ«الشرق الأوسط»: لدينا خطط سرية لحماية الدبلوماسيين

بعد 23 استهدافا للرعايا السعوديين في الخارج

TT

أبدت الخارجية السعودية قلقها إزاء ظاهرة اغتيال رعايا دبلوماسيين في الخارج، معتبرة أن اغتيال أي فرد سعودي من رعاياها أمر يبعث على القلق، خاصة في ظل زيادة أعداد المستهدفين في الآونة الأخيرة.

واعتبرت الوزارة أنها تمتلك الآلية التي تحمي بها موظفيها في الخارج، معتبرة أن ثمة تعليمات دورية غير «معلنة» ترسل لرعاياها بغية حماية أنفسهم وذويهم، وأنها تبقى ضمن الإجراءات السرية التي لا تحبذ الخارجية كشفها خشية اختراقها.

وبحسب السفير أسامة نقلي رئيس الدائرة الإعلامية في الخارجية السعودية في حديث لـ«الشرق الأوسط» فإن الحماية بالعادة توفرها الدول المضيفة، استنادا للأعراف السياسية وبموجب الاتفاقات الدولية، بحيث تقوم تلك الدول بحماية البعثات الدبلوماسية.

وأشار نقلي إلى أن السعودية لديها رجال أمن في تلك السفارات، وفقا لما تتيحه القوانين الدبلوماسية في تلك الدول فيما يختص بحماية السفارات بالتنسيق مع السلطات الأمنية في السلطات المضيفة، موضحا أن الإدارة المختصة في وزارة الخارجية تقوم بإرسال تعليمات دورية أمنية لجميع الموظفين الدبلوماسيين في دول العالم حول الخطوات الأمنية التي ينبغي على الدبلوماسيين تتبعها من وقت لآخر.

وحول ماهية تلك الخطوات التي تحول دون استهدافهم، فضل السفير أسامة نقلي عدم الخوض فيها بحجة أنها تعليمات لو كشفت لفسدت، وحينئذ سيسهل اختراقها، مفيدا أن تلك التعليمات في حال تطبيقها ستكفل بعد الله حماية أنفسهم وذويهم من أي عمليات قد تستهدفهم لا سمح الله.

وحول ما إن كان لدى «الرياض» توجس من تنامي ظاهرة استهداف دبلوماسييها في الخارج، قال المسؤول في وزارة الخارجية السعودية: «إن جهود حماية جميع الدبلوماسيين وموظفي السفارات هي جهود مكثفة، ويجري العمل عليها بشكل يقوم على تدعيم الإجراءات الأمنية الاحترازية»، داحضا التهمة بانعدامها وبأنها غير متوفرة.

وفي رده على سؤال يختص باتساع رقعة القلق جراء وصول حالات الاعتداء لأرقام مرتفعة ضد الدبلوماسيين السعوديين في الخارج، أكد أسامة نقلي أن السعودية حكومة وشعبا تشعر بالقلق لأي فرد يتم استهدافه من رعاياها، فما بالك لو زاد العدد عن ذلك.

ورفض رئيس الدائرة الإعلامية التعليق حول ما إن كانت هناك دول بعينها تقف خلف استهداف الدبلوماسيين السعوديين في الخارج، مفضلا الانتظار حتى كشف حيثيات الاعتداء الأخير على الدبلوماسي خلف آل علي، ومعرفة الجناة الحقيقيين بعيدا عن محاولات أي قراءة مسبقة، ومعرفة دوافعه وملابساته وظروفه.

ودفعت حادثة اغتيال الدبلوماسي خلف آل علي، السكرتير الثاني في السفارة السعودية في بنغلاديش، إلى توجيه جملة من الأسئلة حول مدى الحماية الأمنية التي تتلقاها البعثات الدبلوماسية في الخارج بعد تنامي العدد لأكثر من 23 استهدافا بعضها كان مباشرا وحوادث أخرى شهدت فيها مقرات البعثات الدبلوماسية إطلاق نار وتفجيرات.

أبرز الشخصيات التي شهدت استهدافا مباشرا كانت ضد السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، والذي تم استهدافه في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، حين كشف مسؤولون فيدراليون إحباطهم لعملية إرهابية كبرى كانت تستهدف الجبير، وقفت إيران خلفها، حيث تم القبض على المجرمين وتوثيق اعترافاتهم.

أعنف مشاهد الاستهداف تجلت في اغتيال 3 دبلوماسيين في بانكوك في عام 1990 وهم عبد الله البصري، وأحمد السيف وفهد الباهلي، أثناء عودتهم لمنازلهم، ناهيك عن اغتيال السكرتير الثاني في السفارة السعودية في تركيا عام 1988، مرورا باغتيال حسن القحطاني، دبلوماسي سعودي، في كراتشي من العام المنصرم، في هجوم تبنته طالبان.

وفي عام 2008 قتلت زوجة وابنة الدبلوماسي السعودي في تشاد، بعد إلقاء قنبلة على منزله في «نجامينا»، فضلا عن استقرار رصاصتين في صدر الدبلوماسي حسن العمري في كراتشي عام 1989 لتنقذه العناية الإلهية من موت محقق.

من جانبه قال الدكتور عبد الله البريدي، أستاذ السلوك التنظيمي في جامعة القصيم لـ«الشرق الأوسط» إنه يتعين علينا طرح تساؤل محوري: هل ثمة استهداف للدبلوماسيين السعوديين على وجه الخصوص؟ وإن كان الجواب بنعم: فلم؟ وهل هنالك نسق زمني وجغرافي يؤشر على ازدياد حالات الاستهداف في أزمنة أو أماكن محددة؟ وما دلالات ذلك وما آثارها وانعكاساتها على المدى القريب والبعيد؟ أسئلة حرية بأجوبة مقنعة، ليس ذلك فحسب بل مقنعة ومربوطة بتروس كافية لتفعيلها.

وأفاد البريدي: «أيا كانت درجة الموافقة على فرضية الاستهداف فإنني أعتقد أن الوفود الدبلوماسية السعودية بحاجة إلى أن تتمتع بحزمه متكاملة من الإجراءات الأمنية، ومما لا شك فيه أن تلك الحزمة هي مسؤولية مشتركة بين الحكومة السعودية والحكومات المستضيفة للوفود الدبلوماسية».

واختتم أستاذ السلوك التنظيمي بالقول: «نؤكد على ضرورة التثقيف الأمني لأعضاء الوفد الدبلوماسي، وهذا ما يجب أن ينعكس في البرنامج التدريبي التأهيلي، ليس ذلك فحسب، بل يتعين جعله ضمن فلسفة التعلم المستمر، وكل ما سبق لا يغني من إخضاع هذه الظاهرة المقلقة لدراسة تتبعية تحليلية، فنحن معنيون بالحفاظ على أرواح البشر أولا وهيبتنا السياسية ثانيا».